آخر الأخبارأخبار محلية

لماذا صيغ البيان الرئاسي بهذا الغموض؟

من تسنى له الاطلاع على بيان تكتل “لبنان القوي”، الذي حضر اجتماعه الرئيس السابق ميشال عون، لم يفهم بالطبع ما جاء في بنده الأول المتعلق بالاستحقاق الرئاسي، ولم يتمكن جهابذة اللغة العربية من فك طلاسم هذا البيان، الذي قال الكثير، ولكنه لم يقل في الوقت نفسه شيئًا، فزاد على غموضه غموضًا، ولم يُعرف في نتيجة البحث والتمحيص ماذا أراد أن يقول التكتل، خصوصا أن بلبلة حصلت داخل الاجتماع حول الخيارات الرئاسية، حيث  عُرِضَت “بالتفاصيل الخيارات والتوجهات السياسية المطروحة، وأدلى النواب بآرائهم حيث تم في النهاية التأكيد على المسار المتفق عليه سابقاً والذي يقوده رئيس التكتل لجهة التوافق مع المعارضة على مرشح لرئاسة الجمهورية يتمّ الإعلان عنه بعد تحديد الاحتمالات واكتمال المشاورات في ما يخصّ البرنامج وآلية الانتخاب وتأمين أوسع تأييد نيابي له على قاعدة التوافق وليس الفرض. وإذا تعذر ذلك التوجه الى تنافس ديمقراطي عبر التصويت في مجلس النواب”.

فالذين قرأوا هذا البيان مرّة واثنتين وثلاثًا لم يتمكنوا من معرفة ما إذا كان رئيس التكتل النائب جبران باسيل، الذي يقف وراء هذا البيان – الحزورة، هو مع أم العريس أم مع أم العروس، وتساءلوا من جديد اذا ما كان قد قرر أن يضع كل بيضاته في سلة المعارضة، أم أنه لا يزال يلعب لعبة “القطة والفأرة”، أو لعبة “رجل في فلاحة المعارضة وأخرى في بور “حزب الله”.وفي رأي بعض القوى المعارضة أن باسيل، الذي تعترضه مشكلة داخل تياره، لا يزال ينتظر اشارات معينة من حليفه القديم، التي لن تأتيه على الارجح، ولكنه لا يزال يأمل من خلال مواقفه الرمادية أن يبقى في المنطقة الوسطى، التي يعتقد أن بوجوده فيها سيتمكن من فرض شروطه، أو بالأحرى تحسينها، بما يخدم أهدافه، التي لم تعد خافية على أحد.
وفي رأي بعض الأوساط السياسية المحايدة أن باسيل المعروفة عنه مهارته في اللعب على ألف حبل وحبل، يريد أن يحقق من وراء هذا البيان الغامض ثلاثة أهداف في وقت واحد.
الهدف الأول، إخفاء الخلاف الحاصل داخل تياره حول المرشح المحتمل، الذي يمكن أن يحظى بأوسع مروحة تأييد، سواء من المعارضة أو من خارجها، وبالأخصّ النواب غير الملتزمين عقائديًا مع “حزب الله”.  
ويقول بعض العارفين بما يهدف إليه باسيل لناحية رفضه ترشيح أحد من أعضاء التكتل أنه لا يريد “تنفير” الآخرين، الذين لديهم حساسية على أي اسم قد يرشّحه “التيار”، إضافة إلى أن طرح أي اسم في المطلق قد يخلق له مشاكل أكثر بكثير مما قد يتوالد من خلال طرح مرشح من خارج “التيار”، وذلك لاعتبارين اثنين لا ثالث لهما، وهما أن لا أحد أحقّ من رئيس “التيار” للرئاسة الأولى، وثانيًا لأن ثمة طامحين كثرًا من قلب “التيار”، وهذا الأمر قد يقود إلى تنافر غير مستحب بين هؤلاء الطامحين والمؤيدين لهم.
ثانيًا، أن الغموض الذي شاب البيان الذي طال انتظاره أتى لذرّ المزيد من الرماد في عيون الجميع، بمن فيهم من يجب أن يتحالف معهم حول اسم واحد ووحيد. وهذا ما دفع الذين يفاوضون من تحت الطاولة يتمهلون في اندفاعتهم ريثما يتم فرز الخيط الرئاسي الأسود من الخيط الأبيض.
ثالثًا، يعتبر الذين لا يزالون يراهنون على أن باسيل سيعود إلى موقعه الأساسي في الخيارات الكبرى أن ما يُشتّم من هذا البيان – الفخ هو ما يجعل “الحلفاء الجدد” يعدّون لـ “العشرة” قبل الاقدام على أي خطوة تحالفية، مع ما يستتبع ذلك من إجراءات تفصيلية قد تؤخرّ عمليًا عملية وضع النقاط على الحروف في شكل نهائي وأكيد.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى