آخر الأخبارأخبار محلية

بين الخماسية والاعتدال.. أين أصبحت المبادرات الرئاسية؟!

بعد فترة طويلة نسبيًا من الأخذ والرد بين حراك سفراء المجموعة الخماسية المعنيّة بالشأن اللبناني، وتحرّك كتلة “الاعتدال” على خط الملف الرئاسي، وجدل “تكامل” الدور بينهما أو “تناقضه”، عاد الاستحقاق إلى مرحلة “الجمود” بأتمّ معنى الكلمة، على وقع الانشغال مجدّدًا بالوضع في الجنوب، وبالتوازي المفاوضات الدائرة في المنطقة على خطّ “ترتيبات” اليوم التالي للحرب، على الصعيدين الفلسطيني واللبناني.

Advertisement










 
هكذا، تراجع من جديد الاهتمام بالملفّ الرئاسي، في ضوء ما يشبه “الاستراحة غير المُعلَنة” لحراك “الخماسية”، وما يشبه “الانكفاء” الذي تمارسه كتلة “الاعتدال”، التي تبدو مبادرتها “مجمّدة” بانتظار لقاء يجمعها مع “الخماسية” لبحث بعض الآليات، والأفكار المرتبطة ببعض التفاصيل كالحديث عن أن تأتي الدعوة إلى الحوار أو التشاور، من “الخماسية” مباشرة، بدلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري أو غيره.
 
لكنّ تعليق “الجمود” على مثل هذه التفاصيل التي يراها البعض “شكليّة” ليس إلا، لا يبدو مقنعًا لكثيرين، ممّن يتحدّثون عن أسباب وتفسيرات أخرى لهذا “الجمود”، من بينها اقتناع كلّ الأطراف بأنّ الظروف “غير ناضجة” لانتخاب رئيس للجمهورية، ورفضها في الوقت نفسه الاعتراف “بالفشل والإخفاق”، الذي قد تكون أضراره أكثر من فوائده، فهل يمكن القول إنّ “المبادرات الرئاسية” بالجملة أصبحت “في خبر كان”؟!
 
“الأولوية” للجنوب
 
يقول العارفون إنّ القناعة المتزايدة بانّ الظروف “غير ناضجة” لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في الوقت الحالي، تقابلها “قناعة” أخرى آخذة بالترسّخ على المستويين الداخلي والدولي، بأنّ “الأولوية” اليوم ليست لرئاسة الجمهورية، بل للوضع في الجنوب، خصوصًا في ظلّ أجواء توحي بـ”حسم قادم”، سواء لجهة “التهدئة” التي قد تنجم عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أو “السخونة” التي قد تواكب بدء عملية عسكرية في رفح.
 
ومع أنّ مثل هذه القناعة قد تؤشر في مكان ما إلى “تبنّي” المجتمع الدولي بصورة أو بأخرى، لمعادلة “حزب الله” القائمة على الترابط بين مختلف الجبهات، ولو أنّه “يحيّد” في خطابه الإعلامي الرئاسة عن هذا “الترابط”، يشدّد العارفون على أنّ المعنيّين بالشأن اللبناني وصلوا إلى قناعة بأنّ أيّ “ليونة أو مرونة” لا يمكن أن تُرصَد على خطّ الرئاسة، قبل انتهاء الحرب، في ظلّ رهانات على متغيّرات قد تحدثها نتائجها على هذا الصعيد.
 
وثمّة من يذهب أبعد من ذلك بالإشارة إلى أنّ المناخ الداخلي المتشنّج يعزّز هذه “القناعة”، إذ إنّ الأفرقاء اللبنانيين “يتصلّبون” أكثر فأكثر بمواقفهم، وكأنّهم “غير مستعجلين”، وهو ما يتجلى في الاشتباك المتصاعد بين معسكر “حزب الله” من جهة، المتمسّك بمرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية حتى الرمق الأخير، والمعارضة التي ما عادت تطلب جلسات انتخابية، بقدر ما تتحمّس لرفع السقف في مواجهة “حزب الله”، قبل أي شيء آخر.
 
هل فشلت المبادرات؟
 
بموازاة هذه القناعات الواضحة، يبدو واضحًا أيضًا أنّ القيّمين على المبادرات القائمة، وتحديدًا “الخماسية” و”الاعتدال” يرفضان إعلان انتهاء مساعيهما، وبالتالي الفشل والإخفاق، للكثير من الأسباب والاعتبارات، بينها ما يعني أعضاء “الخماسية” الذين يقول البعض إنّهم وجدوا في تحرّك “الاعتدال” خشبة الخلاص للصمود رغم كلّ الصعوبات والمعوّقات التي اصطدموا بها، ولم تنفع في تبديدها كل الاستراتيجيات والتكتيكات.
 
وإذا كان البعض ينتقد المبادرات القائمة التي تحوّلت في مكان ما، إلى مجرد “جولات استطلاعية”، يتنقّل خلالها الوسطاء بين مختلف الأفرقاء، فيستمعون إلى وجهات النظر “المتباعدة”، من دون أن يحقّقوا أي “خرق” يمكن البناء عليه، يقول العارفون إنّ الأساس في كلّ ذلك يبقى في “إثبات الوجود” بانتظار أن تأتي “اللحظة المناسبة”، التي تنضج معها الظروف، ليلعب عندها الوسطاء الدور “المسهّل” الذي يريدونه.
 
وبالموازاة، يلفت العارفون الانتباه إلى حديث وزير الخارجية الفرنسي الأخير خلال زيارته إلى بيروت، حين شدّد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، حتى يكون لبنان حاضرًا على طاولة المفاوضات، وأكّد في الوقت نفسه أنّ الكرة تبقى في ملعب اللبنانيين، لأنّ المجتمع الدولي لا يمكن أن “يملي” عليهم مرشحًا محدّدًا للرئاسة، وهو موقفٌ مكرّر برأي الكثيرين، ممّن يلفتون إلى أنّه يستعيد معادلة “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم” الشهيرة.
 
في النتيجة، يقول البعض إنّ ما يمكن فهمه من “الجمود” على خطّ المبادرات الرئاسية، معطوفًا على كلام وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى بيروت، يدلّ على وجود “قناعة” بأنّ ظروف الانتخابات الرئاسية لم تنضج بعد. إلا أنّه يدلّ في الوقت نفسه، على أنّ الاستحقاق، إن لم يكن يشكّل “أولوية” للمجتمع الدولي الآن، سيصبح “أولوية” بمجرّد التوصل إلى اتفاق في الجنوب، من أجل المضيّ بالمفاوضات بوجود رئيس…


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى