توقيف “هنيبعل”بتعاون سوري – لبناني
علي ضاحي – "صدى البلد"
اعادت عملية توقيف هنيبعل النجل الرابع للمقبور معمر القذافي الى الواجهة مسألة التنسيق الامني السوري – اللبناني، الذي يتم يومياً بين جيشي البلدين والقوى الامنية. رغم مكابرة فريق 14 آذار وتيار المستقبل وحليفهما رئيس الحكومة تمام سلام، وبينهما اللازمة المعروفة النأي بالنفس اللبناني، عن الازمة السورية وفلسفة الحياد، التي لا تجد لنفسها موقعاً حتى في معجم اللغة النظرية الجامدة.
ورغم عملية الاخراج السيئة لما يسمى بالجهة الخاطفة، الا ان الجهود التي بذلت لتوقيف هنيبعل مباركة وهامة. وستدفع قضية كشف مصير الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الى الامام.
وتؤكد مصادر رفيعة المستوى وعلى علاقة بالملف ان لولا تعاون الدولة السورية عبر اجهزتها الامنية الرسمية مع السلطة والاجهزة اللبنانية وتبادل المعلومات لما تم هذا التوقيف وان "لا جهة خاطفة ولا من يحزنون". فأي جهة لها القدرة على التحرك داخل القبضة الحديدية للدولة السورية وفي عاصمتها. وتوضح ان عملية الاخراج "القيصرية" المشوهة للتوقيف "خدمة" لفريق النكران السياسي الازرق والآذاري لوجود دولة سورية تتعاون مع لبنان وتخوض حربا رهيبة ومشرفة مع كل صنوف الارهاب والتكفير. هذه المشهدية من الشريط المصور الى الكدمات والزي الليبي "الذي لا يلبسه القذافي عادة" الا للتمويه مع إطلاق لحيته لعدم التعرف اليه. ورغم رداءتها الا انها خدمت لساعات حتى الاعلان الرسمي عن توقيف القذافي الابن ونقله الى مديرية الامن الداخلي في بيروت. ومن هناك بدأ التحقيق الرسمي بإشراف القضاء المختص والمجلس العدلي لاستنطاق "الموقوف الثمين" الذي يملك اسرارا كبيرة من المعلومات عن فضائح والده، المجرم والسفاح، والكثير من قضايا الاغتصاب والتعذيب والتنكيل بأعراض وارواح الليبيين الابرياء. حيث كان يقتلهم بعد التشويه بأجسادهم لاعتقاده او تجنيه عليهم انهم معارضون لنظامه وغيرها من الاتهامات الباطلة التي كان يرهب فيها شعبه لاستمرار عرشه البائد وارضاء لشهوة القتل والامراض النفسية وجنون العظمة التي كان المقبور يعانيها.
ونجله هنيبعل الذي كان يبلغ ثلاثة اعوام ونيف عند اختفاء الامام الصدر ورفيقيه في ليبيا يملك كل معلومات الجريمة وينسبها في اعترافاته امام المحقق العدلي الى شقيقيه سيف الاسلام والمعتصم.
هنيبعل شريك في الجريمة عبر التستر وعبر مشاركته في ادارة حكم ابيه بتولي العديد من المناصب الادارية والاقتصادية وخصوصاً في الملاحة البحرية. كما يملك سجلاً حافلاً من الممارسات الفضائحية والشاذة والتي سرب الى الاعلام منها خلال الايام الماضية القليل. ويتردد وفق ناشطين في ثورة الاطاحة بالقذافي ان هناك اشرطة وتسجيلات متعددة المصادر من عربية واوروبية وخليجية توثق ممارسات وفضائح القذافي وانجاله وممارساتهم لم يكشف عنها حتى تاريخه.
وتشير المصادر نفسها الى ان تعاون السلطات السورية مع السلطات اللبنانية عبر الاجهزة الامنية حصراً افضت الى تبادل للمعلومات، حيث تم توقيف هنيبعل لدى وصوله الى دمشق وهو لم يكن مقيماً فيها كما تردد بل تعيش فيها زوجته مع اطفالها وهي التي تتنقل بين دمشق ومنزل ذويها. اما الباقي فقد تم بعملية امنية بين لبنان وسورية اشبه الى عملية "تسليم وتسلم" بعد إخطار الدولة السورية لبنان عبر قنوات متخصصة.
اهمية توقيف هنيبعل القذافي لا تكمن فقط في كنز المعلومات الذي يمتلكه عن قضية الصدر ورفيقيه، بل في مساهمة اعترافاته في كشف مصير الامام وبت قضيته نهائياً بعد تقدمها، بكشف السلطات القضائية الايطالية، ان الصدر ورفيقيه، لم يدخلوا بتاتاً الاراضي الايطالية وانهم اختفوا في ليبيا. ما يؤكد مسؤولية المجرم القذافي عن الاختطاف. وان مهزلة تبني بعض السلطات الايطالية المتعاقبة الانتقال من ليبيا الى ايطاليا كان يفرضها منظومة المصالح بين القذافي والفاسدين في ايطاليا بين تجارة وسلاح وغيرها.
الاهمية الثانية التي يطرحها التوقيف هو عدم تمكن اي دولة اخرى غير لبنان في تسلم هنيبعل رغم وجود مذكرة انتربول دولية بحقه. اذ لا سلطات يعتد بها او صالحة لاستلام الموقوف ومحاكمته على الاراضي الليببية وفقاً لقانون الدولة.
والاهمية الثالثة ان لبنان هو الجهة المتضررة من ممارسات القذافي وانجاله، ولا سيما عملية الخطف، وانه صاحب مصلحة لاهمية القضية الوطنية المحالة امام المجلس العدلي وان هناك اجماعاً لبنانياً على حل القضية وان خصوصيتها مثل عموميتها وطنية خالصة وليست طائفية ومذهبية.
من اوقف هنيبعل وابلغ عنه لبنان هو الدولة السورية حتماً وهو في السياسة مكسب لبناني- سوري في آن معاً. فلا يمكن لسورية حليفة المقاومة وحركة امل والرئيس نبيه بري، ان تؤوي مطلوباً كهنيبعل نظراً للاهمية المعطاة للقضية .كما انها في غنى عن اي ارباك قد يسببه استضافة او قبول مكوث نجل القذافي فيها المطلوب للقضاء الدولي.
هذا الانجاز واكبته سرعة تحرك لبنانية للاستفادة من اي اعتراف قد يقدمه هنيبعل لان القضية وطنية وعمرها الطويل لم يعد يحتمل اكثر. ورغم سقوط نظام الطاغية منذ اعوام الا ان الفوضى هي سمة من حل مكان النظام البائد وهذه الفوضى قد تمتد لاعوام اخرى ما يؤخر القضية والكشف عنها حكماً.