آخر الأخبارأخبار دولية

هل تشكل “اتفاقات أبراهام” للتطبيع بين دول عربية وإسرائيل جوهر التصعيد بين المغرب والجزائر؟


نشرت في: 10/11/2021 – 17:04

يتواصل مسلسل التصعيد الدبلوماسي والإعلامي بين المغرب والجزائر على خلفية قضية الصحراء الغربية يوما بعد يوم. وكانت آخر حلقاته، تأكيد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الثلاثاء أمام البرلمان موقف بلاده الساعي إلى “الطي النهائي” لما سماه “النزاع الإقليمي المفتعل” من دون أي تفاوض على “حقوقها الشرعية”. ورأى بعض الخبراء والمحللين أن جوهر التصعيد بين الجارتين المغاربيتين يعود إلى اتفاقات أبراهام التي رعاها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والتي أسفرت عن تطبيع بعض الدول العربية، ومن بينها المغرب، علاقاتها مع إسرائيل.

في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية نقلا عن رئاسة البلاد مقتل ثلاثة جزائريين في قصف نسب إلى المغرب واستهدف شاحنات تقوم برحلات بين نواكشوط (موريتانيا) ومدينة ورقلة (الجزائر) “في إطار حركة مبادلات تجارية عادية بين شعوب المنطقة”. وتحدثت عن وجود “عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور”.

لكن الرباط نفت أي ضلوع في هذا الحادث، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر مغربي لم يكشف عن هويته أن بلاده “لن تنجر” إلى الحرب. وقد أكد الملك محمد السادس السبت في خطاب بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لـ “المسيرة الخضراء” أن المغرب “لا يتفاوض على صحرائه”، مشددا على أن “مغربية الصحراء لن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات”.

وهو الأمر الذي أكده وزير الخارجية (المغربي) ناصر بوريطة الثلاثاء في البرلمان حيث ذكر بعزم المملكة على الطي النهائي لما سماه الوزير “النزاع الإقليمي المفتعل” حول الصحراء الغربية، مضيفا أن بلاده لن “تفاوض على حقوقها الشرعية”.

 “حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين”

وكان مجلس الأمن الدولي دعا في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات “بدون شروط مسبقة” للتوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين” بهدف “تقرير مصير شعب الصحراء الغربية”. ويفترض أن تستأنف هذه المفاوضات المتوقفة منذ عام 2019 تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا.

من جهتها، أوقفت الجزائر رسميا في 31 أكتوبر/تشرين الأول بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون ضخ الغاز عبر أنبوب ينقل الغاز الجزائري نحو أوروبا يمر بالأراضي المغربية. وكانت قد أعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في 24 أغسطس/آب الماضي بسبب الأعمال العدائية” للمملكة.

واعتبر أستاذ القانون العام والباحث بمعهد الأبحاث الدولية في باريس بليغ نابلي أن “ثمة تشديد واضح في التصعيد الدبلوماسي بين القوتين الإقليميتين”، مشيرا إلى أن “هذه اللعبة الدبلوماسية خطيرة وقد تؤدي إلى خطوة عسكرية”.

واشنطن “تربط الاتصال” بين الرباط وتل أبيب

لكن، في الأصل، وحسب عديد الخبراء الدوليين، ما غير المعادلة المغاربية هو اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في خضم ما يعرف بـ “اتفاقات أبراهام” التي قادتها واشنطن بهدف دفع الدول العربية لربط علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وهو الأمر الذي أقدمت عليه الرباط في الشهر ذاته، وذلك بعد نحو أربعة أشهر على إعلان تطبيع العلاقات بين الدولة العبرية من جهة، والإمارات والبحرين ثم السودان من جهة أخرى. وبعدها، اعتمدت الولايات المتحدة “خريطة رسمية جديدة” للمغرب تضم الصحراء الغربية التي تتنازع على سيادتها منذ عقود الرباط وانفصاليو جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

واعتبر الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ناصر ودادي في مقابلة مع فرانس24 أن “التوازن الجيو-استراتيجي إقليميا قد تغير تماما جراء الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية”. وأضاف قائلا إن “هذا الاعتراف شكل صدمة بالنسبة لكل الأطراف”.

وقد أثار القرار الأمريكي غضب واستياء البوليساريو والجزائر على حد سواء، مع العلم أن قضية التطبيع المغربي-الإسرائيلي كانت محل نقاش في الرباط في شهر فبراير/شباط 2020 خلال زيارة لوزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية يومها عن احتمال قبول المغرب لخطة التطبيع مقابل حصولها على اعتراف واشنطن بالمستعمرة الإسبانية السابقة. واعتبرت الجزائر هذا الاتفاق الثلاثي (بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة) “حالة حرب”، كما قال أستاذ التاريخ المغاربي المعاصر بجامعة باريس بيار فيرموران.

الجزائر نظرت إلى هذه “المساومة على أنها اعتداء سياسي”

من جانبه، قال والباحث بمعهد الأبحاث الدولية في باريس بليغ نابلي إن الجزائر نظرت إلى هذه “المساومة على أنها اعتداء سياسي تسبب في المأزق الدبلوماسي الذي أدى بدوره لقطع العلاقات بين البلدين”.  

وتابع نابلي قائلا إن المغرب ليس له مصلحة بالدخول في دوامة عسكرية إذ أنه “يحرز عدة مكاسب دبلوماسية”. وآخر هذه المكاسب قرار مجلس الأمن الدولي في 29 أكتوبر/تشرين الأول تمديد مهمة البعثة الأممية للصحراء الغربية “مينورسو” عاما إضافيا، لغاية 31 أكتوبر 2022. وأكد مجددا الحاجة إلى الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية المبرمة مع مينورسو المرتبطة بوقف إطلاق النار ويدعو الطرفين (…) إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يقوض المفاوضات التي تجريها الأمم المتحدة أو يزيد من زعزعة استقرار الوضع في الصحراء الغربية”. وهو قرار اعتبرته الرباط نجاحا يحسب لدبلوماسيتها.

أما الجزائر فقد أعلنت رفضها للقرار. وقال ناصر ودادي إن “التصعيد ليس في مصلحة أي طرف إذ لا أحد يريد اندلاع حرب، وهذ خط أحمر للجميع”. وأضاف: “من الأفضل أن تعود كل أطراف النزاع إلى النهج السياسي من أجل التوصل لاتفاق يرضي كل الأطراف، رغم أن هذا الأمر يبدو صعب المنال في المدى القريب”.

فتلك إذا مهمة المبعوث الأممي الجديد، الإيطالي ستافان دي ميستورا: أي إعادة بعث الوساطة الأممية في الصحراء الغربية.

 

اقتباس علاوة مزياني عن مقال مارك ضو بالفرنسية


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى