“أردوغان سيستمر في رفع وتيرة الضغط” بشأن انضمام السويد إلى الناتو
من المرجح أن يشكل القانون الجديد لمكافحة الإرهاب في السويد وأيضا زيادة الضغط الغربي على تركيا، متغيرات جديدة قد تطرأ على صعيد التعطيل التركي لملف انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حتى في حال “عدم تقديم كثير من التنازلات” وفق ديدييه بيليون نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (Iris) والمتخصص في الشأن التركي.
نشرت في: 02/06/2023 – 17:39
هل ستحصل السويد أخيرا على بطاقة العضوية في الناتو بعد عام من التعطيل؟ فمنذ إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسيا لتركيا، التي تعد واحدة من دولتين فقط، والثانية هي المجر، من أصل 31 دولة في حلف شمال الأطلسي لم تصادق بعد على عضوية السويد، تبدو لهجة المسؤولين الغربيين متفائلة أكثر.
فقد اعتبر الأمين العام لحلف الناتو بأن عضوية السويد هي “ممكنة حتما” قبل انعقاد قمة المنظمة السياسية والعسكرية في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) في شهر يوليو/تموز المقبل. كما أعلن ينس ستولتنبرغ الخميس خلال اجتماع في أوسلو بأنه سيزور أنقرة قريبا.
من جهته، أكد رئيس الدبلوماسية السويدية: “لقد أوفينا بكافة التزاماتنا”، وقال وزير الخارجية توبياس بيلستروم الذي كان متواجدا في النرويج: “لم يكن سباقا سريعا البتة، هو ماراثون والآن نرى نهايته”.
جاءت تلك التصريحات غداة دعوة الولايات المتحدة تركيا مجددا إلى منح ستوكهولم الضوء الأخضر لعضوية الناتو دون تأخير. في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنه “من وجهة نظر الولايات المتحدة، آن الأوان لإتمام مسألة عضوية السويد في الناتو”، قبل أن يضيف بلينكن أن السويد قد اتخذت إجراءات “هامة للغاية استجابة لمخاوف مشروعة جدا” لتركيا.
>> اقرأ أيضا : الانضمام إلى الناتو: الحرب في أوكرانيا فاقمت “شعورا بالضعف المتزايد” قلب سياسة عدم الانحياز الفنلندية
من بين تلك الإجراءات، قانون جديد يحظر الأنشطة المرتبطة بالجماعات المتطرفة ومن ثمة تعزيز تشريعات السويد فيما يتعلق بالإرهاب. وهو بمثابة تعهد منحته لأنقرة، التي انتقدت السويد منذ أشهر متهمة إياها بتوفير ملاذ آمن لنشطاء من حزب العمال الكردستاني. عدو لدود للحكومة التركية، يصنف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية ليس فقط من قبل أنقرة، بل كذلك من قبل السويد والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
لكن هل ستكون هذه التنازلات السويدية كافية لتغيير الموقف التركي؟ وهل من المرجح أن تنتهي قريبا حرب الأعصاب هذه بين أنقرة والدول الغربية؟ أسئلة وأخرى يجيبنا عنها ديدييه بيليون نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (Iris) والخبير المتخصص في الشأن التركي.
-
فرانس 24: هل سيؤثر بدء سريان قانون الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة في السويد الخميس 1 يونيو/حزيران على الموقف التركي؟
ديدييه بيليون: نرى بأن مشكلة الفيتو التركي لم تعد تطرح وفق نفس المنظور الذي كان الحال عليه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر. اتضح أن هناك تقدما في اتجاه قبول عضوية السويد لكنه سيكون في مقابل تنازلات تستجيب لمطالب تركية معينة. يثبت القانون الجديد الذي يهدف إلى الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة، بأن السويد لم تتخل عن هدف الانضمام إلى عضوية الناتو. لن يكون ذلك كافيا على الأرجح ما يظهر بأن ستوكهولم في وضع معقد جدا.
>> اقرأ أيضا : اتفاق تركي سويدي فنلندي على عقد مزيد من المحادثات بشأن عضوية حلف الأطلسي
يمكن أن نتصور أن السويد ستكون مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك حتى لدرجة طرد عدد من اللاجئين الأكراد أو من أفراد جماعة غولن [الحركة المستلهمة من فتح الله غولن المتهم من أنقرة بتدبير انقلاب 2016]، والمدانين بارتكاب جرائم دامية. يمكن أن تناسب هذه الصفقة تركيا وسيتم اعتبارها بمثابة الانتصار لأردوغان الذي سيظهر مرة أخرى مدى تعنته فيما يخص مكافحة الإرهاب.
-
هل يمكن أن تعزز إعادة انتخاب أردوغان ملف عضوية السويد؟ خصوصا وأن الخطاب القومي في تركيا والذي حضر بقوة خلال الحملة، بات أقل تشددا.
لا ينبغي أن نبني أوهاما. فأردوغان لن يغير مواقفه القومية بسبب إعادة انتخابه. داخليا، أقام تحالفات مع القوى القومية والقومية المتشددة التي ستضغط بدورها عليه. لهذا، لا يجب توقع حدوث تراخ على المستوى الدولي.
وهو لن يقدم تنازلات كثيرة وإن فعل فلأنه يجد فيها المصلحة. من وجهة نظري، ينبغي التعامل مع التصريحات المتفائلة الأخيرة للقادة الغربيين بحذر. لو اعتقد رؤساء الدول الأوروبية أن الأمور مع أردوغان ستكون أسهل بعد إعادة انتخابه، فهم مخطئون.
>> اقرأ أيضا : شجار عنيف أمام باب الناتو: هل دمرت تركيا آمال السويد نهائيا في نيل العضوية؟
أعتقد أن الضغوط القوية من تركيا على السويد وكذلك على الولايات المتحدة ستستمر. لاحقا وفي مرحلة ما، سيكون هناك اتفاق. يمكن أن يتم ذلك خلال شهر أو ستة. إنها عادة قديمة للدبلوماسية التركية فيما يخص النقاشات الدولية المتوترة إلى حد ما، إذ تشد الحبل حتى آخر لحظة قبل القبول بأي شكل من أشكال التسوية عبر نوع من “المساومة”.
لقد تم فعلا إبرام اتفاق مع فنلندا [التي باتت عضوا في الناتو في 4 أبريل/نيسان]، لكنه كان بالطبع أقل تعقيدا مما هو عليه الحال بالنسبة إلى السويد، التي تأوي هؤلاء اللاجئين السياسيين الأكراد وأنصار جماعة غولن. سيستمر أردوغان إذن في رفع وتيرة الضغط لكنني أعتقد أنه في مرحلة ما، سيوافق على عضوية السويد.
-
هل يمكن أن تأتي التسوية من الولايات المتحدة؟ فتركيا تنتظر على الأرجح شارة من واشنطن بعد استبعادها من برنامج طائرات الشبح الأمريكية F-35. إجراء انتقامي بعد شراء أنقرة لمنظومة S-400 الروسية المضادة للصواريخ في 2020.
هذا موضوع خلافي هام حيث إن تركيا دفعت وديعة [1.4 مليار دولار] في إطار تطوير طائرة F-35. كذلك، تم وقف برنامج تدريب الطيارين الأتراك.
وحسب الصحافة التركية، ينبغي على واشنطن أن توافق على تسليم طائرات F-16 جديدة إلى تركيا، وأن تقوم بتزويدها بقطع الغيار الخاصة بالطائرات الحربية الأمريكية التي تمتلكها تركيا أصلا. هذا الجانب مهم للغاية في المفاوضات الحالية والمستقبلية. أعتقد أن ذلك يمكن أن يشجع أردوغان على إعادة النظر في الملف السويدي. لكن حاليا، تبقى هذه مجرد شائعات.
على كل حال، يجب التذكير بأنه حتى في ظل هذه التوترات وحقيقة أن تركيا تريد الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا رغم اندلاع الحرب في أوكرانيا، لا تزال أنقرة تعتبر الناتو أفضل ضمان لها من الناحية الأمنية. قد لا تكون التجاذبات الدبلوماسية مع السويد قد انتهت بشكل كامل، لكن توجد عناصر جديدة تؤشر على أن الملف بصدد الحلحلة.
النص الفرنسي: غريغوار سوفاج/ النص العربي: أمين زرواطي
مصدر الخبر
للمزيد Facebook