آخر الأخبارأخبار دولية

الغنوشي يقول إنه مستعد للاستقالة من رئاسة البرلمان ويدعو سعيّد لاحترام الدستور


نشرت في: 09/11/2021 – 14:53

أكد راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي الذي جمدت كافة أنشطته بقرار من الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو، أنه لن يتردد في الاستقالة من رئاسة البرلمان “إن كان الحل في الاستقالة”، داعيا سعيّد إلى احترام الدستور. وأثار زعيم النهضة لأول مرة جوانب حول علاقته بالرئيس قبل وبعد “القرارات الاستثنائية” وتطرق لإقالة رئيس الحكومة هشام مشيشي وتعيين نجلاء بودن كما تحدث عن الأوضاع التي يمر بها حزبه.

قال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي ورئيس البرلمان المجمدة أعماله بقرار من الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز/يوليو، إنه مستعد لتقديم استقالته من رئاسة البرلمان في حال كان ذلك هو “الحل للأزمة التي تتخبط فيها البلاد”. ودعا الغنوشي الرئيس سعيّد إلى احترام الدستور.

وفي السياق، صرح الغنوشي في حوار حصري لصحيفة الصباح التونسية نشر الثلاثاء على موقعها، “إن كان الحل في استقالتي فإني لن أتأخر في الإعلان عنها وسأنسحب من رئاسة المجلس”. وتساءل الغنوشي (80 عاما) في معرض حديثه “لماذا يريدون من رئيس البرلمان التراجع دون المواقع السيادية الأخرى؟” معتبرا بأن “أبسط وعي ديمقراطي يقوم على رفض هذا النموذج الإجرائي الذي ينتمي إلى عالم الاستبداد”. وأضاف بأن الوقائع “تؤكد أننا إزاء تجربة سوداء فقانون 117 لا يمكن اعتباره تعبيرا عن طموحات الديمقراطيين بل هو الحد الأقصى من الديكتاتورية “.

 

تغريدة راشد الغنوشي


 

من جهة أخرى، دعا الغنوشي الرئيس قيس سعيّد إلى “الالتزام بالدستور وآلياته التي أقسم على المحافظة عليها.. وتأجيل برنامجه ونظرته للحكم والدولة للانتخابات القادمة.. لإعادة انتخابه على أساسها، بعد أن يوضح للمواطنين مغزى تصوره للسلطة والمواطنة ونموذج الدولة التي يرنو إليها”. وأضاف رئيس البرلمان التونسي المجمدة أعماله بأن الرئيس وإذا ما “وافقه الصندوق فله ذلك. أما أن ينقلب على المنظومة من داخلها فلا يصح وهذا تمش لا هو مشروع ولا شرعي”.

الغنوشي: “تعرضت للتضليل.. واستشارتي كانت وهمية”

كما قال الغنوشي في حواره للصباح التونسية بأنه تعرض “للتضليل” في 25 تموز/يوليو. فبعد أن هاتفه سعيّد لإبلاغه نيته تمديد حالة الطوارئ، تفاجأ بإعلان الرئيس عن التدابير الاستثنائية وتجميد أشغال البرلمان، وهي إجراءات لم يناقشها أصلا معه. وجدد الغنوشي وصفه للوضع في البلاد بعد إجراءات سعيّد بالانقلاب، قائلا إن “25 جويلية هو تاريخ بداية الانقلاب على مشروع الثورة وميلاد مشروع الرئيس قيس سعيّد”، الذي يقوم “على الاستيلاء على السلطات و تجميعها بيد واحدة.. تاريخ 25 جويلية مثل خرقا جسيما للدستور و تفعيلا مشوها للفصل 80 الذي أقر بضرورة التشاور والتنسيق مع بقية سلطات الدولة..”. ووصف الغنوشي استشارة الرئيس له في 25 تموز/يوليو بأنها “لم تكن سوى استشارة شكلية ووهمية حيث إنه تعود مخاطبتي بشكل روتيني كلما تعلق الأمر بتجديد حالة الطوارئ. أما في ذلك اليوم فهو لم يحدثني أنه بصدد الاستعداد لتعطيل المجلس أو إنهاء مهام الحكومة أو أنه سيجعل من إرادته فوق إرادة الشعب والدستور “.

“دبابة أمام البرلمان وسلطة سعيّد تجاوزت بن علي وبورقيبة”

كما قال الغنوشي إنه شعر بـ”صدمة كبيرة وهو ما دفعني وقتها لوصف ما يحدث بكونه انقلابا كامل الأركان. في المساء ذهبت إلى المجلس مع النائب الأول لرئيس البرلمان سميرة الشواشي، فما راعني إلا أن وجدت دبابة أمام باب البرلمان وكأننا في حالة حرب”. مضيفا: “طلبنا من الضابط أن يفتح الأبواب.. إلا أنه رفض وتعلل بالتعليمات. وقد كانت صورة مسيئة لتونس ولنا جميعا أن نقف أمام دبابة وهو ما أظهرنا أمام العالم أننا إزاء انقلاب سافر”.

هذا، وبالنسبة للفصل 80 من الدستور الذي يبرر به سعيّد قراراته، قال الغنوشي إن “قراءة سعيّد كانت تناولا مختلفا لهذا الفصل، إذ كان من المفترض أن تتم الدعوة لاستعماله لمجابهة الخطر الداهم، وتظافر كل سلطات الدولة من أجل مواجهته بدل استغلال الأزمة للانفراد بالسلطة ولإزاحة بقية السلطات.. جاءت إجراءات 22 سبتمبر لتؤكد أن الاستثناء تحول إلى الأصل ليصبح الرئيس مستحوذا على كل السلطات بعد أن أضحت إرادته الفردية فوق الدستور وفوق كل مؤسسات الدولة انطلاقا من المرسوم 117 الذي منح به لنفسه سلطة مطلقة خارج الدستور لم يتمتع بها لا بن علي ولا بورقيبة.”.

وتساءل الرجل الأول في حركة النهضة الإسلامية “أليس بغريب أن تتحول بلادنا إلى محور اهتمام وقلق للمنظمات الحقوقية التي كانت بالأمس القريب تصنف تونس في تقاريرها المتعلقة بالحريات والديمقراطية منذ الثورة في مراتب متقدمة و مشرفة”؟ من جهة أخرى، قال الغنوشي في تعليقه عن المظاهرات التي خرجت لدعم قرارات الرئيس التونسي: “نتفهم خلفية وأسباب خروج عدد من التونسيين فرحا ليلة 25 جويلية، هؤلاء تونسيات وتونسيون نقدر رأيهم ومشاعرهم عكس رئيس الجمهورية الذي نعت تونسيات وتونسيين آخرين نزلوا للشوارع رفضا لقراراته بشتى النعوت المشينة التي أدمن عليها الرئيس في توصيف مخالفيه”.

كما عرج الحوار أيضا على قضية “الأموال المنهوبة” حيث قال الغنوشي: “صحيح أن هناك أموالا منهوبة ولكن ذلك لا يجب أن يتحول إلى محور للدمغجة أو مدخلا لترويج الطوباويات بما يفتح الأمل أمام الفقراء والشباب حيث يسود الاعتقاد عندهم أن الحل يكمن في استعادة تلك الأموال للخروج من حالة الفقر..”.

سبل حل الأزمة وأثر جائحة فيروس كورونا

وقال الغنوشي في معرض رده على أسئلة جريدة الصباح التونسية فيما يخص سبل حلحلة الأزمة الحالية “حتى الحوار الذي هو في الأصل أداتنا الوحيدة لمواجهة خلافاتنا أصبح محاولات وفرصة لاستقطاب الشباب وتوظيفه في عملية سياسية أحادية الرؤية بل وجعله خزانا انتخابيا..”، مضيفا: “لا أتفهم رفض الرئيس وتفويته دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل لقيادة حوار وطني ومن ثم تقديم خريطة طريق للخروج من الأزمة”.

كما أشار الغنوشي إلى قضية جائحة فيروس كورونا وأثرها على الأزمة السياسية في تونس، متسائلا: “لماذا لم نتجاوز الأزمة الصحية قبل 25 جويلية؟ لأن الرئيس لم يقم بأي جهد أو دور دبلوماسي لجلب اللقاحات وقد تبين بعد ذلك أن الرئيس كان يخطط لانقلابه انطلاقا من الأزمة الصحية وما تلاها وسبقها.. والغريب أن اللقاحات انتظرت تحرك 25 جويلية لتتوفر بكثافة وكأنها كانت واقفة على الحدود في انتظار إشارة”. في المقابل، أكد رئيس حركة النهضة “أنا لم أتهم رئيس الجمهورية بالتآمر بل أعتبر أن الرئيس قصّر في معالجة الأوضاع بعدم استعداده لجمع اللقاحات وبالتالي هو مسؤول أيضا عما حصل صحيا. أما سياسيا فهو مسؤول عن منعه التحوير الوزاري وتعطيل حكومة هشام مشيشي والمحكمة الدستورية..”.

“مشيشي أهين.. وبودن لم تثبت كفاءتها”

وتناول حوار صحيفة الصباح التونسية مع رئيس البرلمان المعلقة أعماله راشد الغنوشي، قضية رئيس الوزراء المقال هشام مشيشي. وفي هذا الصدد، قال الغنوشي: “اتصلت بالصديق هشام (المشيشي) بعد نحو ساعة أو ساعتين من الانقلاب وتواصلنا معا بعد ذلك بعدد محدود جدا من المكالمات حتى أني لم ألتق به بعد ذلك. وذكر لي أنه تعرض للإهانة”. مضيفا بأن مشيشي أصر أنه يعتبر نفسه “رئيس الحكومة إلا أن ذلك لم يستمر حيث أعلن بعدها بيوم واحد عن استقالته” وبأنه “مستعد لأن يسلم السلطة لمن يختاره الرئيس. ولكن حسب علمي لم يسأله أحد لتسليم السلطة إلى من خلفه”.

هذا وقال الغنوشي في معرض رده عن سؤال جريدة الصباح حول رئيسة الحكومة التونسية الحالية “الرئيس يعيد اليوم نفس التجربة مع نجلاء بودن التي لم تثبت كفاءتها إلى حد الآن. الأمر لا يتعلق بامرأة كما قد يذهب ظن البعض بل بالكفاءة والقدرة على استنباط الحلول لمشاغل الناس وهي قدرات لم تتوفر في من قذف بهم إلى شغل هذا المرفق الهام جدا. إذ كيف يمكن للبعض أن يتحملوا مسؤولية الشعب والحال أنهم لم يختبروا أي نشاط سياسي أو نقابي أو حقوقي و إعلامي فكانت وظيفتهم الأولى في مواقع الدولة في وقت أزمة سياسية مستفحلة إما كرئيس للحكومة أو كرئيس دولة”.

“مستعد للاستقالة.. وتم تشويه البرلمان”

هذا، واعتبر الغنوشي بأن “للأسف أُريد للبرلمان أن يُحمَّل الفشل ولكن هناك أصوات من الدستوري الحر تعترف صورة وصوتا أنهم تعمدوا إفشال البرلمان وتشويه صورته أمام الرأي العام لتبرير ذبحه وقد انطلقت عملية التشويه منذ الجلسة الأولى وشارك فيها عدد محدود جدا من المتعهدين، حيث كان الترذيل هو الخطة العامة.”. كما أكد الغنوشي “إن كان الحل في استقالتي فإني لن أتأخر في الإعلان عنها وسأنسحب من رئاسة المجلس..”. 

وحذر الغنوشي من حالة الاستقطاب والتقسيم للشارع التونسي قائلا: “أصبحنا نسمع خطابا مقسما يصف جزءا كبير ا من الشعب والمعارضين بأوصاف حيوانية.. وخونة وأعداء إلى أن وصلنا إلى خطاب التحريض والتطهير وهي دعوة للتحارب الأهلي”. مضيفا: “خطاب الرئيس هو إقصائي يستبيح فيه خصومه ويحرض عليهم في خطاب حرب، لذا رجاؤنا إليك الهدوء، الهدوء، سيدي الرئيس، عملا بالمثل الشعبي “الهدى يا بن عروس” فالتونسيون عندهم ما يكفيهم من مشكلات مادية واجتماعية، فواجبك طمأنة الشعب خاصة معارضيك..”.

“ثورة مضادة.. وتقسيم للتونسيين”

وقال الغنوشي إن ما قبل إعلان الرئيس سعيّد إجراءاته الاستثنائية لم يكن جنة وكذلك ما بعده، محذرا من “التقليل من شأن العشر سنوات الماضية حيث لم تكن سنوات الظلمة والجحيم بل كان التونسيون ينعمون بدرجة عالية من الحريات.. بذلت حكومات الثورة ما بوسعها للرفع من المستوى الاقتصادي والاجتماعي على مدار العقد الماضي. كما انطلق بناء أركان الدولة الوطنية الديمقراطية من خلال الدستور ومؤسسات الرقابة والبرلمان بحيث دخلت تونس إلى نادي البلدان الديمقراطية”. مضيفا “10سنوات في تاريخ الثورات والشعوب ليس بالمدة الزمنية الكبرى وعلى التونسيين أن لا يشعروا بالإحباط أو أن عشرية من أعمارهم ذهبت هدرا. فقد استطاعت العشرية الماضية أن ترسخ في عقول التونسيين مفهوم دولة القانون والحريات.. لا أحد قادر على إعادتنا إلى مربع بن علي. مؤسسات الدولة قطعت شوطا مهما على صعيد الحياد واستقلال القرار والالتزام بدولة القانون وهو ما يقف سدا منيعا أمام رغبات ومخططات الثورة المضادة في الارتداد إلى الحكم الفردي ومثارة منجزات الثورة مثل حياد الإدارة والشرطة والجيش والإعلام والقضاء الذي يتعرض هذه الأيام لحملة شعواء لاحتوائه واستتباعه من طرف السلطة التنفيذية، ما يوجب الوقوف معه في ملحمة ترسيخ استقلاله وحياده ونظافته”.

أزمة النظام الانتخابي !!

في سياق متصل، قال الغنوشي إن “النظام الانتخابي من المشاكل القائمة بل إنه من أسباب الأزمة الاقتصادية، حيث إنه لم يفرز  حزب أغلبية بل أحزابا متعددة ومتشاكسة لم تقدر على القيام بالإصلاحات الضرورية.. ترددت الحكومات لضعفها وخوفها من اتخاذ إجراءات إصلاحية كبرى”. وتابع أن “الأزمة الاقتصادية ليست بأزمة محلية على اعتبار أن العالم يشتكي تراجع اقتصادياته كنتيجة مباشرة لوباء فيروس كورونا.. ولكن تونس مازالت تمر بمرحلة انتقالية لغياب الاستقرار السياسي وغياب اعتماد أي خطة عامة. فالحكومات أصبحت تسقط حتى قبل أن تستكمل ميزانياتها التكميلية بحيث تدخل تونس حالة من الفراغ. عشنا لأكثر من شهرين دون حكومة وهذا يعتبر قمة اللا استقرار والعجز عن الفاعلية الاقتصادية”.

وردا على سؤال جريدة الصباح حول مسؤولية النهضة في “التخبط الانتخابي”، قال الغنوشي إن “القانون الانتخابي لم تأت به النهضة بل هيئة بن عاشور حيث كانت أهدافه الأساسية منع أي حزب من التغول حتى ولو بمنطق ديمقراطي فجزء من المشكل السياسي تشتت البرلمان وغياب تيار نيابي تحت قبة باردو  (البرلمان)، بما صعب عمل المجلس. ومن المفترض الآن أن يتغير هذا القانون وقد حصل إجماع وطني بضرورة تبديله”. كما قال رئيس البرلمان التونسي المجمدة أعماله: “لا نرى مانعا في تغيير القانون الانتخابي ولكن هل سيتغير بإرادة فردية عبر مرسوم رئاسي أو في إطار الدستور؟”، مضيفا “متمسكون بالدستور فإن هذا القانون مطالب بالمرور عبر البرلمان وبالأدوات المعروفة فيه ونحن هنا لم ولن نعترض على هذا التغيير شرط أن لا يكون بإرادة فردية أو بالمرسوم 117. وقد تحدثت سابقا مع الرئيس قيس سعيّد في أكثر من مناسبة للإمضاء على القانون الانتخابي الذي عُرض سابقا على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، بيد أنه لم يفعل”.

ما الحلول وماذا عن مؤتمر النهضة؟

وبالنسبة للحلول المقترحة، قال الغنوشي في حديثه لجريدة الصباح التونسية إن “الحلول تصاغ بالحكمة و بالحوار ولا شيء غير الحوار الجامع سبيلا ولا مكان فيه للإقصاء. فإذا ما نظرنا في الواقع لأدركنا تلازم مسارات ثلاثة متوازية هي المسار الاقتصادي والمالي والديمقراطي والثوري..” وتابع الغنوشي “الحل هو أن يلتزم الرئيس بالدستور وآلياته التي أقسم على المحافظة عليها وأن يؤجل برنامجه ونظرته للحكم والدولة للانتخابات القادمة فيجعل منها برنامجا لإعادة انتخابه على أساسها، بعد أن يوضح للمواطنين مغزى تصوره للسلطة والمواطنة ونموذج الدولة التي يرنو إليها. فإن وافقه الصندوق فله ذلك. أما أن ينقلب على المنظومة من داخلها فلا يصح وهذا تمش لا هو مشروع ولا شرعي”.

وفي سياق البيت الداخلي للنهضة، قال الغنوشي: “لا عجب أننا في الحركة كأبناء النهضة كنا في طليعة من اعترض على الانقلاب ودعا للنضال من أجل العودة إلى الديمقراطية واستئناف مسار الثورة. أدعو أبناء الحركة للاعتزاز بالانتماء لهذا الصرح الأكثر عراقة وتنظيما والأكثر تماسكا فلا تقفوا عند محاولات التشكيك بأن النهضة تحتضر..”. وأضاف الغنوشي: “نحن في الطريق إلى مؤتمرنا من أجل تجديد وضخ دماء جديدة في هذا الجسم وتقييم أدائه والاستعداد لتطوير هذا المشروع”.

فرانس24

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى