آخر الأخبارأخبار محلية

تهديد الوجود المسيحي… خيالات سياسية مستهلكة!

كثرت الاحاديث في الآونة الاخيرة من قِبل بعض القوى المسيحية وتحديداً “التيار الوطني الحرّ” عن أنّ الوجود المسيحي السياسي بات في خطر، الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات حول مدى جدّية هذه التصريحات ومدى دقّتها، حيث اتّجه البعض الى القول  بأنّ مثل هذا الكلام لا يعدو كونه “خيالات” للاستهلاك المحلّي والحزبي الضيّق، لكنّ البعض الاخر اعتبر أن ما يتردّد من قِبل هذه القوى يُبنى عليه في الحياة السياسية اللبنانية على اعتباره المحرّك الأساسي للشارع المسيحي حيث ترتكز عليه الأقطاب المسيحية لشدّ العصب الشعبي واتخاذ المواقف السياسية الملائمة. 

عملياً من المعلوم ان المسيحيين قد تقدّموا بشكل كبير في السياسة في خلال السنوات الفائتة، وذلك منذ خروج رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع من السجن وعودة العماد ميشال عون من منفاه. هذا التقدّم تجلّى من خلال تمثيلهما في مجلس الوزراء، إذ باتت الغالبية العُظمى من الوزراء المسيحيين تمثل القوى الحزبية والشعبية بمختلف مشاربها بعكس ما كان عليه الواقع سابقاً. كما أن القانون الانتخابي أنصف المسيحيين فأصبح بإمكانهم إيصال عدد كبير من نوابهم بأصواتهم، حتى أن عدد المسيحيين الذين يصلون الى مجلس النواب بأصوات غير مسيحية يوازي تقريباً عدد اصوات المسلمين التي يستطيع المسيحيون ايصالهم الى البرلمان، وهذا الامر فرض توازناً ما داخل السلطة شمل التعيينات في مرحلة سابقة.

لكن لدى الحديث عن تلك المرحلة وعن مرحلة الفراغ الرئاسي تصبح هواجس بعض القوى المسيحية عن تهديد الواقع المسيحي أمراً مبالغاً به، إذ إن ما يهدد الوجود المسيحي السياسي ليست القوى السياسية المسلمة التي تحاول بشكل أو بآخر تحقيق مكاسب سياسية لا علاقة لها بالصلاحيات أو التمثيل، حتى أن ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ليس من شأنه أن يُضرّ القوى المسيحية بشيء.

فإذا ما انطلقنا مثلا من نظرية “الرئيس القوي”، فإن فرنجية بلا شكّ أحد الممثلين الاربعة الذين اعترفت بهم بكركي، وعليه فإن تكتّل احزاب وقوى سياسية ذات غالبية إسلامية خلف دعم فرنجية ليس له أيّ تأثير على الحضور المسيحي داخل مجلس الوزراء الذي سيكون بشكل أكيد من حصّة القوى المسيحية المُمَثّلة في البرلمان وهي “القوات” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحُرّ” وبعض الشخصيات المُستقلّة ذات التمثيل المناطقي ولن يؤثّر أيضاً على قانون الانتخاب بحدّ ذاته.

لذلك فإن رفع بعض الأحزاب المسيحية وتحديداً “التيار الوطني الحر” لشعار استهداف المسيحيين وحقوقهم ليس إلا استهلاكاً محلياً خصوصاً أن الشكل العام للانقسام في لبنان حول الملفّ الرئاسي أو غيره من القضايا يخدم هذه النظرية ويسهّل على القوى المسيحية إظهار مظلوميتها وشدّ العصب الشعبي سيّما بعد أن دفعت أثماناً باهظة بعد حراك 17 تشرين الاول 2019 الذي أثّر بشكل مباشر على الأحزاب المسيحية في لبنان.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى