تكنولوجيا

هجمات الدهس بالسيارات.. ما سبب تكرارها؟ – DW – 2025/4/29

في أحدث هجوم دهس، قُتل السبت (26 أبريل/نيسان 2025) العديد من الأشخاص بعدما صدمت سيارة حشدا في مهرجان شعبي في فانكوفر بكندا.  يُقام هذا المهرجان، المعروف باسم “يوم لابو لابو”، سنويا من قِبل الجالية الفلبينية في المدينة للاحتفال ببطل وطني قاوم الاستعمار الإسباني.

أُلقي القبض على رجل يبلغ من العمر 30 عاما عقب الهجوم، ورغم عدم تحديد الدوافع، إلا أن الشرطة المحلية أكدت أن الهجوم ليس إرهابيا.

بغض النظر عن الدافع، وكما هو الحال في هجمات أخرى حديثة، فإن استخدام المركبات كأسلحة يطرح سؤالا مهما: لماذا السيارات؟

حجم السيارات وسرعتها وقدرتها على المناورة تجعل منها قاتل محتمل. في السنوات الأخيرة، ازداد استخدامها لغرض الدهس وقتل الناس. صارت السيارات سلاحا معتمدا في الهجمات الإرهابية خلال سلسلة من الحوادث في إسرائيل مثلا، وسط صراع مستمر هناك منذ أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

كما شجّع تنظيم “الدولة الإسلامية” استخدام المركبات لصدم الأشخاص في الأماكن العامة خلال الفترة نفسها. في أوروبا، كانت هجمات نيس بفرنسا، حيث قُتل 86 شخصًا في هجوم بشاحنة، وأيضا في جسر وستمنستر في لندن وبرشلونة وبرلين، كانت كلها من بين أكثر الحوادث دموية.

كما استُخدمت السيارات في سلسلة من الهجمات في الصين وفي العديد من الحوادث البارزة في الولايات المتحدة.

في حين أن العديد من هذه الهجمات كانت لها دوافع دينية وسياسية، إلا أن هذا ليس هو الحال دائمًا، فحتى الحوادث التي تحصل في أوقات متقارب قد لا تكون مرتبطة.

سيارة تصدم حشدا عند طريق الوصول إلى جسر الراين، في وسط مدينة مانهايم، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة آخرين، تم القبض على السائق المشتبه به، وفقا للشرطة.
أثارت سلسلة من الهجمات باستخدام سيارات الدهس في المدن الألمانية مخاوف من وقوع حوادث مماثلةصورة من: Boris Roessler/dpa/picture alliance

ينطبق هذا على سلسلة حوادث دهس وقعت مؤخرا في ألمانيا ولم يكن لها أي دافع إيديولوجي مشترك. فقد كان منفذ  هجوم ماغدبورغ  في ديسمبر 2024 مواطنا سعوديا ذو معتقدات معادية للإسلام.

بينما قد يكون للمشتبه به في  العملية القاتلة التي وقعت في ميونيخ في فبراير الماضي دوافع دينية، وفقا للادعاء العام. أما المشتبه به في هجوم مانهايم في مارس، الألماني المولد، فليس له تاريخ في التطرف. لكن القاسم المشترك بين كل هذه الهجمات هو استعمال السيارة لتنفيذ الهجوم.

تقليد الهجمات

في عام 2018، شارك عالم الاجتماع فينسنت ميلر من جامعة كينت البريطانية، وكيث هايوارد، أستاذ علم الإجرام في جامعة كوبنهاغن، في تأليف دراسة حول طبيعة حوادث الدهس بالسيارات، واعتبرا بأن مثل هذه الحوادث تقدم نموذجا للآخرين لتقليده، بغض النظر عن الدافع الإيديولوجي. وأشار ميلر إلى الأحداث الأخيرة التي وقعت في الصين، والتي وُصفت بأنها هجمات “انتقامية من المجتمع” وأدت إلى الحكم على الجناة بالإعدام.

وقال ميلر في تصريحات لـ DW: “غالبًا ما يكون مرتكبو هذه الهجمات مستائين للغاية، إذ يسود شعور بالظلم والغضب”. في أعقاب هذه الهجمات، قد لا توجد أدلة قاطعة على وجود دوافع سياسية أو دينية. وأضاف ميلر: “غالبًا ما تكون هذه الهجمات عفوية أو مُدبّرة على عجل”.

ويشرح ميلر قائلا: “إنهم أفراد متنوعون للغاية، قد يكون بعضهم متطرفون، وبعضهم ناشطون يمينيون، وبعضهم يعاني من مشاكل نفسية. من الصعب جدًا تحديد هوية واضحة للجناة. القاسم المشترك الرئيسي بينهم هو الفعل نفسه”.

حتى بعد سبع سنوات من كتابة بحثهما، لا يزال ميلر متمسكا بأن القاسم المشترك الأكبر بين هذه الهجمات هو التعرض للفعل. أما العوامل النفسية الكامنة وراءها، فليس من السهل تحديدها حسبه.

يقول الباحث: “يصبح التعبير عن غضب الناس، لا شعوريا، جزء من خياراتهم، ويتعرضون له من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.

ما الذي يمكن فعله لمنع مثل هذه الهجمات في المستقبل؟

شاركت بولين بايل، المتخصصة في الأمن الدولي في مؤسسة الأبحاث “راند أوروبا”، في إعداد تقرير صدر عام 2022 عن المفوضية الأوروبية، يستكشف سبل منع هجمات الدهس بالسيارات.

قالت بايل في تصريح لـ DW: “من الصعب فهم الدوافع، وما إذا كان هناك نمط محدد، أم أنها مجرد مجموعة من الأحداث المنعزلة”.

ضباط خدمة إبطال القنابل يعملون على إزالة مركبة متضررة عند طريق الوصول إلى جسر الراين. بعد وقوع حادث سيارة في وسط مدينة مانهايم والذي أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة آخرين، تم القبض على السائق المشتبه به، بداية سنة 2025
حادث سيارة في وسط مدينة مانهايم والذي أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة آخرينصورة من: Boris Roessler/dpa/picture alliance

“لا أعتقد أن هذا تهديد خاص بأوروبا، ومن الناحية النفسية، أعتقد أنه يعتمد بشكل كبير على نوع الدوافع والأهداف السياسية لمرتكبي الهجمات”.

بحث تقرير مؤسسة راند في كيفية تقييد الوصول إلى السيارات عبر برامج التأجير أو برامج تبادل البيانات بين الأصدقاء، والتي استخدمها المشتبه بهم في هجمات وقعت في الولايات المتحدة: وفي حادثة الدهس في نيو أورلينز، وفي انفجار لاس فيغاس.

قد يكون رفع القيود على استئجار السيارات إجراء مفيدا. كما أن فرض شروط أقسى للتحقق من الهوية، ودفع ودائع مالية من الخيارات المتاحة.

السياج الجغرافي، هي تقنية تستخدم بيانات الموقع، مثل تلك المستمدة من نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، لتحديد حدود افتراضية للسيارات حول منطقة معينة، يمكن للسلطات تطبيقها على السيارات الذكية، وقد تمنع هجمات الدهسفي المستقبل.

ولكن لكي تنجح هذه التقنيات، يجب تحديد موقع الحادث بسرعة لمنع وقوع خسائر في الأرواح. كما قد تكون إعادة تصميم المناطق الحضرية، من أبسط الطرق لمنع هجمات الدهس بالسيارات.

تشير باي إلى فصل الطرق عن الأرصفة كحل، وأوضحت الفكرة قائلة: “أشياء تُصعّب على السيارات الوصول إلى أماكن معينة. وجدت هذا مثيرا للاهتمام من حيث التفكير في المساحات العامة، والتأكد من أنها صالحة للاستخدام من قِبل المواطنين العاديين، كما يُمكن أن تُساعد في حفظ سلامتهم”.

تُعدّ الأعمدة أحد الخيارات الشائعة الاستخدام في المناطق المبنية، على الرغم من أن باي قالت إن فعالية الحواجز المادية غير مضمونة.

“الحواجز المادية.. يمكن أن تكون رادعة، ولكن من الصعب معرفة ما إذا كان هذا هو الحال، أو ما إذا كان الناس سوف ينتقلون إلى بعض الوسائل الأخرى لممارسة العنف”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى