آخر الأخبارأخبار محلية

الحرب على غزة طويلة… وهذه هي أهدافها

إذا كانت الأرقام دقيقة فهذا يعني أن إسرائيل خسرت خلال ساعات ما خسرته في حروبها العبثية كلها. فهل تعي القيادة السياسية والعسكرية ماذا يعني هذا العدد من الخسائر في الأرواح. فـ 700 قتيل و2000 جريح وعدد غير معروف من الأسرى هي مجموعة ما خسرته إسرائيل في هجمات “طوفان الأقصى”. وأمام هول هذه الخسارة كان لا بد من أن تعلن حكومة بنيامين نتانياهو “حالة الحرب”، وهي المرّة الأولى، التي تُعلَن فيها مثل هذه الحالة بعد حرب عام 1973. وهذا ما كانت تتوقعه حركة “حماس” قبل أن تنفّذ هجماتها ، وقبل أن تلقّن العدو درسًا لا يمكن أن يُنسى أيّا تكن نتيجة الحرب التي تُشّن ضد قطاع غزة، وهي نتيجة معروفة كنتيجة أي حرب أخرى. وقد تكون الحرب المستعرة في أوكرانيا أكبر دليل على أن الحلول لأي مشكلة مهما كانت معقدّة لا تأتي من فوهات المدافع والبنادق، إلا إذا كان المقصود من كل ما يجري في فلسطين حاليًا هو التوصل في نهاية المطاف إلى التفاوض مع “أمراء الحرب” من أجل صناعة سلام دائم وشامل لا بدّ من أن يأخذ في الاعتبار ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

Advertisement

هذه نظرية من بين نظريات أخرى يتمّ تداولها في الأوساط السياسية وفي المطابخ الدولية. أمّا ما يُحكى عن سيناريوهات متوقعة فهي لا تخلو من بعض المواقف المبدئية، التي تعلنها حركة “حماس”. وهذه المواقف تنطلق من الواقع، الذي استطاعت أن تفرضه على أرض الواقع، وهي ترفض بالتالي أي تفاوض ما لم تعترف إسرائيل بأن ما كان قائمًا قبل “طوفان الأقصى” لم يعد مقبولًا به بعد هذا “الطوفان”، وأن تنزل عن شجرة ما بنته من عدائية عمرها عشرات السنين، وأن تقرّ بحق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولة قائمة بحدّ ذاتها وكاملة المواصفات، وأن يكون له كيان معترف به دوليًا.
أمّا الجانب الإسرائيلي فله نظرية أخرى، وهي تنطلق من أن ما تكبدّته حكومة تل أبيب من خسائر مادية ومعنوية لا يمكن التغاضي عنه، والتعامل مع الواقع كأنه لم يكن. ولذلك فإن إعلانها حالة الحرب” يعني أمرًا واحدًا لا مفرّ منه، وهو أن لا تراجع عن العمليات العسكرية ضد غزة قبل القضاء على القوة الضاربة لـ “حماس”، التي باتت بعد “طوفان الأقصى” تشكّل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل بعدما انكسرت هيبتها، وبعدما أظهرت الهجمات الفلسطينية بتقنيات متطورة جدًّا هشاشة التركيبة المخابراتية لجيش العدو.
فالحرب ضد غزة قد تطول كما طالت غيرها من الحروب، ولن تكون نتيجتها سوى المزيد من الخسائر البشرية والمادية، ولكن أيضًا المزيد من الإصرار على المقاومة والتصدّي لأي عدوان حتى يقتنع العالم بأحقية المطالب الفلسطينية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني.
ولكن، واستنادًا إلى أكثر من تجربة في هذا المجال فإن حسابات الدول هي غير حسابات الشعوب المناضلة، التي غالبًا ما تكون الحلول على حسابها، وعكس مصالحها وحقوقها ونضالها. إلاّ أن هذا الواقع لا يعني بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذين قرروا أن ينتفضوا في وجه الظلم، الاستسلام للأمر الواقع، والعودة بالتاريخ إلى ما قبل 7 تشرين الأول، الذي حُفر في سجل البطولات بأحرف من ذهب.
في المقابل، فإن إسرائيل التي خسرت ما يقارب 700 قتيل لن تهادن ولن تتراجع قبل أن تقضي على الأسباب، التي أدت إلى نجاح “طوفان الأقصى”، أي بتعبير آخر قبل أن تقضي على حركة “حماس”، التي تعتبرها من بين الحركات المناهضة والرافضة لكل أنواع التطبيع.
وما قاله نتانياهو بالأمس من أن الحرب على غزة سيغيّر وجه الشرق يعني أن ما يحصل الآن في الداخل الفلسطيني له ارتباطات جذرية بكل ما يُحضّر للمنطقة من تغييرات قد تشمل إعادة ترسيم حدود عدد من الدول، التي تشهد اضطرابات وانقسامات وحروب، بدءا من اليمن وصولًا إلى قطاع غزة.   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى