كيف حوّلت جائحة كورونا حاويات الشحن المتواضعة إلى أهم العناصر على هذا الكوكب
لندن، المملكة المتحدة (CNN Business) –كان من المفترض أن تصل 30,000 من علب الألمنيوم في حاوية شحن يبلغ طولها 20 قدمًا في يوليو. ولكن بعد مرور أشهر، لم تصل– الأمر الذي دفع أس جي هانت، المؤسس المشارك لشركة “لافوليو”، وهو متجر حلويات في لندن، إلى الشعور بحالة من الذعر.
تعد الصناديق المصنوعة حسب الطلب، والتي تعبئها شركة “لافوليو” بالفواكه والجوز والشوكولاتة المليئة بالهلام، جزءًا أساسيًا من العلامة التجارية، وقد دفع هانت أعلى التكاليف للتأكد من أنها ستنتقل من الشركة المصنعة في شرق آسيا إلى ميناء في سوفولك، إنجلترا.
عادةً ما يكلف هانت وشريكته لافينيا دافايلو استئجار حاوية شحن لهذا المسار ما بين 1500 دولار و2000 دولار. هذه المرة، كان عليهم إنفاق أكثر من 10000 دولار – وهو مبلغ ضخم لينفق على شيء لم يصل بالفعل.
بعد ما يقرب من 18 شهرًا من انتشار جائحة كورونا، لا يزال الشحن العالمي في أزمة، مع وجود تراكمات تلوح في الأفق خلال ذروة فترة التسوق في العطلات. ونظرًا إلى سوق حاويات الشحن الفولاذية، من الواضح أن العودة إلى الوضع الطبيعي لن يحدث في أي وقت قريب.
قبل ظهور فيروس كورونا، كان بإمكان الشركات استئجار صندوق متواضع بطول 20 قدمًا أو 40 قدمًا بسهولة نسبية، مما يسمح بنقل البضائع بتكلفة منخفضة. ويبلغ عمر الحاويات حوالي 15 عامًا قبل أن يتم إعادة تدويرها..
لا تزال الصناديق الفارغة مبعثرة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، في حين أن تأخيرات سلسلة التوريد تعني أن هناك حاجة إلى المزيد لتلبية الطلبات. في غضون ذلك، ارتفع الطلب على السلع – مما أعطى شبكة السفن والحاويات والشاحنات التي تنقل البضائع حول العالم القليل من الوقت لإتمام الطلب.
نتيجة لذلك، أصبحت الحاويات نادرة ومكلفة للغاية. قبل عام واحد، كانت الشركات تدفع ما يقرب من 1920 دولارًا أمريكيًا لحجز حاوية فولاذية بطول 40 قدمًا على طريق عادي بين الصين وأوروبا، وفقًا لبيانات من شركة “دروري”، وهي شركة استشارية للبحوث البحرية. أما الآن، تنفق الشركات أكثر من 14000 دولار، بزيادة تزيد عن 600٪. وفي الوقت نفسه، تضاعفت تكلفة شراء الحاويات بشكل مباشر.
تكافح الشركات في كل مكان من أجل التأقلم. فقد أقدمت شركة الأثاث العملاقة “إيكيا” على شراء حاويات الشحن الخاصة بها في محاولة لتخفيف بعض الصداع اللوجستي. لكن هذا لا يعد خيارًا لشركة صغيرة لصنع الحلوى مثل “لافوليو”، التي تعيد التفكير في خططها التوسعية، والتي قد يدفعها إلى رفع الأسعار – وهي علامة على الضرر الأوسع الناجم عن مشاكل سلسلة التوريد التي لن تختفي.
يعد النقص المادي في الحاويات أحد أسباب الارتفاع الشديد في تكلفة شراء أو حجز حاوية. وقال جون فوسي، رئيس معدات الحاويات وأبحاث التأجير بشركة “دروري”، إن ذلك ليس العامل الوحيد. أشار فوسي أيضًا إلى أن الشركات التي تصنع الحاويات، والتي تتواجد معظم مقراتها في الصين، تكافح جراء ارتفاع تكاليف المواد الخام. وقال إن صناديق الشحن مصنوعة إلى حد كبير من نوع خاص من الفولاذ الذي يقاوم التآكل، والتي قد ارتقعت تكلفتها، مثل مواد الأرضيات كالخشب الرقائقي والخيزران، فضلًا عن ارتفاع تكلفة رواتب العمال أيضًا.
وقالت فوسي: “إنه مزيج من تكلفة المواد الخام، وزيادة تكلفة العمالة، وتوازن قوي للغاية بين العرض والطلب”.
وبالنسبة للممولين الذين يستثمرون في حاويات الشحن – والتي تتميز بعوائد قوية ومستقرة وتمثل أحد الأصول البديلة الشائعة – فإن بيئة السوق تعتبر مربحة. يتم تعويض التكاليف الأولية المرتفعة عن طريق ترتيبات التأجير، في حين أن أولئك الذين يبيعون الحاويات بإمكانهم أن يحققوا أرباحًا أكبر.
قال ديرك بالديويغ، العضو المنتدب في “باس كابيتال”، وهي مجموعة استثمارية للحاويات مقرها هامبورغ بألمانيا: “من الواضح بأن السوق تعتبر الآن جذابة”.
وأشار إلى أنه نظرًا لارتفاع تكلفة الحصول على الحاويات، فإن شركات التأجير تطلب من شركات النقل توقيع عقود لفترة أطول. الأمر الذي قد يجذب فئة جديدة من المستثمرين الذين يبحثون عن دخل ثابت، في حين تظل أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة قياسية.
بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى استئجار صناديق لمدة أقصر، فإن الوضع يمثل صداعًا كبيرًا.
فقد ارتفعت تكلفة شراء الحاويات في السوق الثانوية للتخزين أو مساحات البيع بالتجزئة بشكل كبير. قال سانجاي أغاروال، المؤسس المشارك لشركة “سبايس كيتشن” ، وهي شركة توابل وشاي مقرها ليفربول بإنجلترا، بأنه دفع 3 أضعاف ما كان يُفرض عليه عادةً مقابل حاويات الشحن الفارغة التي يستخدمها لتخزين المنتجات في مكان قريب. هذا بالإضافة إلى دفع 3 أضعاف السعر العادي لشحن علب التوابل من الهند.
وقال أجروال “لدينا آلاف الجنيهات التي لن نستردها، وهذا للأسف يرجع إلى تكاليف الشحن هذه”.
إليكم نظرة في الإنفوغرافيك أعلاه على الارتفاع القياسي في تكلفة حاويات الشحن.
مصدر الخبر