آخر الأخبارأخبار محلية

بين دعوة الراعي وصلاة البابا.. هل يحصل الخرق المُنتظَر؟!

 
في عطلة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي، غابت السياسة بمعناها الواسع، وطغى الجمود على المشهد العام، رغم الفراغ العام المسيطر على البلاد، والضبابية المحدقة بكلّ الاستحقاقات، من الانتخابات الرئاسية “المجمّدة”، رغم كونها “مؤجّلة” من الأشهر الأخيرة من العام الماضي، إلى الانتخابات البلدية والاختيارية، التي يشكّك الجميع بحصولها، ولو جاهروا بالاستعداد الضمني لها.

Advertisement

 
وفي ظلّ هذا الشلل السياسي، معطوفًا على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، المتفاقمة والمتراكمة، ولو استقرّ سعر الصرف مؤقتًا ونسبيًا عند حدود المئة ألف ليرة، غابت النشاطات السياسية بالكامل، التي لم يخرقها سوى قداس الفصح الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي، داعيًا مرّة أخرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية، “يستطيع أن يقود مسيرة النهوض من الانهيار على كل صعيد”، وفق تعبيره.
 
وجاء كلام الراعي الذي طالب النواب مرّة أخرى أيضًا، بالكفّ عن هدم الدولة وإفقار الشعب، والإسراع في انتخاب الرئيس، مع ما يتطلبه ذلك من خروج من باب الحيرة وانتظار كلمة السرّ، متزامنًا مع “صلاة” البابا فرنسيس الذي دعا في رسالة الفصح من الفاتيكان، الرب لمساعدة لبنان “الذي ما زال يبحث عن الاستقرار والوحدة، حتى يتجاوز الانقسامات، فيعمل جميع المواطنين معًا من أجل الخير العام للبلد”.
 
كلام معبّر
 
يبدو كلام الراعي، معطوفًا على صلاة البابا، أكثر من معبّر، ولا سيما أنّه جاء بعد أيام قليلة من خلوة مسيحية نظّمها البطريرك الماروني وجمع فيها أغلب النواب المسيحيين، لكنّها بقيت دون الآمال، بعدما نأت بها المؤسسة الدينية عن السياسة، بالنظر إلى التباعد الفاقع بين الكتل الأساسية، التي رفض بعضها فكرة “الحوار والتقارب”، استنادًا إلى تجارب الماضي غير البعيد، التي أوصلت إلى تفاهمات “مصلحية” انقضت مدة صلاحيتها سريعًا.
 
وفيما يعتبر العارفون أنّ ما ورد على لسان البابا الذي تذكّر لبنان في رسالة الفصح ينبغي أن يترك أثرًا لدى أصحاب القرار، ولا سيما أنه “شخّص” بكلمات قليلة المشكلة، على أنّها كامنة في “الانقسامات” التي يعاني منها البلد، فيما المطلوب عمل جماعي من أجل الخير العام، يشيرون إلى أنّ كلام الراعي يبدو “مكمّلاً” لهذه الرسالة، ولا سيما بدعوته النواب للاتفاق على انتخاب رئيس يتمتع بالثقة الداخلية والخارجية، بموجب أعماله ومواقفه وإنجازاته.
 
ويضع هؤلاء كلام البطريرك الراعي في سياق نهج “الحثّ” الذي يلتزم به منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ووقوع الفراغ الرئاسي، حيث دعا مرارًا وتكرارًا إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، حدّد مواصفاته في أكثر من مناسبة، وهو ما كرّره في قداس الفصح، حين حمّل النواب مجدّدًا مسؤولية ترك أرض الوطن “سائبة”، داعيًا إياهم إلى أن يخلعوا عن أنفسهم “صفة القاصرين والفاشلين”، وفق قوله.
 
من قصد الراعي؟
 
رغم أنّه جاء مقتضبًا، ومتناغمًا مع العظات المتتالية منذ أشهر، لم يمرّ كلام البطريرك الراعي مرور الكرام، حتى إنّه فتح باب التكهّنات على مصراعيه، حول الرسائل التي انطوى عليها، وحول “المقصودين” بكلامه، سواء من أطلق عليهم وصف “القاصرين والفاشلين”، وما إذا كان يقصد بذلك فريقًا معيّنًا دون غيره، أو حتى لمن ألمح بحديثه عن الشخص “الذي يتمتع بالثقة الداخلية والخارجية”، والذي دعا النواب إلى البحث عنه وانتخابه رئيسًا.
 
بالنسبة إلى الشقّ الأول، يقول العارفون إنّ البطريرك يعتبر أنّ المسؤولية ملقاة على عاتق جميع النواب الذين كان يفترض بهم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق الأصول منذ ما قبل 31 تشرين الأول الماضي، لكنّهم لم يفعلوا ما تسبّب بالفراغ في قصر بعبدا. وإذا كان صحيحًا أنّ المسؤولية مضاعفة عند البعض، ولا سيما من يعطّلون نصاب الجلسات، فإنّ “العبرة” تبقى أنّ على كلّ من استفزّه وصف “القاصرين الفاشلين” أن يعيد النظر بأدائه، وبشكل سريع.
 
أما بالنسبة إلى الشق الثاني، فهو يتناغم أيضًا وفق العارفين، مع ما يردّده البطريرك الراعي منذ بدء الأزمة، لجهة وجود الكثير من الشخصيات القادرة والمؤهّلة لقيادة البلاد، علمًا أنّ حديثه عن “الثقة” معبّر، لكون الثقة تأتي نتيجة تراكمات، ما يعني أن الرئيس لا يجب أن يهبط بالمظلّة، ولا بموجب كلمة سرّ خارجية، ولو أنّه آثر مرّة أخرى التمسّك برفض الانجرار إلى “لعبة الأسماء”، التي يريد البعض جرّه إليها لأسباب معروفة، وفق توصيف هؤلاء.
 
“ساعد يا ربّ لبنان الذي ما يزال يبحث عن الاستقرار والوحدة حتّى يتجاوز الانقسامات فيعمل جميع المواطنين معًا من أجل الخير العام للبلد”. كلمات قليلة عن لبنان قالها البابا فرنسيس في رسالة الفصح، تبدو “بديهية” للوهلة الأولى، مثلها مثل كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي. لكنّ “العبرة” تبقى في كيفية “تلقف” هذه الرسائل من المعنيّين بها، في ضوء حالة الاستعصاء القائمة، والرهانات التي لا تنتهي، على تطورات الخارج قبل الداخل!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى