آخر الأخبارأخبار محلية

هذا ما يجمع بين جعجع وباسيل تحت عباءة الراعي

أفرزت المواقف الأخيرة لكل من البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من جهة، والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله والفريق “الممانع” من جهة ثانية، واقعًا جديدًا يتراوح بين الذين يرفضون ربط أي استحقاق داخلي، وبالأخص الاستحقاق الرئاسي، بمسار الحرب في غزة، فيما يصرّ الفريق الذي يدور في فلك “المقاومة الإسلامية” على ربط مصير لبنان بمصير غزة. وهذا الأمر المستجدّ أدخل لبنان مرّة جديدة في دوامة المواقف المتناقضة والمتضاربة لتضاف إلى تلك التي تفرّق بين اللبنانيين، وهي كثيرة. تبدأ بالخلاف على حصرية السلاح في يد القوى الشرعية اللبنانية، ولا تنتهي عند الاختلاف في وجهات النظر بالنسبة إلى دور لبنان كرسالة حضارية قائمة على التنوع والفرادة انطلاقًا مما جاء في وثيقة الوفاق الوطني. 

Advertisement

ولكن هذا التموضع على ضفتي الوطن لن يوقف الحرب لا في غزة ولا في الجنوب، وبالطبع لن ينتج رئيسًا جديدًا للجمهورية، ولن يجعل من القوى العسكرية، وبالأخص الجيش، قوّة وحيدة على كل شبر من تراب الوطن، ولن يستطع أن يفصل بين ما يجري في المنطقة وما هي عليه وضعية لبنان الداخلية، ولن يعيد ما كان من عهود ذهبية، ولن يتمكّن من إيجاد حلّ، ولو مؤقت، للأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ولن يجد بالتأكيد حلولًا لمعضلة النازحين السوريين، بل سيزيد الشرخ في النسيج اللبناني شرخًا، الأمر الذي يعزّز فرضيات جديدة غير تلك التي عرفها لبنان وتعايش معها اللبنانيون طيلة عقود من الزمن. ومن بين هذه الفرضيات “المؤتمر التأسيسي، الذي سيكون على الأرجح نقيضًا طبيعيًا لاتفاق الطائف وصيغة العيش المشترك القائمة على توازنات دقيقة. ويقابل هذه الفرضية تنامي فكرة الفيديرالية بمعناها الاتحادي كما يحاول تسويقها المؤمنون بها والداعون إليها. 
والمفارقة في عملية التموضع الجديدة أن ما جمع بين جعجع وباسيل بالأمس القريب حين توافقا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور رفضًا لترشيح “الثنائي الشيعي” رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، يعود ويجمع بينهما، وقد توافقا، ومن دون تنسيق مسبق، على رفض مقايضة الاستحقاق الرئاسي بالقرار 1701، أو بغيره من القضايا الإقليمية، وبالأخص رفض ربط قضايا الداخل اللبناني بقضية الحرب الدائرة في غزة، مع تمايزهما في التعبير عن التضامن الكلي مع القضية الفلسطينية والدعوة إلى “حلّ الدولتين” كحلّ نهائي لمعاناة الشعب الفلسطيني. 
ولكن ما دام الأفرقاء الداخليون واقفين على سلاحهم، سواء أكان بالمعنى الحصري للكلمة كـ “حزب الله”، أو بالمواقف المناهضة لهذا السلاح كقوى المعارضة، فإن الخارج لن يستطيع أن يفعل شيئًا، وهو الذي حاول في الماضي ولم ينجح في مساعيه، وبقي الوضع الرئاسي على حاله من المراوحة السلبية، ولم يخرج الاستحقاق الرئاسي من شرنقته. 
وقد جاءت الحرب في غزة ومساندتها من قِبل “المقاومة الإسلامية” في الجنوب لتزيد الشرخ الداخلي شرخًا، ولتباعد بين اللبنانيين أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن المؤشرات الخارجية لا توحي بإمكانية توّقف الحرب في غزة قريبًا. فلا حلول على المستوى الإقليمي ولا على المستوى اللبناني بشقّه الرئاسي، وسيبقى الوضع متأرجحًا بين السباق القائم بين مساعي التهدئة من جهة، وبين التصعيد المتدرّج في الجنوب من جهة ثانية.   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى