لبنان أمام اختبار الوقت…فهل يتشدد الحزب؟

يمكن تشخيص اللحظة اللبنانية بالجهد الدولي والأميركي تحديداً الذي يركز على معالجة ملف سلاح حزب الله وهو موضوع لا يمكن عزله عن التوازنات التي نتجت عن الحرب الإسرائيلية – الإيرانية. لقد بدا “الحزب” في الأونة الأخيرة وكأنه معلق في حالة انتظار لتطورات ما، فأظهر التزاماً صارماً بوقف إطلاق النار وانسحب عسكرياً من جنوب الليطاني وأوكل الى الدولة اللبنانية مهمة التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، لكنه في المقابل أظهر تشدداً في كل ما يتصل بسلاحه في منطقة شمال الليطاني.
لقد سعى العهد مراراً إلى أن ينتزع من “حزب الله” بالحوار وبالتواصل الإيجابي المرن، أية خطوات ولو كانت محدودة باتجاه إطلاق مسار معالجة ملف السلاح، إلا أن الحزب عزف عن كل ذلك ورمى الكرة في الملعب الأميركي والإسرائيلي، ومحدداً عدداً من الشروط التي يجب أن تعالج قبل أي بحث جدي بالسلاح، وأبرزها انسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلتها وإطلاق الأسرى اللبنانيين وإيقاف كل الأعمال العدائية وإطلاق عملية إعادة الإعمار، علماً أن التمعن في مواقف مسؤولي حزب الله، يظهر أنها تدرجت من الرفض الصارم لنزع السلاح إلى تأجيل البحث بأي شيء قبل إنجاز الشروط المشار إليها، الأمر الذي يعني، خلو مواقف الحزب من أي إشارة تشي بالبحث في موضوع السلاح. فحزب الله لا يمانع البحث في الاستراتيجية الدفاعية وبسط سلطة الدولة، لكن موضوع السلاح هو شيء آخر بالنسبة إليه.
لقد نجح العهد في أن يفرض مقاربته على الأميركيين باعتماد الحوار طريقة لمعالجة ملف السلاح، لكن هذا النجاح بدأ يقترب من الخضوع لاختبار الصدقية،عندما انتقلت واشنطن إلى القول بأن المهلة أمام الحوار ليست مفتوحة، فالمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك أعلن أن هذه المهلة مقيدة بثلاثة أسابيع كي تعطي الحكومة اللبنانية جواباً واضحاً حول مآل الأمور، علماً أن هذه المهلة تزامنت مع وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.
حزب الله الذي يبدي ارتياحاً لنتائج الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، يمر بحالة انتعاش نتيجة إخفاق إسرائيل في تحقيق انتصارها على إيران التي لا تزال تمتلك، بحسب مصادر مقربة من الحزب، معادلة الردع في وجه أي خروقات إسرائيلية، فنظامها خرج أكثر قوة وثباتاً. ولذلك فإن كل ذلك، يدفع الحزب، بحسب المصادر، إلى مزيد من التشدد ولا بد لهذا الامر أن ينعكس على موقفه من موضوع السلاح، في المقابل ستجد إسرائيل نفسها في موقع الحاجة إلى التشدد أيضاً لإنقاذ ما تعتبره إنجازات على الساحة اللبنانية باستكمال ضغوطاتها بهدف الوصول إلى نزع السلاح.
إن هذا المشهد بتعقيداته سيشكل تحدياً لدور الولايات المتحدة التي لن تسمح بأي إنزلاق نحو التصعيد مجدداً، الأمر الذي يظهر الحاجة إلى مبادرات أكثر واقعية تتضمن إجراءات متزامنة بين “الحزب” وإسرائيل تفتح نافذة في جدار حالة الاستعصاء القائمة على غرار أن تقوم إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس في الوقت الذي تبدأ الدولة اللبنانية بخطوات ملموسة في معالجة ملف السلاح. مع الإشارة إلى أن عدم انخراط الحزب إلى جانب إيران في مواجهة إسرائيل، يعتبر، بحسب مصادر سياسية، مؤشراً شديد الإيجابية لا بد أن يؤخد في الحسابات الأميركية وهو معطى قابل للتوظيف في طمأنة إسرائيل حول الوجهة التي بدأ الحزب يسلكها منذ التزامه بورقة الاجراءات التنفيذية للقرار 1701.
كل ذلك لا يقلل من حجم التعقيدات التي ينطوي عليها المشهد اللبناني، لكن يمكن لتحريك عملية إعادة الإعمار أن تشكل، بحسب المصادر، عاملاً إيجابياً في تليين مواقف الحزب المتشددة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook