آخر الأخبارأخبار محلية

ميقاتي: لا مكان لليأس عندي

كتب ابراهيم بيرم في “النهار”: معظم الذين يقدَّر لهم التواصل الدائم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الآونة الأخيرة، يخرجون باستنتاج أنه في حال من الضيق والأعصاب المشدودة وفي سباق مع الوقت لكنه من دون أن يصرّح ويفصح يرفع عالياً شعار “رغم تعاظم الضغوط لا مكان لليأس والقنوط في قاموسي، فما دمت تحمّلت طائعاً كرة المسؤولية الملتهبة يوم آثر كثرٌ الانسحاب طلباً للسلامة رافضين التصدّي لهذه المهمّة لشعورهم بعظم المسؤولية وحجم التركة الموروثة وضخامة المطلوب وضآلة الإمكانيات لذا فلن يسمع أحد منّي جملة تنمّ عن تأفّف أو ضيق”.

Advertisement

يعي الرئيس ميقاتي صاحب التجربة السياسية التي ابتدأت رحلتها منذ منتصف عقد التسعينيات، أن الكثر راهنوا على أنه لن يكمل المشوار لأنه ليس من النوع المستعد للمواجهة مع قوى أدمنت لعبة الاعتراض والعرقلة لفرض ما تريد، لكنه فاجأ الجميع عندما بادر الى الهجوم سعياً منه لفرض معادلة عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال غب الطلب وعند الحاجة. فهو كما يردد دوماً لم يكن مطلقاً مقتنعاً بلعبة المراسيم الجوّالة فتلك بدعة تنطوي على لعبة “ضحك على الذقون”.
وبعد الجلسة الثالثة للحكومة بات ميقاتي على يقين من أنه كسب الرهان من خلال دعمين اثنين:
الأول أنه وجد من يسانده من الوزراء المحسوبين على التيار البرتقالي لأنهم فضّلوا المصلحة الوطنية على الحسابات الفئوية الضيّقة.
الثاني أنه وجد تفهّماً وتسامحاً من المرجعية الروحية المسيحية العليا.
وفق زوار ميقاتي، تتراكم أمامه مشاكل ومعضلات وملفات توشك أن تخرج عن نطاق الحصر من وضع الكهرباء المزري الى الوضع الصحّي وما يتصل به مروراً بالموضوع التربوي الى مواضيع الضمان والأوضاع المالية والمصرفية وموضوع تسيير المرافق العامة. وكلها تحتاج الى جهود جماعية واستثنائية والى قرارات وتدابير وإجراءات “لا يمكن إلا أن تنجز وتتخذ في جلسات حكومية مكتملة المواصفات”.
وفي كل الأحوال، ثمة من ينقل عن ميقاتي أنه بعدما نجح، بفعل الأمر الواقع المزري، في أن يجعل من دعواته الى جلسات متكررة متقاربة وقد تصبح أسبوعية ببنود متعددة أمراً طبيعياً لا رحلة مشقة فإن قاموسه يخلو تماماً من نيّة التشفّي وإظهار الغلبة على الفريق المعترض، فهو قبل كل جلسة وبعدها يجدّد الدعوة الى المقاطعين للالتحاق بالركب ويجدّد التأكيد أنه ليس في وارد التحدّي ومصادرة الصلاحيات وأنه استطراداً ماضٍ قدماً في ما بدأه كجزء من دوره ومهماته كرئيس للسلطة التنفيذية، والأمر غير المنطقي هو أن يتهرب من القيام بما هو ملقى على عاتقه، خصوصاً أن القرارات الصادرة عن جلسات الحكومة برزت ثمارها وأسهمت في حل الكثير من العقد. وأكثر من ذلك “ومن دون مباهاة” يعتبر ميقاتي أنه يخوض غمار تجربة حكم استثنائية بكل المعايير في ظل أزمة غير مسبوقة لجهة عمقها وطول أمدها.
والى جانب ذلك يعي ميقاتي تماماً أنه يقيم على “فالق سياسي” متفجّر وعليه أن يحول دون أي اهتزاز لكي لا تقع الزلزلة. وبمعنى أوضح يدرك ميقاتي أن لبنان ساحة صراع حاد بين إرادات عواصم ومحاور تتخذ من هذه الساحة ميدان تصادم ومنصّة تصفية حساباتها. ويعرف ميقاتي أنه لزام عليه أن يسير فوق حقل الألغام ما يستوجب منه أن يرضي بأدائه كل المتصارعين وهم جبابرة سياسة أو أن عليه أن لا يستدرج سخط أحدهم أو يثير حفيظته.
وعموماً يجد المتابع لأداء ميقاتي أنه يعالج الجراحات العميقة بالإسعافات الأولية المتوفرة. ورغم ذلك فإنه يعلم أنه بهذا الأداء المتوازن إنما يمنع انهيار الدولة وتلاشيها وتفكك مفاصلها كما يقول. ولكنه مع ذلك وفي لحظة ضعف يسأل زواره ونفسه الى متى أستطيع أن أجترح من الضعف قوة؟ واستطراداً متى أترجّل عن صهوة هذا الحصان الجامح؟ ألم يحن أوان انتخاب رئيس جديد واستيلاد حكومة جديدة لتعزيز الآمال الذاوية لدى اللبنانيين؟
ويخلص الى ترداد ما يرد على لسان المتعبين الموشكين على اليأس: الشكوى لغير الله مذلّة ولن أقنط من رحمة الله.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى