آخر الأخبارأخبار دولية

حفظ أرشيف ثلاثي الأبعاد لإنقاذ “عمود العار” من حجب السلطات

نشرت في: 03/11/2021 – 18:36آخر تحديث: 09/11/2021 – 16:17

منذ أربعة وعشرين عاما، ينتصب “عمود العار” في ساحة مدخل جامعة هونغ كونغ تخليدا لذكرى ضحايا مجزرة ساحة تيان آن مان. وعندما أعلنت السلطات عزمها إزالة العمود، تحرك عدد كبير من المدافعين عن الديمقراطية للحفاظ على أرشيف رقمي لأحد آخر معالم الذاكرة الجماعية لمناصري الديمقراطية في المدينة.

إنه معلم يعرفه كل الطلبة الذي مروا بمقاعد جامعة هونغ كونغ أو “إتش كي يو” ويتعلق الأمر بـ”عمود العار” وهو نحت برتقالي ضخم يتجمع فيه أجساد ووجوه رجال ونساء وأطفال بتعابير مختلفة بين الخوف واليأس وينتصب في قلب الجامعة.

وكان الفنان الدانماركي ينس غالشيوت قد أعد النصب تخليدا لذكرى ضحايا مجزرة 4 حزيران/ يونيو 1989 عندما قمع الجيش الصيني إحدى أكبر المظاهرات الطلابية المساندة للديمقراطية في تاريخ البلاد وتسبب في حمام دم في ساحة تيانمان في بيكين. وتم طلاء النحت الذي افتتح في سنة 1997 باللون البرتقالي بمناسبة الألعاب الأولمبية في بيكين سنة 2008 بهدف جلب الانتباه بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين.


Au pied du pilier, il est inscrit “les vieux ne peuvent pas tuer les jeunes” et “Massacre de Tian’anmen, 4 juin 1989” en anglais et en chinois.

في قاعدة العمود، تمت كتابة عبارات “الكبار لا يستطيعون قتل الشبان’ و”مجزرة تيانمان، 4 حزيران/ يونيو 1989″ باللغتين الصينية والإنكليزية.

وبعد عدة ضربات تم توجيها للنصب الذي يمثل ذكرى مجزرة ساحة تيان آن مان في سنة 2020 ومن بينها مصادرة السلطات لمحتويات متحف 4 حزيران/ يونيو ومنع إحياء الذكرى وحتى سحب الإشارة إلى الحدث في الكتب المدرسية، ما زال “عمود العار” يقاوم أمام رغبة الصين في حذف الماضي الدموي من الذاكرة الجماعية في هونغ كونغ. ولكن في تشرين الأول/ أكتوبر، طلبت إدارة الجامعة أن يتم إزالة العمود بشكل نهائي.

وهو ما أدى إلى حالة غضب وسط المناضلين من أجل الديمقراطية مثلهم مثل ينس غالشيوت الذي أشار إلى أن إزالة النحت قد يتسبب له بأضرار أو حتى كسره.

صوفي ماك هي مواطنة من هونغ انتقلت مؤخرا للعيش في سيدني بعد أن درست الفنون والحقوق في جامعة هونغ كونغ. وعندما علمت بالمصير الذي ينتظر المعلم، خطرت فكرة لها مع صديقها في صياغة نموذج ثلاثي الأبعاد للنحت بهدف الحفاظ على الأرشيف. وهو ما جعلها تطلق نداء على تويتر للحصول على أكبر قدر ممكن من صور ومقاطع فيديو وقد حصلت على أكثر من ألف منها أرسلها الطلبة من هونغ كونغ الذين تنقلوا للجامعة لالتقاطها أو من صحافيين التقطوا في السابق صورا للعمود.


appel lancé par Sophie Mak. “Chers amis d’Hong Kong, aidez nous à préserver le “pilier de la honte” en nous envoyant vos photos”

أول درس تاريخ لي في جامعة هونغ كونغ كان يتعلق بـ”عمود العار”. لقد تم وضعه في جامعة هونغ كونغ منذ أربعة وعشرين عاما. وهو ما يمثل عمري بالضبط، وهو ما يعني الكثير من الأمور بالنسبة لي. الرغبة في إزالته، تعني طريقة لإعادة كتابة التاريخ وحذف الذاكرة الجماعية مثلما تقوم به السلطات مع أي محاولة للحفاظ على الذاكرة الجماعية في هونغ كونغ.

Quelques-unes du millier de photos reçues par Sophie Mak. © Les Observateurs de France 24

البعض من نحو ألف صورة تلقتها صوفي ماك. صورة مراقبون فرانس24.

وفيما بعد اكتشفت صوفي ماك أن أناسا من هونغ كونغ من مجموعة “لايدي ليبرتي” كان لديهم نفس الفكرة ولكنهم كانوا يملكون خبرة تقنية أكبر. وتستخدم هذه المجموعة التي تم إنشاؤها على الإنترنت في سنة 2019 الفن من أجل جذب الانتباه إلى ما يحدث في هونغ كونغ من خلال لوحات مرئية. وتعتبر “فلاش” الثلاثينية واحدة ممن يقومون من هذا المجهود.

لقد أردنا صياغة نسخة رقمية للمنحوت بهدف الحفاظ عليه في الأرشيف. لقد أردنا الحصول على أكبر قدر ممكن من التفاصيل وصولا إلى تعابير الوجوه الظاهرة فيه. ولذلك، توجهنا مباشرة إلى جامعة هونغ كونغ لالتقاط صور عامة وبانورامية أو تصوير مقاطع فيديو لإدخالها في برامج رقمية مختلف تمكننا من صياغة صورة ثلاثية الأبعاد للنحت.

Image en cours de fabrication. Les logiciels utilisés sont Meshroom pour le gros puis ZBrush pour les détails. Les cadres blancs correspondent à des images de référence. La technique pour créer des images 3D à partir de photos et vidéos s’appelle la photogrammétrie.

Image en cours de fabrication. Les logiciels utilisés sont Meshroom pour le gros puis ZBrush pour les détails. Les cadres blancs correspondent à des images de référence. La technique pour créer des images 3D à partir de photos et vidéos s’appelle la photogrammétrie. © Les Observateurs de France 24

صورة لعملية صياغة صورة ثلاثية الأبعاد طور الإنجاز، والبرمجيات المستخدمة هي “مشروم” بالنسبة إلى الصورة العامة و”زاد براش” بالنسبة إلى التفاصيل. ويتطابق الإطار الأبيض مع الصور المرجعية. ويطلق على تقنية صياغة صور ثلاثية الأبعاد انطلاقا من صور ومقاطع فيديو “المسح التصويري”. صورة مراقبون فرانس24.

“ذلك يظهر بشكل جيد هامش الحرية الصغير المتبقي هنا”

منذ دخول قانون “الأمن القومي” حيز التنفيذ في مطلع تموز/ يوليو 2020 والذي يمكن من القيام بتوقيفات على أسس غير واضحة من “تهديد الأمن القومي” بدأ صوت المعارضين في الخفوت شيئا فشيئا في هونغ كونغ وأجبرت المؤسسات الإعلامية المساندة للديمقراطية على الصمت وتم إيقاف مساندي الديمقراطية وهرب عدد منهم إلى الخارج أو تواروا عن الأنظار لتفادي عقوبات خصوصا المتمثلة بالسجن.

وفي هذا السياق، أصبح من الصعب الحفاظ على الذاكرة الجماعية المطالبة بالديمقراطية ويواصل “فلاش” قائلة:

يختزل “عمود العار” جزءا من حرية التعبير التي كبرنا عليها في هونغ كونغ، عملية إزالته تمثل صورة للوضع الذي أصبحت تعيشه هونغ كونغ. سواء تعلق الأمر بالضغوط أو عملية الرقابة فمن يريدون إزالة العمود يتجهون في نفس مسار سياسة الحكومة. هذا يظهر هامش الحرية الضيق الذي تبقى لنا هنا. هذا الأمر لا يقلقهم وبالتالي يقومون بإزالة العمود.

في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، نظم تسعة أشخاص مظاهرة تخليدا للذكرى أمام “العمود” وتم الحكم عليهم بالسجن لعدة أشهر وتم حل المجموعة التي بادرت بتنظيم المظاهرة.

منشور لمجموعة “لايدي  ليبرتي” HK 香港民主女神 (@hkladyliberty) على إنستاغرام.

“لا يمكن لهم إرسال الآلاف من رجال الشرطة لسحب عمل فني على الإنترنت”

وتأمل كل من صوفي و”فلاش” في حفظ “العمود” في الأرشيف بمتحف افتراضي يمكن لشباب المستقبل مشاهدته بحكم أنهم لن يتمكنوا من رؤية المعلم الرمزي أمامهم بشكل مباشر. ولكن حسب “فلاش”، تبقى الإنترنت هي الأخرى موقعا غير آمن من المخاطر:

يمكن أن يتم حجب الفن على الإنترنت أيضا، حتى وإن كان ذلك يبقى مهمة أكثر صعوبة باعتبار أنه لا يمكن لهم إرسال الآلاف من رجال الشرطة لسحب عمل فني على الإنترنت.

في هذا المتحف الرقمي، يلتحق “عمود العار” بالنصب الأول الذي صاغته مجموعة “لايدي ليبرتي” والذي يمثل متظاهرة معروفة وتم نصبه في هونغ كونغ في سنة 2019 قبل أن تتم إزالته.

وبعد “عمود العار”، لن يتبقى في هونغ كونغ سوى معلم وحيد للتذكير بمجزرة تيان آن مان وهي نسخة من “آلهة الديمقراطية الذي تم وضعه في الجامعة الصينية في هونغ كونغ منذ سنة 2010”

وإلى حدود بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ما زال “عمود العار” منتصبا في الجامعة حسب مراقبتنا رغم أنه كان من المفترض أن تتم إزالته في 13 تشرين الأول/ أكتوبر. وحتى وإن لم تصدر الجامعة بيانا بشأن هذا التأخير، فإن طرح أسئلة قانونية على غرار المبادرة التي أطلقها الفنان ينس غالشيوت الذي يريد الحفاظ على عمله الفني، يمكن أن تكون وراء ذلك.


Dans ce post Instagram du 1er septembre, l’équipe Lady liberty explique qu’ils ont dû détruire les pièces restantes de la statue, sauf la tête exposée au Japon

في هذا المنشور على إنستاغرام في مطلع أيلول/ سبتمبر، يوضح فريق مجموعة “لايدي ليبرتي” أنهم اضطروا إلى تدمير القطع المتبقية من النصب باستثناء الرأس المعروض في اليابان.

//platform.twitter.com/widgets.jshttps://platform.instagram.com/en_US/embeds.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى