السياح والمغتربون يتجنبون سيارات الأجرة في مطار بيروت… ما الأسباب؟

تقول ريم سعيفان مغتربة لبنانية تعيش في ألمانيا منذ أكثر من ثماني سنوات: “مؤخرًا قررت زيارة أهلي في لبنان. وصلت إلى مطار بيروت في ساعة متأخرة من الليل وعند خروجي من صالة الوصول، فوجئت بعدد كبير من سائقي سيارات الأجرة الذين يلوّحون بأيديهم وينادون: “تاكسي؟ لو سمحتِ، إلى أين؟”. اقترب أحدهم وسألني عن وجهتي، فأجبته: “إلى صيدا”. أجابني بكل ثقة: “السعر مئة دولار”. شعرت بالدهشة! فالمبلغ مبالغ فيه جدًا، خصوصًا أن المسافة لا تستدعي هذا الرقم.
وأضافت سعيفان “حاولت التفاوض معه، لكنه رفض التنازل. فابتعدت وفتحت هاتفي، وطلبت سيارة عبر أحد تطبيقات التوصيل. وصل السائق خلال دقائق، وكان السعر أقل من النصف”.
وقالت “في داخلي شعرت بخيبة أمل. كيف يمكن أن تكون أول تجربة لي بعد العودة إلى وطني مليئة بالتوتر والاستغلال؟”.
قصة ريم ليست حالة فردية، بل تعبّر عن تجربة يعيشها عدد كبير من القادمين إلى لبنان. فهناك أسباب واضحة تجعل الكثيرين يعرضون عن ركوب سيارات الأجرة العشوائية في المطار:
1. الأسعار المرتفعة وغير الواضحة
يعاني الوافدون من غياب تسعيرة موحدة، حيث يعرض السائقون أسعارًا مبالغًا فيها دون وجود عدّاد أو لائحة رسمية تحدد كلفة الرحلة. وغالبًا ما يستغل بعض السائقين جهل السائح أو المغترب بالتعرفة المحلية.
2. غياب التنظيم والرقابة
لا توجد هيئة رسمية تنظم عمل سيارات الأجرة في المطار بشكل فعّال. فلا توجد خدمة تاكسي منظمة داخل حرم المطار، مما يترك الأمر للفوضى والاجتهادات الفردية.
3. الخوف من الاستغلال أو المعاملة غير اللائقة
تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي تجارب سلبية لركاب تعرضوا لسوء معاملة، أو طُلبت منهم مبالغ إضافية من دون مبرر. هذا يخلق حاجزًا نفسيًا لدى الوافدين ويدفعهم لتجنب هذه التجربة.
يفضّل العديد من المغتربين حجز سيارة خاصة قبل وصولهم إلى لبنان، سواء عن طريق العائلة أو عبر شركات نقل موثوقة، وذلك لتفادي الوقوع في فخ الأسعار العشوائية.
في محاولة لفهم وجهة نظر السائقين النظاميين. يقول السيد أحمد، وهو موظف في أحد المكاتب المعتمدة لتأمين سيارات أجرة للمسافرين: “نحن نعمل تحت ترخيص رسمي، ونلتزم بتسعيرة محدّدة. على سبيل المثال، التعرفة من المطار إلى بيروت تتراوح بين 25 إلى 30 دولارًا، بحسب الوجهة. لكن المشكلة أن لا أحد يُعير ذلك اهتمامًا، لأن السائقين غير الشرعيين يسيطرون تمامًا على محيط صالة الوصول”.
ويضيف: “نحن كمكتب لدينا سائقون ملتزمون ومسجّلون، ولكننا يوميًا نخوض معركة خاسرة. السائقون العشوائيون يدخلون بسهولة إلى المنطقة، يوقفون سياراتهم عند المدخل، ويعرضون على المسافرين الأسعار التي يشاؤون. لا رقابة، ولا حواجز تمنعهم من التصرّف وكأنهم أصحاب المكان”.
ويتابع أحمد: “المشكلة الأكبر أن هؤلاء لا يلتزمون بأي قواعد. بعضهم لا يحمل حتى رخصة عمومية. الأسوأ من ذلك أن الكثير من الزبائن، بعد أن يتعرضوا للاستغلال من أحدهم، يعودون ويظنون أن كل سائقي التاكسي في المطار هم هكذا. نحن نتلقى شكاوى يومية بسبب تصرّفات لا علاقة لنا بها”.
وأضاف “تخيّل أن السائح الأجنبي أو المغترب اللبناني ينزل من الطائرة متعبًا، ويريد فقط أن يصل إلى الفندق أو المنزل، فيجد نفسه مطاردًا من سائقين يتنافسون عليه كما لو كان ‘صيدًا’. أين الدولة؟ لماذا لا يتم تنظيم هذه الفوضى؟”.
يقول أحمد“طلبنا ببساطة أن تكون هناك نقطة تجمّع محددة لسيارات الأجرة المرخّص لها، وتعليق لوحات تسعيرة واضحة، وتخصيص موظف لمساعدة الزبائن في الحجز. طالبنا بإبعاد السائقين غير الشرعيين، أو على الأقل إلزامهم بإبراز أوراقهم. لكننا دائمًا نسمع الكلام نفسه: ‘سننظر في الموضوع’”.
تُعدّ تجربة الوصول إلى المطار من أولى المؤشرات على مستوى الخدمات والنظام في أي بلد. وفي حالة مطار بيروت، يبدو أن أول ما يواجهه الزائر ليس الترحيب، بل سوق فوضوي للنقل حيث لا يوجد قانون ولا أمان .
في ظل ما يشهده لبنان من أزمات، يصبح تنظيم خدمات المطار واجبًا لا رفاهية. فهل يتحرك المعنيون قبل أن تتحوّل “توصيلة التاكسي” إلى أزمة دائمة في وجه كل قادم إلى البلاد؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook