آخر الأخبارأخبار دولية

إنقاذ مذهل لأشخاص عالقين تحت الأرض يلقي الضوء على مخاطر العمل بمناجم الذهب

نشرت في: 05/04/2023 – 15:05

وسط تصفيق عشرات العمال، تناوب الرجال على حفر الأرض لإخراج عشرة عمال منجميين عالقين. وفي النهاية، تم إنقاذ تسعة عمال منجميين بدائيين على الأقل في منطقة نيانغي بمحافظة جنوب كيفو شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في 24 آذار/ مارس الماضي بعد أن قضوا أكثر من 18 ساعة تحت الأرض. وألقت عملية الإنقاذ هذه -التي تم تصويرها وتناقلها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي- الضوء على المخاطر التي يواجهها عمال المناجم البدائية في البلاد. ولم يتم تسجيل أي حالة وفاة حسب حصيلة موقتة.

جاء رجل لمد يد العون وتسلم مجرفة لحفر الأرض وثم خرج أول عامل منجمي من تحت الأرض قبل أن يتبعه 8 آخرون بدون أن نفهم بالضبط من أين جاؤوا. تم تصوير هذا المقطع المذهل بعد ظهر يوم 24 آذار/ مارس الماضي في هضبة ميتوندو بمنطقة نيانغي التابعة لمحافظة فيزي (أو جنوب كيفو) وحصد منذ نشره عشرات الآلاف من المشاهدات على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

وحسب شهادات جمعها فريق تحرير مراقبون فرانس24، دخل هؤلاء الرجال في هذا النفق بحثا عن الذهب الوفير تحت هذه الهضبة الكبيرة. عند الساعة العاشرة من الليلة السابقة، بدأت الأمطار بالتهاطل ما أدى إلى إنزلاق أرضي ترك عشرة رجال -بينهم تسعة ظهروا في مقطع الفيديو- عالقين إلى غاية بعد ظهر اليوم التالي، عندما تحسنت الظروف المناخية وأصبحت مواتية لتنظيم عملية إنقاذهم.

“تطلب الأمر حفر مساحة كبيرة من الأرض، وأخذت منا العملية عدة ساعات”

باتريس كابوي كاشيندي هو المدير والمسؤول عن تنسيقية منجمية في منطقة نغاندجا. وساهم بدوره في عملية الإنقاذ حيث يروي:

بدأنا عملية الإنقاذ في حدود الساعة الثامنة صباحا واستخدمنا بالخصوص آلة شفط لجمع المياه. تجمع عدد كبير من الناس من عمال الحفر من تنسيقيات منجمية مختلفة، بمن فيهم أفراد من التنسيقية التي أشرف عليها، وتلقوا مساعدة من فرق ” سيماب SAEMAPE” [فريق التحرير: مصلحة الدعم والتأطير واستغلال المناجم البدائية وصغيرة الحجم التي تتبع لوزارة المناجم] إضافة إلى مصلحة دعم شرطة المناجم. تطلب الأمر حفر مساحة كبيرة من الأرض وهو ما أخذ منا عدة ساعات ومن ثم في لحظة ما، حوالي الساعة الرابعة عصرا، حققنا الهدف المنشود وتمكن عامل حفر المناجم الأول من الخروج.

 

وحسب شهود عيان، لم يتعرض أي واحد من الرجال العشرة إلى جروح. وهم الآن بصحة جيدة وقد عادوا إلى مزاولة نشاطهم مباشرة.

Des rescapés de l'éboulement sur la colline Mitondo à Nyange, le 24 mars 2023.

Des rescapés de l’éboulement sur la colline Mitondo à Nyange, le 24 mars 2023. © DR

“لقد نجوا من الموت لأن تهوئة الآبار موجودة بالقدر الكافي ولأطول وقت ممكن”

غيوم علي هو محقق كونغولي من مؤسسة “إيبيس Ipis” وهو معهد بحث بلجيكي مستقل يعمل على تحليل الصراعات والموارد الطبيعية في منطقة البحيرات الكبرى. وكان على تواصل مع عدة شهود عيان كانوا حاضرين على الحادثة.

