لقاء خاص للبابا برؤساء الطوائف الإسلامية في السفارة البابوية

كذلك سيكون للبابا لقاء على حدة مع رؤساء الطوائف الأرثوذكسية، وهم بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس، بطريرك السريان الأرثوذكس وبطريرك الأرمن الأرثوذكس. وقد حرص البابا على تخصيص الطوائف المسيحية غير الكاثوليكية والطوائف الإسلامية في لبنان بلقاءين كي يؤكد أنه يرى في هذا البلد نموذجا فريدا في التعاون بين الطوائف يجب تعميمه والحفاظ عليه، وأن رسالته كبابا هي لجميع دول العالم وجميع الطوائف وليس فقط للمسيحيين، وهو يرى من هذا المنطلق فرادة في النموذج اللبناني.
لافتات ترحيبية بالزائر الكبير
التحضيرات أصبحت على وشك الإنتهاء، وقد بدأت فعلياً منذ أشهر، إذ كان يُفترض أن يقوم بهذه الزيارة البابا فرنسيس، غير أنّ الوعكة الصحية التي ألمّت به وأدّت بعد ذلك إلى وفاته في 21 نيسان الماضي، حالت دون ذلك. الأمر الذي دفع البابا الخَلَف إلى الإصرار على هذه الزيارة الرسولية تحقيقاً لرغبة البابا الراحل، وبسبب المحبة الكبيرة التي يُكنّها البابا لاون للبنانيين.
ويُفترض، على ما تؤكد مصادر كنسية مطّلعة، أن تنتهي التحضيرات بشكلٍ نهائي قبل أسبوع من الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا لاون 14، أي بداية الأسبوع . وسيبدأ اللبنانيون برؤية لافتات ضخمة تحمل صور البابا لاون ترحيباً بالزائر الكبير، كتلك اللافتة التي رُفعت على طريق مطار بيروت، والتي كُتب عليها: “لبنان يريد السلام. بابا السلام”. والبرنامج الرسمي، كما بات معلوماً، يتضمّن محطات رمزية عديدة، يجري التحضير لكلّ منها على حدة.
القدّيس شربل وحلّة جديدة
في عنّايا، خضع ضريح القدّيس شربل لتهيئة نظيفة وصامتة. وارتدى الضريح حلّة جديدة، لكي يتمكّن البابا من أن يكون على مقربة من القدّيس، ويصلّي أمام الضريح. وقد جرى تشييد “قنطرة” حجرية حلّت مكان السياج الحديدي الذي كان يمنع رؤية الضريح بشكل كلّي وواضح. وجرت ترتيبات عديدة مثل إزالة الحواجز المؤقتة، وتجهيز ممر صلاة خاص، وترتيبات لاستقبال الحجاج والمحافل الروحية بطريقة تحفظ قدسية المكان.
لفتة خاصة بالشبيبة
وخلال زيارة قداسته إلى مستشفى راهبات الصليب في جلّ الديب سوف يتمّ بثّ النشيد الخاص بهذه المحطّة الذي جرى التداول به على وسائل التواصل الإجتماعي. كما سيجري بثّ سائر الأغنيات التي وُضعت بمناسبة هذه الزيارة من قبل فنانين عديدين عبر وسائل الإعلام وخلال المحطات الشعبية.
أمّا لقاء الشبيبة الذي سيُقام مساء الاثنين في 2 كانون الاول في السّاحة الأماميّة لبطريركيّة أنطاكيا للموارنة في بكركي، فستتخلّله لفتة خاصّة من البابا لاون تجاه الشباب، يتمّ الكشف عنها في حينه. إلى جانب الكلمة المهمة التي سيلقيها والكلمات التي سيستمع اليها من ممثلي الشباب اللبناني. كذلك تمّ التنسيق لإغلاق مؤقت ومساحة مُهيّأة لوقفة الصمت عند موقع انفجار المرفأ، لتأكيد بُعد التذكّر والشفاء.
أكثر من 150 ألف مشارك
وفي ما يتعلّق بالقدّاس الإلهي في واجهة بيروت البحرية الذي سيختتم به قداسته زيارته الرسولية إلى لبنان، فتجري التحضيرات لإقامة المذبح، الذي تترك فكرته مفاجأة تتكشّف مع اقتراب موعد الزيارة. وجرى تقسيم الساحة إلى Zones، تتسع لنحو 150 ألف شخص، على قدر حجم الحضور الرسمي والشعبي المتوقّع، إلى جانب الوفود السياسية والديبلوماسية الإقليمية والدولية. علماً بأنّه سيكون هناك مقاعد للجلوس وأماكن مخصّصة للوقوف.
ويعكس عدد الحضور هذا، وفق المصادر، رغبة اللبنانيين في لحظة روحية جامعة، لكنه أيضاً يضع مسؤولية ضخمة على منظمي الأمن والنقل والرعاية الطبية واللوجستيات. ورغم إقفال باب التسجيل في الرعايا والأبرشيات لا يزال المؤمنون يودّون التسجيل للمشاركة في القدّاس، ما جعل بعض الرعايا تمدّد هذه المهلة.
وبات مؤكّداً بالتالي حضور لافت لوفود عربية من دول الجوار، على ما تلفت المصادر، لا سيما من العراق وسوريا ومصر، ومن دول أجنبية عديدة حيث ينتشر اللبنانيون أو بعض مسيحيي المنطقة والعالم.
ومن الناحية التنظيمية، تُشرف شركة آيس على الجوانب التنفيذية واللوجستية، بالتعاون مع الجهات الرسمية واللجنة الكنسية المنظمة. ويقوم دورها على تجهيز المنصات، وتنظيم دخول الحشود، ومناطق الزوّار، وتنسيق الحضور الإعلامي والديبلوماسي والجماهيري…
دعم معنوي لمسيحيي الشرق
وهذه الزيارة التي يتمّ التحضير لها من قبل كلّ المعنيين بالمقرّات التي سيزورها البابا، ليست حدثًا بروتوكولياً فحسب، على ما تشدّد المصادر الكنسية، بل هي رسالة دعم معنوي لمسيحيي الشرق عموماً وللبنانيين خصوصاً، ودعوة جريئة للحوار والسلام من أعلى منبر روحي عالمي.
وتكتسي بالتالي أهمية بالغة كون البابا اختار لبنان، هذا البلد الصغير، ليقوم بأول زيارة رسولية له خارج الفاتيكان، كأول بابا “من أصل أميركي”، له تجربة طويلة في العمل الكنسي في أميركا اللاتينية، ما يمنحه نظرة عالمية قد تؤدي دوراً في رسالته السياسية والروحية إلى لبنان والمنطقة. ما يُضفي بُعداً محلياً وإقليمياً ودولياً واسعاً للكلمات التي سيلقيها من لبنان، والتي ستصل إلى الضمائر والدوائر الدولية، كما إلى شوارع بيروت وقرى الجنوب.
تجديد الرجاء في وطن مجروح
ويمكن القول إنّ أهمية زيارة قداسته إلى لبنان في المرحلة الدقيقة الراهنة لها وجوه متعددة:
1- روحياً، هي احتضان وتعزية لمسيحيين ومواطنين بآلام اقتصادية واجتماعية ونفسية، وتذكير بأن الكنيسة العالمية تنظر إلى معاناة الشرق الأوسط بعيون حنونة.
2- سياسياً، تحوّل زيارة البابا إلى رسالة ديبلوماسية تحمل في طيّاتها نداء عالمياً للاستقرار وضبط النفس، ومحاولة لإعادة توجيه الانتباه الدولي نحو معاناة المدنيين وضرورة حمايتهم لا سيما في أوقات النزاع والحروب.
لكن الأثر الحقيقي للزيارة لا يقاس بعدد الحضور أو الصور الرسمية، بقدر ما يقاس بمدى قدرتها على فتح حوارٍ عملي يخفف من المعاناة اليومية للبنانيين من تحسين الوصول إلى الخدمات، وتعزيز حماية المدنيين، ورفع صوت لبنان على الساحة الدولية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





