آخر الأخبارأخبار محلية

الانتخابات البلدية في الشمال وعكار.. هل نجحت الحكومة في الاختبار الثاني؟!

صحيح أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية سلكت طريقها بعد الاختبار الأول في محافظة جبل لبنان قبل أسبوع، وبالتالي بعد “تجاوز” مرحلة الشكوك والتكهّنات التي سبقته، حول احتمالات التمديد وسيناريوهات التأجيل، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ كلّ جولة من هذه الانتخابات تحمل بحدّ ذاتها “تحدياتها الخاصة”، ليس فقط على مستوى المعارك السياسية أو الإنمائية أو حتى العائلية التي تنطوي عليها، ولكن أيضًا على المستويين اللوجستي والأمني.

وإذا كانت الأنظار في هذا السياق تتركّز على انتخابات الجنوب، التي لا يزال الغموض يكتنف “سيناريوهاتها” في ظلّ الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك على انتخابات بيروت، في ظلّ الهواجس المشروعة على مصير التنوّع الذي لطالما طبع مجلسها البلدي، فإنّ انتخابات الشمال وعكار لم تخرج عن سياق التحديات، خصوصًا على المستوى الأمني، بعدما شكّلت الإشكالات والفوضى عنوانًا أساسيًا لها.

وفي حين سارع رئيس الحكومة نواف سلام إلى إعلان النجاح في تنظيم هذه الانتخابات، رغم كلّ التحديات التي رافقتها، مع تأكيده أنّ وزارة الداخلية تعاملت بجدّية وسرعة قياسية مع الشكاوى التي وردتها، فإنّ السؤال يبدو أكثر من مشروع، فهل نجحت الحكومة فعلاً في الاختبار الانتخابي البلدي الثاني، بمعزل عن النتائج والأرقام التي أفرزتها، والتي قد تتفاوت قراءاتها، وهل كانت الانتهاكات والمخالفات في السياق “الطبيعي”؟!

ما يسجَّل للحكومة..

في المبدأ، لا يمكن القفز فوق “الإيجابيّات” التي حملها اليوم الانتخابي الطويل في الشمال وعكار، على الرغم من كلّ الملاحظات “التنظيمية” التي يمكن الإشارة إليها، مع مراعاة الظرف “الاستثنائي” الذي جاءت به هذه الانتخابات، وهي الأولى منذ العام 2016، والأولى أيضًا منذ الانهيار الاقتصادي والمالي الذي عاشته البلاد، وقد بقي الرهان على تأجيلها قائمًا حتى اللحظة الأخيرة، في ظلّ “الضبابية” التي أحاطت بها، ولا تزال.

من هذه “الإيجابيات” مثلاً أنّ الاستحقاق أنجِز ديمقراطيًا، ولو “تضاربت” أجواؤها بين منطقة وأخرى، ففيما فازت عشرات البلدات بالتزكية مثلاً، تفاوتت طبيعة المعركة وحدّتها في بلدات أخرى، فيما تحوّلت بلدات أخرى إلى ساحات اشتباك ومعارك، لكن رغم ذلك، يمكن الحديث عن نجاح نسبيّ للحكومة في الاستجابة الطارئة للشكاوى، وكذلك للأجهزة الأمنية في التصدّي للإشكالات، وإعادة الوضع إلى طبيعته، ولو توقفت عملية الاقتراع جزئيًا في أكثر من مكان.

وبالحديث عن الإيجابيّات أيضًا، يسجّل “الاستنفار” الحكومي والأمني لمواجهة بعض الظواهر الانتخابية التي قد تكون مألوفة، ومنها الرشاوى الانتخابية، وهو ما تجلّى في الإعلان عن توقيف عدد من المشتبه بهم بدفع رشاوى، والضغط على الناخبين، عملاً بالقانون الذي يحظر مثل هذه الأعمال، علمًا أنّ رئيس الحكومة كان جازمًا أيضًا في تأكيده المضيّ بملاحقة الموقوفين قانونيًا، إضافة إلى محاسبة المتورّطين في الإشكالات، وهو ما يُبنى عليه.

ثغرات و مشاكل..

لكنّ ما تقدّم لا يعني أنّ العملية الانتخابية في الشمال وعكار حصلت فعلاً في أجواء “مثالية”، إذ اعترتها أيضًا العديد من الإشكالات، وإن كان بعضها برأي كثيرين خارجًا عن السيطرة، فالاشتباكات والمواجهات التي تمّ توثيقها في بعض المناطق لا تُعَدّ تفصيلاً في هذا الإطار، ولو استطاعت القوى الأمنية ضبطها، أو ربما احتواءها في مكانٍ ما، وهي تعكس أجواء أبعد ما تكون عن “جوهر” الانتخابات المحلية، والأهداف المرجوّة منها.

وبالحديث عن الثغرات، كان لافتًا تكرار الخروقات ذاتها تقريبًا التي سُجّلت في الجولة الأولى من الانتخابات، فالكثير من رؤساء الأقلام لم يكونوا ملمّين بتفاصيل القانون، ما أدّى إلى بعض الارتباك في التعامل مع عمليات الاقتراع، ولم تغب خروقات الصمت الانتخابي وسرية الاقتراع عن المشهد، ما استدعى من وزير الإعلام بول مرقص إلى الدخول على الخط، عبر دعوة الإعلاميين والإعلاميات إلى الابتعاد عن الدعاية والترويج.

إلا أنّ العارفين والمتابعين يشدّدون على أنّ هذه الثغرات لا تخرج عن سياق “المعقول”، إذ إنّ هذه التجاوزات تبقى ثابتة في كل الاستحقاقات الانتخابية، ومن الصعب الاعتقاد بأنّ بالإمكان التخلّص منها “بكبسة زرّ”، علمًا أنّ الطابع المحلّي للانتخابات البلدية يعزّزها ولا يخفّضها، باعتبار أنّ المرشحين والمندوبين والناخبين هم في النهاية “جيران”، وبالتالي فإنّ ما يُعَدّ “مخالفة قانونية” قد لا يبدو كذلك بالنسبة إليهم، رغم كلّ شيء.

في المحصّلة، وبعيدًا عن كلّ ما يُحكى عن مخالفات وانتهاكات، وحتى عن كلّ الفوضى والإشكالات الأمنية التي اعترت الجولة الثانية من الانتخابات البلدية، فإنّ التحدّي الفعلي والحقيقي يبقى “ما بعد” انتهاء هذه الانتخابات وإعلان النتائج، فهل يكون إنجاز الاستحقاق، رغم كلّ شيء، “فرصة” للإنماء والتطوير، وللنهوض بالبلدات، وهي التي أحوج ما تكون إلى ذلك، بعيدًا عن أيّ حسابات سياسية تضرّ ولا تنفع؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى