الأقدام… غابة مصغرة من البكتيريا والفطريات!

وتشير الأبحاث إلى أن القدم لا تستضيف فقط مئات الأنواع من الكائنات الحية الدقيقة (قد تتجاوز 1000 نوع في الشخص الواحد)، بل تحتضن أيضا أكبر تنوع فطري مقارنة بأي منطقة أخرى في الجسم، مما يجعلها مصدرا بيولوجيا متنوعا.
بسبب هذا الغنى الميكروبي، تتحول الجوارب إلى حاضنة للبكتيريا والفطريات نفسها، إذ وجدت الدراسات أن الجوارب تحتوي على ميكروبات غير ضارة موجودة طبيعيا على الجلد، مثل بعض أنواع المكورات العنقودية، إلى جانب ميكروبات ممرضة خطيرة مثل الرشاشيات، والمكورات العنقودية الذهبية، والمبيضات، والهستوبلازما والكريبتوكوكس.
وتتغذى هذه الميكروبات على العرق وخلايا الجلد الميتة بين الأصابع، وتنتج مركبات كيميائية تُسبب الرائحة الكريهة الشهيرة للأقدام والجوارب. لذلك، ليس العرق ذاته هو سبب الرائحة، بل تحلل الميكروبات في هذا العرق.
وتوضح هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) أن مشكلة رائحة القدم شائعة للغاية، مما دفعها إلى تخصيص محتوى إرشادي للحد منها.
ولا يقتصر الأمر على ميكروبات القدم وحدها، بل تلتقط الجوارب الجراثيم من جميع الأسطح التي تلامسها، مثل أرضيات المنازل، والصالات الرياضية، وغرف تبديل الملابس وحتى حدائق المنازل.
وتتحول الجوارب إلى “إسفنج ميكروبي” يلتقط كائنات حية دقيقة من التربة والماء وشعر الحيوانات وغبار المنزل، مما يعني أن كل يوم ترتديها فيه يحمل بصمة بيئية فريدة.
وتبرز الخطورة في أن الميكروبات لا تبقى فقط في الجوارب؛ بل تنتقل إلى الأحذية، والأرضيات، والفراش، بل وحتى إلى الجلد نفسه. فقد أظهرت دراسة في المستشفيات أن الجوارب القطنية المنزلية قد تنقل بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية إلى أسرّة المرضى، مما يجعل النظافة أمرا مهما للصحة الشخصية والعامة.
تشير الدراسات إلى دور الجوارب في نشر الفطريات، مثل سعفة القدم (فطر القدم الرياضي)، وهي عدوى شديدة تبدأ غالبا بين أصابع القدم وتنتقل إلى مناطق أخرى كالكعبين واليدين وأحيانا إلى الفخذ. هذه العدوى تحب الأماكن الدافئة والرطبة، لذلك توفر الجوارب والأحذية الضيقة بيئة مثالية لتكاثرها.
ولتفادي العدوى، ينصح الخبراء بعدم مشي الشخص حافي القدمين في الأماكن العامة مثل النوادي الرياضية وحمامات السباحة، وعدم تبادل الجوارب أو المناشف أو الأحذية مع الآخرين، والحرص على نظافة القدمين وتجفيفهما جيدا خاصة ما بين الأصابع. كما يُفضل ارتداء جوارب قطنية وتبديلها يوميا، والسماح للأحذية بأن تجف تماما بعد كل استخدام.
وغالبا ما توصي الدراسات بعلاج الفطريات مبكرا باستخدام كريمات موضعية مضادة للفطريات، مع أهمية الحرص على عدم ارتداء نفس الجوارب بعد الإصابة حتى بعد غسلها، لأن بعض أنواع الفطريات يمكنها البقاء حتى بعد الغسل.
معظم النصائح المنزلية تركز على الحفاظ على لون وشكل الجورب فقط، لكن الصحة العامة تتطلب معايير أدق. وقد وجدت الأبحاث أن درجات الحرارة المنزلية الشائعة (30–40 درجة مئوية) غير كافية للقضاء على الميكروبات.
للتعقيم الفعلي، يُنصح بقلب الجوارب من الداخل إلى الخارج قبل الغسل، واستخدام منظفات تحتوي على إنزيمات لتفكيك العرق وخلايا الجلد، وغسل الجوارب عند 60 درجة مئوية متى أمكن، أو استخدام المكواة البخارية بعد الغسل في حالة الغسل على درجات أقل، إذ إن الحرارة تقتل الجراثيم الباقية.
وتجدر الإشارة إلى أن الجوارب القطنية تتحمل درجات حرارة أعلى من الخامات الصناعية، كما أن تعريض الجوارب لأشعة الشمس المباشرة يساعد على التطهير.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook