آخر الأخبارأخبار دولية

الانتخابات الرئاسية التركية: الدروس والتحديات…

تفتح تركيا صفحة جديدة من تاريخها السياسي مع إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان لعهدة ثالثة. ورغم فوزه المريح بـ52,2 بالمئة من الأصوات، إلا أنه بات يواجه تحديات جديدة، أبرزها إعادة وضع الاقتصاد على سكة النمو فضلا عن ترحيل اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة بسوريا. تحليل…

نشرت في: 29/05/2023 – 16:33

ما الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من الانتخابات الرئاسية التركية التي فاز بها مرشح تحالف “الجمهور” رجب طيب أردوغان (52,2 بالمئة من الأصوات) مقابل منافسه من المعارضة كمال كليتشدار أوغلو (47,86 بالمائة)؟

وما التحديات الجديدة التي تنتظر أردوغان الذي سيحكم تركيا لخمس سنوات إضافية بعدما تربع على عرشها لمدة عشرين عاما؟

  • الدرس الأول الذي يمكن الحديث عنه هو أن أردوغان الذي كانت تشير التوقعات بأن تُنهي هذه الانتخابات الرئاسية مشواره السياسي، ظهر في نهاية المطاف أقوى سياسيا وانتخابيا مما كانت تتوقعه المعارضة واستطاع في الحقيقة مواجهة ثلاثة منافسين مختلفين.

المنافس الأول يتمثل في المعارضة التي “تخندقت” في ستة أحزاب غير متجانسة فكريا ولا إيديولوجيا عزمت على طي صفحة “الريس” التركي.

>> اقرأ أيضا : رغم توقعات بأفول نجمه… “الريس” أردوغان يبسط سيطرته على الحكم في تركيا

أما المنافس الثاني، فقد تجلى عبر الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها تركيا منذ نهاية 2019 في أعقاب انتشار وباء كوفيد-19. أزمة أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وإلى تراجع المستوى المعيشي للأتراك بسبب التضخم الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية.

أما المنافس الثالث والذي لم يكن رجب طيب أردوغان ينتظره، فهو الزلزال الذي ضرب محافظات الجنوب الشرقي في 6 فبراير/شباط الماضي موديا بحياة ما يقارب خمسين ألف شخص ومدمرا البنية التحتية والاقتصادية للعديد من المدن. ما عقّد حظوظ فوز أردوغان بالاستحقاق الانتخابي.

لكن رغم كل هؤلاء المنافسين، استطاع أردوغان أن يفوز بعهدة رئاسية جديدة ويثبت مرة أخرى حنكته السياسية.

بالمقابل، لم يكن فوز أردوغان بالسلطة هذه المرة سهلا إذ أرغمت تركيا للمرة الأولى في تاريخها الحديث على إجراء جولة الإعادة. وهذا في حد ذاته يعتبر مكسبا للمعارضة.

  • الدرس الثاني يكمن في فشل المكون الكردي في إعطاء الأسبقية لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.

فرغم استطلاعات الرأي والتحليلات التي كانت تشير إلى إمكانية فوز مرشح المعارضة منذ الدور الأول، إلا أن النتائج في الجولة الأولى والثانية أظهرت عكس ذلك. فالناخبون الأكراد (يمثلون نحو 10 بالمئة من تعداد الناخبين في تركيا) لم يكونوا “السند” الذي كانت تحتاج إليه المعارضة لكي تقلب الطاولة على أردوغان.

>> اقرأ أيضا : تركيا: أردوغان يدعو في خطاب النصر إلى الوحدة وترك الخلافات السياسية جانبا

أكثر من ذلك، عندما نتمعن في النتائج التي تحصل عليها كمال كليتشدار في المناطق الكردية، وعلى رأسها مدينة ديار بكر في الجولة الثانية، نلاحظ أن عدد المصوتين في الجولة الثانية تراجع بحوالي 4 بالمئة. وهذا يعود حسب بعض المحللين إلى الدعم الذي قدمه مرشح اليمين المتطرف أوميت أوزداع لكليتشدار أوغلو في الجولة الثانية. دعم جعل بعض الأكراد يمتنعون عن التصويت. مما عزز من حظوظ أردوغان في هذه المناطق.

إعطاء دفعة جديدة للاقتصاد التركي

  • أما الدرس الثالث والذي لا يقل أهمية، فيتمثل في قدرة أردوغان في تحويل الأزمات إلى فرص ناجحة. فالرئيس التركي تمكن مثلا من إقناع المتضررين من الزلزال بعد أن اعتذر منهم بسبب تباطئ المساعدات، بأنه الرجل الأجدر في حل مشاكلهم كونه يملك خبرة في السلطة وقادر على إيجاد الأموال الضرورية لإعادة بناء المناطق المنكوبة جراء هذه الكارثة الطبيعية.

نفس الأمر بالنسبة للأزمة الاقتصادية. فالناخبون الأتراك رأوا في رجب طيب أردوغان الشخصية القادرة على إنعاش الاقتصاد المتدهور وجلب استثمارات جديدة خاصة من الدول الخليجية، وعلى رأسها قطر التي تعد الشريك الاستراتيجي لأنقرة في المنطقة.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه أردوغان، فهي عديدة أيضا وتشمل مجالات متنوعة، أبرزها التحدي الاقتصادي.

  • ينتظر من أردوغان أن يدفع من جديد العجلة الاقتصادية التركية وينهي سنوات التضخم الذي أدى إلى رفع أسعار المواد الرئيسية. كما هو مطالب أيضا بخلق فرص عمل جديدة، لفئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 25 عاما والذين يعاني 19 بالمئة منهم من البطالة. فضلا عن استقطاب استثمارات خارجية جديدة للبلاد لتحقيق التنمية وبعث الأمل في مستقبل جديد وزاهر في نفوس الأتراك. 

وقال أردوغان في خطاب “النصر” عقب إعادة انتخابه: “إن التصدي للتضخم لن يكون بالأمر الصعب”، مشيرا إلى أنه على الرغم من الاحتياجات المالية لتركيا إلا أن بلاده “لن تطلب قروضا من صندوق النقد الدولي”.

  • ويكمن التحدي الثاني في معالجة أوضاع المتضررين من الزلزال مع بناء أكثر من مليون وحدة سكنية مع حلول نهاية السنة الجارية.


07:17

ضيف اليوم © فرانس24

ورغم الانتقادات التي طالت حكومته، إلا أن هذا لم يمنع أردوغان من الاستفادة من تصويت سكان المناطق المتضررة، ككهرمان مرعش وغازي عنتاب ومدن أخرى تقع في محافظة هاتاي جنوب شرقي البلاد. كما عليه أيضا أن يساعد المزارعين الذين تضرروا من الزلزال وأصحاب الشركات الصغيرة والورشات العائلية الذين فقدوا مصانعهم بسببه.  

ويكمن التحدي الثالث في ترحيل اللاجئين السوريين إلى الشمال السوري وبالتحديد إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا كعفرين وأعزاز وبعض المناطق الريفية القريبة من إدلب.

الرئيس التركي أعلن خلال حملته الانتخابية أنه سيقوم بإعادة ما يقارب مليون لاجئ سوري بشكل “طوعي” إلى بلادهم بمساعدة قطرية التي ستمول مشاريع بناء وحدات سكنية لاستقبالهم.

ومن المتوقع أن يكثف الرئيس التركي في الأشهر القليلة المقبلة من مشاوراته مع النظام السوري لتسهيل عملية عودة السوريين. وقال في هذا الشأن:العودة الطوعية إلى بلادهم (يقصد اللاجئون) جزء مهم من سياستنا” كاشفا في الوقت نفسه عن خطة لبناء وحدات سكنية في الشمال السوري يمكن أن تستقبل مليون لاجئ سوري بـ”دعم مالي من قطر“.

طاهر هاني


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى