إقتصاد وأعمال

“أزمة قرداحي”.. هل تعقد جهود لبنان في تلقي دعم مالي من دول الخليج؟ وما حجم التبادل التجاري؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تعتبر دول الخليج سوقًا رئيسية للبنان الذي يحاول تخطي أزمة اقتصادية خانقة بمساعدة “أشقائه العرب” والجهات الدولية. هل ستؤدي الأزمة الدبلوماسية الأخيرة إلى تعقيد هذه المساعي؟ وكم بلغ حجم التبادل التجاري بين لبنان ودول الخليج؟

دفعت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي السعودية والإمارات والبحرين والكويت إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية بينما أوقفت السعودية، التي يعمل فيها معظم اللبنانيين المقيمين بدول الخليج، الواردات وعمليات الشحن.

وقال ناصر السعيدي، وهو اقتصادي بارز ووزير لبناني سابق، لـCNN بالعربية، إن “وقف الصادرات اللبنانية قد يؤدي إلى تراجع الدخل وإيرادات العملة الأجنبية وخسارة في الوظائف في أكثر القطاعات استخدامًا للعمالة ما سيعمق الأزمة الاقتصادية في لبنان. وباعتقادي من المحتمل أن تشمل الخطوات التالية قيودًا على التحويلات المالية أو حركة الناس بين الخليج ولبنان. ونظرًا إلى أن التحويلات من الخليج تشكل حوالى 60% من إجمالي التحويلات قد يكون ذلك بمثابة رصاصة الرحمة”.

يعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل كبير على تحويلات المواطنين اللبنانيين الذين يعملون في الخليج.

من ناحيته، قال أستاذ العلوم السياسية بالإمارات عبدالخالق عبدالله: “أعتقد من غير المطروح إطلاقًا أن تعاقب دول الخليج الشعب اللبناني أو تسيء له وهذه الدول تدرك تماما كم أن الوضع اللبناني أصبح صعبًا معيشيًا وخدماتيًا واقتصاديًا وعلى كل المستويات ويتجه من سيئ إلى أسوأ”.

واعتبر عبدالله أن تحويلات اللبنانيين العاملين في دول الخليج هي “أمل الشعب”، قائلاً: “نصف مليون يحولون، هناك تحويلات ضخمة شهرية وسنوية تأتي من دول الخليج، وهذه التحويلات هي التي تعتبر كل الأمل لهذا الشعب، وتساعد كثيرا على الإبقاء على الحد الأدنى من الحياة الكريمة”. وأضاف: “على هذا الصعيد، المساعدات الخليجية قائمة وواردة ولن تتوقف رغم الأزمة السياسية”.

ويحاول لبنان، المثقل بالديون، الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي لتخطي أزمة يعاني منها منذ أكثر من عامين أدت إلى تدهور عملته الوطنية وهجرة الآلاف.

وفي رده على سؤال حول احتمال تلقي لبنان مساعدات من الخليج، قال السعيدي إن “الأمور ستكون من دون شك أكثر صعوبة”، داعياً حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى “حل مختلف القضايا العالقة والمثيرة للجدل كأولوية اقتصادية ناهيك عن كونها أولوية سياسية”.

من ناحيته، رأى عبدالخالق عبدالله أن “الحديث ينطبق من الآن وصاعداً على: مع ممن تتعامل دول الخليج؟”، وأضاف أن “دول الخليج تود أن تتعامل مع حكومة وطنية لبنانية وحكومة نجيب ميقاتي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها ليست كذلك، فأي طلب أو دعم مباشر وغير مباشر من دول الخليج، السعودية والإمارات تحديداً، أعتقد سيكون من الصعب على دول الخليج دعم هذه المساعدات والمعونات ومثل هذه الصفقات”.

وتابع بالقول إن “دول الخليج وصلت إلى ما وصلت إليه من قطع العلاقات الدبلوماسية من منطلق أنها لم تعد تتعامل مع حكومة وطنية لبنانية وهذا شأن لبناني، إذا كان هذا خيارهم فليكن ونحترمه، ولكن لدينا رأينا ونقول شكرا لا نستطيع أن نتعامل مع حكومة حزب الله ودولة ذات سيادة ناقصة، أعتقد هذا هو جوهر المشكلة”.

التبادل التجاري بين لبنان والخليج 

ترتكز الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج بشكل أساسي على الخضار والفاكهة والمنتجات الزراعية وعلى الملابس والصناعات الغذائية مثل المعلبات، وفقاً لـمحمد شمس الدين وهو باحث في مركز “الدولية للمعلومات” للإحصاءات في بيروت.

أما الاستيراد من دول الخليج فيشمل بعض المواد الغذائية كالألبان والحليب والزيوت النباتية والزيوت المعدنية للسيارات والحديد.

وأضاف شمس الدين: “كمتوسط سنوي في عامي 2019 و2020 يمكننا أن نقول إن لبنان استورد من دول الخليج سلعًا وبضائع بقيمة 1.546 مليار دولار وصدّر سلعًا وبضائع بقيمة 923 مليون دولار”.

ولا تقتصر العلاقة بين دول الخليج ولبنان على التبادل التجاري، فلطالما اعتمدت السياحة اللبنانية بشكل أساسي على السياح الخليجيين الذين اشترى الكثير منهم منازل في العاصمة والقرى الجبلية اللبنانية. 

وأشار شمس الدين إلى تراجع السياحة في لبنان بعد حرب سوريا وأزمة كورونا، لكنه أوضح أنه “قبل عام 2016 شكّل السياح العرب من دول الخليج حوالى 30% من السياحة في لبنان وإذا ظلت العلاقة متردية لن يأتوا إلى لبنان مجددًا”.

من ناحيته، رأى السعيدي أن “الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وبعض الدول الخليجية تشهد تصعيدًا سريعًا قد يتحول إلى عقوبات اقتصادية بما في ذلك منع المواطنين الخليجيين من زيارة لبنان ووقف الواردات”. ووصف السعيدي الأمر بالـ”مدمر” نظراً إلى أهمية السوق الخليجية للبنان.

وقال السعيدي: “من خلال عرض تفصيلي للصادرات باستثناء سويسرا التي يصدر لها لبنان المجوهرات والمعادن الكريمة ولكنه ليس سوقا كبيرة من حيث الوظائف، تعتبر الإمارات والسعودية وعُمان السوق الرئيسية للبنان من حيث المنتجات الزراعية وبعض المنتجات الصناعية والأدوية”.

وذكر السعيدي، مستندًا إلى بيانات حول حركة التجارة صدرت عن صندوق النقد الدولي، أن الصادرات اللبنانية إلى السعودية شهدت تذبذبًا في السنوات الأخيرة لكنها تراجعت في العام الماضي عن أعلى مستوى وصلت إليه عام 2012 نتيجة تراجع النمو الاقتصادي في المنطقة ولبنان. وأدى الانخفاض في دخل الدولة والاستهلاك إلى تراجع الوارادات من السعودية بين العامين 2018 و2020.

وفيما يلي حركة الواردات والصادرات بين لبنان والسعودية والإمارات، أول وثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي:

بلغ حجم الصادرات اللبنانية إلى السعودية عام 2020 حوالي 229.7 مليون دولار مقابل 262.6 مليون دولار عام 2019  فيما الصادرات اللبنانية إلى الإمارات 583.8 مليون دولار عام 2020 مقابل 700.9 مليون دولار عام 2019. وبالنظر إلى الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 1.090 مليار دولار عام 2020 مقارنة بـ1.24 مليار دولار عام 2019.

وفيما يتعلق بالواردات من السعودية بلغت 183.4 مليون دولار عام 2020، و347.6 مليون دولار عام 2019. أما الواردات من الإمارات فبلغت 633.7 مليون دولار عام 2020 و566.22 مليون دولار عام 2019. وبالنظر إلى واردات دول مجلس التعاون الخليجي فبلغت 1.028 مليار دولار عام 2020 و1.54 مليار دولار عام 2019.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى