تنسيق رئاسي استعداداً للتفاوض وترقّب للمقاربة الأميركية للبنان

وفي هذا السياق كتبت “النهار”: على رغم إحاطة هذه المشاورات بستار من الكتمان من جانب الرئاسات الثلاث تكشف المعطيات المتوافرة بأنّ النقاش بينهم سادته جدية كبيرة وعلى الأرجح تفاهم عريض على الاحتمالات التي يرتّبها أي استحقاق تفاوضي ولو أنّ أي آلية لهذا الاستحقاق لم تتبلور ولن تتبلور قبل أوانها في حال صارت المفاوضات أمراً لا بدّ منه.
وهذا يعني تالياً مفاوضات غير مباشرة بإدارة وسطاء أميركيين وأمميين. ولكن هذا الأمر يبدو بمثابة إرسال رسالة أولية وانتظار الأصداء عليها علماً أنّ المسؤولين اللبنانيين يترقّبون التحاق السفير الأميركي الجديد اللبناني الأصل ميشال عيسى بمنصبه في عوكر نهاية الشهر الحالي لتبين المقاربة الأميركية الجديدة حيال لبنان ومن ضمنها موضوع التفاوض وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه.
ولا تخفي المعطيات المتوافرة ارتياحاً لبنانياً إلى معطيات وصلت إلى المعنيين عن ارتياح أميركي وفرنسي تحديداً إلى إعلان رئيس الجمهورية استعداد لبنان للتفاوض بما يعكس ملاقاة مرحلة ما بعد اتفاق غزة ولو أنّ لبنان لا يزال ينظر بريبة إلى عدم ممارسة ضغوط قوية وكافية على إسرائيل لوقف التصعيد المتدحرج والخنق الاقتصادي الذي تمارسه على مناطق جنوب الليطاني.
وقال مصدر وزاري مواكب لمبادرة عون، إن الرئيس اللبناني يرى أن كل المواجهات يفترض أن تنتهي بأحد حلين، إما انتصار طرف وهزيمة آخر عسكرياً، وإما الحل الدبلوماسي القائم على التفاوض والحوار الذي يفترض أن ينتهي باتفاق.
وأضاف المصدر في تصريحات أن الحرب “ليس بالوارد أن توصل إلى نتيجة، وباتت احتمالات الحرب أصلاً شبه معدومة، مما يحصر الخيارات بالتفاوض”.
وطرح عون مبادرته على رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اليومين الماضيين، وأوضح في تلك اللقاءات أن المبادرة الساعية إلى اختراق الجمود القائم، ووضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية، تشترط “عدم التفاوض تحت النار”، بمعنى أن هناك اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية لا تحترمه إسرائيل ولا تنفذه، وفي المقابل، “لا يمكن للبنان أن يتفاوض بظل الاحتلال وتحت الضغط الناري والاعتداءات العسكرية والأمنية”، حسبما تقول مصادر مواكبة للحراك، وبالتالي، “على إسرائيل أن تزيل عوامل التفجير، وتتم تهيئة الأجواء لمفاوضات جدية تنهي الاحتلال والاعتداءات وتحرر الأسرى وتنهي النزاعات الحدودية”.
وكشف مصدر مقرب من مرجع كبير لـ”الديار” عن تنسيق رئاسي عال لتفعيل التحرك اللبناني في كل الاتجاهات من اجل تحصين لبنان على الصعيدين الداخلي والخارجي تحت العنوان الاساسي: وقف العدوان الاسرائيلي، وكيف العمل من اجل اجبار العدو على تنفيذ آليات اتفاق وقف اطلاق النار والقرار 1701.
وردا على سؤال قال: “ليس هناك خطة جديدة، لكنْ هناك تزخيم للتحرك، وهناك رؤية موحدة لهذا التنسيق تعتمد بالدرجة الاولى على السعي لدى راعيي الاتفاق واشنطن وباريس ولدى الدول العربية والمجتمع الدولي لممارسة الضغوط على ” اسرائيل” لوقف اعتداءاتها وحملها على تنفيذ اتفاق وقف النار الذي خرقته منذ اللحظة الاولى”.
واضاف المصدر أنّ “التطورات الاخيرة، لا سيما اتفاق غزة وما جرى في قمة شرم الشيخ، تستدعي من لبنان ان تكون قضيته حاضرة بقوة على كل المستويات، خصوصا بعد تراجع وانحسار حركة الموفدين الاميركيين لاسباب معلومة وغير معلومة، ومنها ما تبلغته مراجع لبنانية من الدوائر الاميركية بان الاغلاق الحكومي في الولايات المتحدة اثر في حركة الموفدين، ومنها الغاء الزيارة التي كانت مرتقبة للموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس للبنان والمشاركة في الاجتماع الاخير للجنة مراقبة وقف النار”.
وردا على سؤال قال المصدر ان مجيء السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى الى لبنان منتظر في نهاية الشهر الجاري، لافتا الى انه سيؤدي دورا ناشطا نظرا إلى علاقته الوثيقة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
وفي شأن التنسيق الرئاسي، وصفت مصادر مطلعة التواصل بين الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري، اكان بشكل مباشر او من خلال المستشارين، بأنه يجري في أجواء جيدة جداً.
ولفتت الى ان اللقاءين اللذين اجراهما رئيس الحكومة نواف سلام مع كل من الرئيسين عون وبري اول من امس، سادتهما اجواء جيدة في اطار التنسيق والتداول في توحيد الموقف اللبناني.
وكشفت المصادر أيضاً أن تمادي إسرائيل في اعتداءاتها مؤخرا واستهداف منشآت مدنية متصلة باعادة الاعمار في المصيلح وانصار في الجنوب بعد اتفاق غزة، يطرح اسئلة جدية حول هذا التصعيد الخطِر، اكان من خلال عدد وحجم الغارات او طبيعة الاستهدافات التي تؤكد هدف العدو منع اعادة الاعمار وعودة الاهالي الى الجنوب.
وقالت ان كل اعتداءات العدو غير مبررة، لكن تزايد هذا الاسلوب مؤخرا بعد اتفاق غزة ينذر بعواقب خطرة ويعزز المخاوف من تنفيذ اسرائيل اعتداءات واسعة على لبنان.
ونقلت المصادر عن جهات لبنانية مسؤولة خشيتها من تنفيذ إسرائيل اعتداءات كبيرة وواسعة للضغط على لبنان من اجل التفاوض المباشر واجباره على اتفاقات جديدة تتجاوز الطابع الامني واتفاق وقف النار الحالي والقرار 1701.
ووفقا للمصادر، فان اعتراف الراعي الاميركي مؤخرا بانجازات الجيش اللبناني الكبيرة في منطقة جنوبي الليطاني يؤكد صحة موقف لبنان وتاكيده تنفيذ الجيش 95 في المئة من مهامه في هذه المنطقة، وان العراقيل ناتجة من استمرار الاحتلال الاسرائيلي لنقاط والتلال اللبنانية الخمس في المنطقة الحدودية ومواصلة اعتداءاته.
وأوضح أن الموقف اللبناني الذي صدر عن رئيس الجمهورية، هو الموافقة على التفاوض غير المباشر على غرار ما حصل في مفاوضات الحدود البحرية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook