سلام: مركب ميقاتي خشن… ووحده يؤلف الحكومة
يقول سلام في تقويم تجربته: «الفرق شاسع ما بين رئيسي المرحلتين. تعاونت بمرونة مع الرئيس سليمان بينما يواجه الرئيس ميقاتي عهداً هو الأسوأ في تاريخنا. كل ما أنجزه أن قادنا إلى الانهيار. إذا قيل أنه أتم الانتخابات النيابية الأخيرة، فلا فضل له لأنها استحقاق دستوري دوري. طبعاً لم يسعه أن يعطلها، وإن رغب في ذلك لأنه تحت المجهر الدولي. هل أدلّ من ذلك حؤوله دون التشكيلات القضائية من أجل إبقاء سيطرته على القضاء ومطاردته خصومه السياسيين. هو العهد الأكثر سلبية. خبرته عندما كنت في صدد تأليف حكومتي، كما في مرحلة تسلمها صلاحيات الرئاسة الأولى. وقف ميشال عون وصهره جبران باسيل عقبة في طريق التأليف كما في ممارسة الحكم. ليس سهلاً على الرئيس ميقاتي ولا سواه التعامل مع ذهنية كالتي يمثلها التيار الوطني الحر. تجربتي مع باسيل هي الأسوأ التي يمكن أن يختبرها مسؤول أو رئيس للحكومة عندما راح يعطل جلسات مجلس الوزراء ويشاغب عليها».
يضيف: «لسنا في توقيت يحرز لتأليف حكومة إلا إذا كان المراد تعطيل حصول انتخابات رئاسة الجمهورية، والذهاب إلى الشغور كما من قبل. إذا كنا بالفعل ذاهبين إلى فراغ في رئاسة الجمهورية، فبالتأكيد لن يقبل الأفرقاء سوى بحكومة سياسية يضمنون فيها وجودهم وأدوارهم في مواكبة الفراغ. المشكلة كما أتصورها بين ما رافق مرحلتي والآن، أن الرئيس سليمان قال باكراً إنه لا يفكر في تمديد ولايته ويريد الاكتفاء بالسنوات الست التي أمضاها في الرئاسة، بينما الرئيس الحالي يعلن أنه لن يمكث دقيقة بعد نهاية ولايته إلا إذا حدث فراغ. عندئذ لا يترك السلطة. فارق كهذا كاف كي نعرف إلى أين يقودنا؟ مرّرنا شغور 2014 ـ 2016 بسلام، بيد أنني لا أعرف ـ وقد انهار كل شيء من حولنا وفوق رؤوسنا ـ كيف سنواجه الشغور المقبل وبأي مناعة وطنية ودستورية وسياسية؟ أخشى أن تكون الحجة أن ليس في الإمكان تسليم الحكم إلى حكومة تصريف أعمال تنم عن إصرار على البقاء في السلطة».
يقول سلام: «أمامنا إما حكومة تصريف أعمال تستمر، أو حكومة جديدة أجدها صعبة ولا أقول مستحيلة، أو تعويم حكومة تصريف الأعمال بتعديلها. الأخشى ـ وهو ما أتوقعه ـ أن يصير إلى تعطيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي لمنعها من ممارسة صلاحيات الرئاسة إذا تعذر انتخاب رئيس خلف. كأن يمنع عقد اجتماعاتها، أو يُسحَب وزراء منها. سيعطلون تصريف الأعمال حتى. إبان حكومتي في مرحلة شغور 2014 ـ 2016 تعطل اجتماع مجلس الوزراء مراراً. كانت تمر أحياناً أسابيع طويلة دونما أن نلتقي. ذلك ما كان يفتعله وزراء قوى 8 آذار. إذا حرد أحد منهم تضامن المحور معه، فجمّد اجتماعات مجلس الوزراء».هل يعتقد بأن أعراف ممارسة حكومة صلاحيات رئيس الجمهورية كما أرستها حكومته تكرّست وستكون قياساً لكل حكومة تواجه ظروفاً مماثلة؟
يجيب: «ليست أعرافاً بل أسميها ترتيبات اتفقنا عليها شفوياً. طبعاً تنعقد الحكومة وإن غاب عدد من وزرائها. ثلاثة أو أربعة. اجتماعها مرتبط بنصاب ثلثيها وتوافره. وهو شرطها الأساسي. في حكومتنا غاب حينذاك عدد من الوزراء وظللنا نجتمع. القاعدة الأساسية التي اتفقنا عليها أن تغيب مكوّنين سياسيين رئيسيين من مكونات الحكومة يؤجل اتخاذ قرارات. كان معلوماً أن مكونات الحكومة وقتذاك كانت من خمس قوى أساسية، وكان اتخاذ القرارات منوطاً بموافقتها كلها. لم نقل يومذاك إن غياب طائفة يعطل القرارات. طبعاً كان الوزراء الـ24 يوقعون جميعاً القرارات. أحياناً عارض وزراء قرارات، إلا أنهم لم يحجموا عن توقيعها. التوقيع منبثق من تفاهم المكونات الخمس الرئيسية. أما التغيب فلا أثر مهماً له».يتوقف سلام عند السجال الأخير غير المباشر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، كي يعيد تأكيد موقفه: «رئيس الجمهورية ليس شريكاً في تأليف الحكومة، بل هو شريك في توقيع مراسيمها. التأليف مسؤولية دستورية منوطة بالرئيس المكلف وحده، وهو ما ينص عليه الدستور صراحة بالقول إن مَن يؤلف الحكومة هو الرئيس المكلف وحده. التشاور شرط أساسي بينهما. أما شراكتهما، فهي في توقيع المراسيم. هذه هي الفسحة التي تتيح لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف التوافق على التشكيلة وتعديلها أو تغييرها، انطلاقاً مما يتقدم به صاحب الصلاحية الحصرية. مساحة لقاء بينهما وليست مساحة شراكة ومسؤولية دستورية مشتركة على قدم المساواة في التأليف. هناك مَن يؤلف، ومَن يقتضي الحصول على موافقته كي تصدر مراسيم التأليف عنهما معاً. هناك أمر ليس قليل الأهمية أيضاً اختبرته مع الرئيس سليمان. تشاورنا كثيراً وتحدثنا في تأليف الحكومة، إلا أن ذلك ظل بيننا. في عهد الرئيس عون ثمة طرف ثالث يدخل على تشاور الرئيسين، الأصح أن عون يدخله في التشاور هو صهره. أمر لا سابق له من قبل».
مصدر الخبر
للمزيد Facebook