يتم حفر مثل هذه الأنفاق في سفح الهضبة، ويوجد آبار فوق بعضها البعض وعندما يقوم الناس بالحفر يقومون برمي التراب والحجارة على المنحدر. وبالتالي في حال هطلت أمطار غزيرة، سيجرف الماء كل هذه الأتربة، وعندما تنحسر المياه، يحدث انزلاق أرضي. وعندما يحدث انزلاق أرضي على غرار ما حدث مؤخرا، تسقط القطع الكبيرة أولا. ومع تواصل هطول الأمطار، فإن عملية الإنقاذ تصبح أكثر استحالة مع خطر محدق على رجال الإنقاذ أيضا.

لقد نجوا من الموت لأنه كانت هناك تهوئة داخل الآبار بالقدر الكافي ولأطول وقت ممكن [فريق التحرير: أكدت المصادر التي تواصل معها فريق تحرير مراقبون  أن عمق الآبار يترواح بين 60 إلى 300 متر وهو ما لم نتمكن من التأكد منه من مصدر مستقل]. إضافة إلى ذلك، وعلى غرار ما نراه في المقطع المصور، كانت الآبار مائلة إلى حد كبير، أفقية أكثر منها عمودية، وهو ما مكن من توفير الأكسجين. من المهم عدم التحرك كثير حتى يتم الاقتصاد في استهلاك الأكسجين في مثل هذه الحالات. في حال تعلق الأمر بآبار عمودية، سيكون على الرجال التسلق والتحرك أكثر ما سيؤدي إلى تعكر الأمور.

وثق معهد “إيبيس Ipis” الوضع في هذا المنجم على هضبة ميتوندو، وهو موقع بالغ الأهمية، لقد أحصينا هناك حفر أكثر من 250 نفقا. كل شخص يقوم بالحفر عندما يظن أنه عثر على منفذ للذهب. عمال حفر المناجم البدائيين يقومون بتهيئة الأنفاق بطريقة عشوائية، لا يوجد أي مخطط هندسي، حيث تتكدس الآبار والأنفاق وتتداخل فيما بينها وكثير منها ليست مدعمة ومهددة بالانهيار في أية لحظة. وبمجرد أن تتلامس هذه الأنفاق، في منطقة ميتوندو كما في غيرها، فإن ذلك قد يكون سببا في وفاة العمال المنجميين.

وحسب معهد “إيبيس”، يتم استخراج نحو 8 كيلو غرامات من الذهب في موقع ميتوندو حيث يعمل نحو 250 حفار منجمي، الذي يمثل لهم المنجم أفضل فرصة في معظم الأحيان لكسب بعض المال. وتتكرر الحوادث في المكان، على غرار ما هو الحال في مواقع منجمية أخرى بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وبين شهري تشرين الأول/ أكتوبر 2022 وشباط/ فبراير 2023، قال معهد “إيبيس” إنه أحصى وفاة 3 أشخاص وإصابة 40 آخرين بجروح في انهيارات أرضية بموقع ميتوندو المنجمي لوحده. ويواجه موقع ميتوندو المنجمي ضغطا من مجموعة مسلحة تدعى “ماي ماي ياكوتومبا Mai Mai Yakutumba” التي تستغل منجم الذهب لتمويل أنشطتها.

وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، قال وزير المناجم بمحافظة جنوب كيفو، كوك شيريمواني، الذي تنقل الجمعة 31 آذار/ مارس 2023 إلى ميتوندو، إنه “من وجهة نظر مصلحة سلامة الشغل، فإن كل الأمور على ما يرام” في مناجم المنطقة. وأضاف هذا المسؤول الكونغولي “نشهد وقوع بعض الحوادث الصغيرة عندما يعمل الناس في أوقات غير مرخص فيها” أي أثناء الليل. ويذكر هذا المسؤول أن إدارة “سيماب SAEMAPE” تطلب أيضا من عمال المناجم عدم الحفر عندما تهطل الأمطار، وهو ما لم يحترمه الرجال الذين بقوا عالقين بسبب الانهيار الأرضي.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى