زواج القاصرات في لبنان.. إلى ارتفاع!

قبل الأزمة، عام 2018، نفّذ «التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني» بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة إنقاذ الطفولة استطلاعاً للرأي في لبنان حول «ظاهرة تزويج الطفلات والأطفال»، شمل 1200 شخص، وأظهر معارضة واسعة (84%) للزواج المبكر الذي اعتبره 80% «جريمة بحق الفتيات». وحدد 97% السن الأنسب لزواج الفتاة فوق الـ 18 عاماً، 3و% بين 15 و17 سنة. وكان من هم فوق الـ 56 سنة الفئة العمرية الأكثر تأييداً للزواج المبكر».
إذا كانت القوانين ترفض منح من هم دون الـ 18 رخصة قيادة سيارة فكيف تمنحهم رخصة قيادة عائلة؟
تحترم سمعان العادات والتقاليد «شرط أن لا تكون مؤذية». وعن دور الزواج المبكر في الحدّ من الانزلاقات الاجتماعية، تسأل: «من قال إنّ الفتاة عند سن البلوغ يكون همّها إقامة علاقات جنسية؟».
في المقابل، يأخذ أنصار التيّار «الأخلاقي» على رافضي الزواج المبكر أنهم «أساساً مؤسسات مجتمع مدني لا يحترمون ثقافتنا ويريدون فرض نماذج غربية علينا، ونعرف فساد هذه النماذج أخلاقياً»، مشيرين إلى أن «فكرة زواج القاصرات تأتي لدى هؤلاء في وعاء جاهز مع عبارات رنّانة كالحرية والحقوق والنسوية». أما في ما يتعلق بالعنف الأسري والطلاق وعدم نجاح المؤسسة الزوجية، «فكلها ظواهر تحصل بعد زواج مبكر أو متأخر».
الرأي الديني
لا يحاور المجتمع المدني، غالباً، المرجعيات الدينية حول مسألة زواج القاصرات لأنه يحصر علاقته بالدولة، فيما لا يمكن تجاوز سلطة هذه المرجعيات التي تترجم في مجلس النواب لدى مناقشة موضوع كهذا.
يدعو الشيخ حسين الخشن المحاكم الشرعية إلى إعادة النظر في سنّ الزواج المعتمدة (9 سنوات) لأنّ «النص الشرعي ليس مرجعية جامدة، والعقل الفقهي ليس مقفلاً، بل يفتح آفاقاً جديدة أمام المشكلات الاجتماعية». ويؤيّد «الاتجاه الفقهي القويّ الذي برز أخيراً، الرافض للزواج تحت سنّ البلوغ البيولوجي الطبيعي، حيث لا تكون الفتاة مؤهلة للإنجاب، وقبل امتلاكها وعياً ورشداً اجتماعيين لتعي مسؤولياتها، ولا سيما في ظلّ الحياة المعاصرة وتعقيداتها».
يرفض الخشن الإصرار على الرقم 18 كسنّ أدنى للزواج، «فأصحاب هذا الطرح ينطلقون من خلفية ثقافية لا تشبهنا ويستنسخون قوانين غربية، ويريدون تطبيقها في بيئتنا رغم اختلاف الثقافات والبيئات». ويناقش: «من حدّد أن سنّ النضوج هو 18 عاماً؟ ومن قال إن ارتباط سنّ الزواج بسنّ اكتساب الأهلية القانونية المحدد من قبل المشرّع الوضعي مقدس ولا يخضع للنقاش؟ هذه مسألة تخضع لعناصر عدة، منها تأثير الزواج على صحة المرأة الجسدية والإنجابية، وقدرتها على النهوض بأعباء الزواج التربوية والاجتماعية، لذلك تتطلب دراسة معمّقة مع جهات مختلفة، على رأسها المرجعيات الدينية، ومتخصصون تربويون واجتماعيون وقانونيون، مع الأخذ في الحسبان ثقافتنا وخلفيتنا الشرقية المتديّنة». برأيه، «يتأرجح الحد الأدنى لسن الزواج بين الـ 15 والـ 18 عاماً، مع مراعاة الاستثناءات، فقد تكون ابنة الـ 16 غير مؤهلة للزواج بشهادة أهل الاختصاص والخبرة».
ويردّ الخشن على ربط زواج القاصرات بالحشمة وحفظ الشرف والخوف من العار بأنها «ذهنية جاهلية يرفضها الإسلام»، منتقداً «زجّ النساء في أقفاص الزوجية في سنّ مبكرة مخافة العار، لأن الحشمة ليست ضريبة على المرأة فقط»، مشدداً على أنه «ليس لدينا عقدة من الغريزة الجنسية، ولا ننظر إلى البنت على أنها عورة يجب أن نسترها، لكن، الحالة الطبيعية للجنسين تفرض مقتضيات أخلاقية لدى سنّ البلوغ وتحرك الرغبة الجنسية، وحتى لا يوضع الشاب أو الفتاة – من هو فوق سنّ البلوغ الطبيعي وقبل الـ 18 عاماً – بين حدّين: كبت هذه الغريزة أو تفلّتها من كلّ عقّال»، يطرح الشيخ الخشن «أن يُصار إلى إبرام عقود مؤقتة (عند من يؤمن بشرعية ذلك) كمقدمة للزواج، ضمن حدود معينة متفق عليها تسمح بتعارف الطرفين إلى حين بلوغ السن القانونية 18 من دون الوقوع في المحرّمات. هذه العقود شرعيّة وفق المذهب الشيعي، فما المانع من أن يُستفاد منها في التمهيد لعملية الزواج؟ لكن المشكلة أن النظرة العامة لهذه العقود لا تزال سلبية، لذلك تمارس العلاقات في إطار هذه العقود سرّاً وتبقى هذه الحالات غير شائعة».
مصدر الخبر
للمزيد Facebook