تكنولوجيا

كيف تتصدى الصين للهيمنة الأمريكية؟ – DW – 2025/10/27

يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة جديدة، وهو ما جعل الصين تستثمر بمليارات الدولارات في هذا المجال لتحفيز الابتكار المحلي ومواكبة المنافسة مع الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تنفق الدولة حوالي 100 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في عام 2025 وحده، بين القطاعين العام والخاص.

شكل العام الجاري انطلاقة قوية للصين بصعود نموذج اللغة ديب سيك DeepSeek، الذي برز كمنافس قوي لتشات جي بي تي ChatGPT بتكلفة أقل وموارد حوسبة أقل بالمقارنة مع منافسه الأمريكي. كما أطلقت الصين منصة علي بابا Alibaba كنموذج ذكاء اصطناعي قوي وخططت لبناء مراكز بيانات عالمية، وأطلقت شركة Tencent نموذج Hunyuan-A13B  اللغوي مفتوح المصدر، ما يعكس جدية الصين في تحدي هيمنة الولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي.

جينسون هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنيفيديا، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم يرى أنّ الولايات المتحدة “ليست متقدمة كثيراً” على الصين في سباق الذكاء الاصطناعي، فالأخيرة “سريعة جدًا” في تبني التكنولوجيا الجديدة، كما صرّح في مقابلة مع قناة CNBC.

حتى أن المنافسة بين الشركات الصينية محتدمة، وقد أثمرت عن إصدار أكثر من 1500 نموذج لغوي كبير، وهو ما يمثل 40 بالمئة من 3755 نموذجاً تم إصدارها عالميًا بحلول منتصف العام الحالي بحسب وسائل الإعلام الحكومية الصينية.

كيف تسد الصين فجوة الذكاء الاصطناعي؟

في ذات السياق، يقول بيدرو دومينغوس، أستاذ علوم وهندسة الكمبيوتر بجامعة واشنطن لـDW  إن الصين تتحرك الآن “بنفس سرعة” الولايات المتحدة، وأضاف: “لقد لحقوا بالركب على مرّ السنين وهم الآن في الصدارة، ويحاولون التقدم بشكل جيد”.

ما يميز السوق الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي هو استخدام مليار شخص للإنترنت، ما يجعل البلد بيئة مثالية لاختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي والتوسّع في السوق، كما أن تصميم النماذج الصينية للعمل على أجهزة أقل تكلفة ميزة أخرى تضمن انتشارها بشكل أوسع.

بالإضافة إلى ذلك تمنح الشركات الصينية المطوّرين إمكانية الوصول المجاني إلى الأدوات المتطورة مفتوحة المصدر التي تصممها، وهو ما لا توفره الولايات المتحدة إلا مقابل النسخ المدفوعة فقط.

ورغم أن الولايات المتحدة ما تزال في المرتبة الأولى في هذا المجال إلا أن نماذجها مغلقة وسرية على عكس النماذج الصينية. وتفتخر الصين الآن بـ 14 من أفضل 20 نموذجاً عالمياً للذكاء الاصطناعي.

روبوتات الصين قادمة!

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

القيود الأمريكية تدفع الصين إلى الابتكار

التقدم الصيني الواضح في مجال الذكاء الاصطناعي يقابله عكس ذلك تأخر في مجال الرقائق المتقدمة، اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة. وسبب ذلك، القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين والتي تمنع الأخيرة من الوصول إلى أشباه الموصلات المتطورة وأدوات تصنيع الرقائق، مما أجبر الشركات المحلية على الاعتماد على أجهزة قديمة وأقل كفاءة. رداً على ذلك حظرت بكين الواردات من الموردين الأمريكيين الرئيسيين وضاعفت جهودها في تطوير صناعة الرقائق الخاصة بها.

وبالفعل أعلنت شركة كامبريكون تكنولوجيز، المنافسة الصينية لشركة إنفيديا الأسبوع الماضي عن زيادة بمقدار 14 ضعفاً في الإيرادات الفصلية، بعد تحقيق زيادة قدرها 44 ضعفاً في النصف الأول من العام. وبالتالي استفادت الشركة من العقوبات التكنولوجية الأمريكية وبحثت عن بدائل محلية عادت عليها بأرباح طائلة.

ويمكن القول إن الضغط للابتكار في ظل القيود المفروضة عليها دفعت الصين إلى إيجاد حلول أكثر ذكاءً وكفاءة لتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي الخاص بها. وقال دومينغوس: ” إن القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على تصدير الرقائق إلى الصين تأتي بنتائج عكسية. إنها تحفز شركات مثل ديب سيك على تحسين الأجهزة القديمة، ودفع عجلة البحث”.

الولايات المتحدة تبتكر والصين تتوسع

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الذهاب إلى أبعد من مجرّد تقديم تقنيات ذكاء اصطناعي، وإنما تعمل على بناء أنظمة تفهم اللغة بشكل أفضل، وتتبع التعليمات بشكل أكثر موثوقية، وتتجنب السلوك الضار، وتطور ذكاء اصطناعي متقدم للصور والفيديو.

بينما تسعى الصين إلى توسيع سوقها وإحداث تأثير من خلال تصدير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ونماذج مفتوحة المصدر إلى البلدان النامية المتلهفة للبنية التحتية الرقمية. كما ترغب الصين من خلال نماذجها للذكاء الاصطناعي عكس قيمها ورؤيتها للتاريخ والثقافة.

وصف روبن فيلدمان، مدير معهد قانون الذكاء الاصطناعي والابتكار في جامعة كاليفورنيا للقانون في سان فرانسيسكو سباق الذكاء الاصطناعي بأنه “شكل جديد من الحرب الباردة”، وقال لموقع أكسيوس الإخباري الأمريكي: “ستفوز بهذه الحرب الدولة التي يمكنها تطوير والحفاظ على أكبر قدر من الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي”.

أعدته للعربية: ميراي الجراح

تحرير: وفاق بنكيران


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى