الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: “بيروت” إلى التوافق ولا تعديل للقانون وإقرار السرية المصرفية يطلق المسيرة الإصلاحية

وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية”: اختلطت الاهتمامات أمس بين السياسي والتشريعي والبلدي والأمني والإقليمي والدولي، في ظلّ حالة من الترقّب لما ستسفر عنها المفاوضات الأميركية الإيرانية التي ستشهد غداً جولتها الثالثة، في ظل معطيات لا تشي حتى الآن باتفاق قريب استناداً إلى المواقف التي تصدر عن الجانبين المعنيين.
تصدّرت الجلسة التشريعية الاهتمامات الداخلية أمس لما تضمنه جدول أعمالها من مشاريع قوانين واقتراحات قوانين مهمّة وحسّاسة، ولا سيما المتعلق منها برزمة الإصلاحات المطلوبة محلياً ومن المجتمع الدولي ومؤسساتها المالية، والتي من شأنها أن تفتح الباب الدولي لمساعدة لبنان على تخطّي أزماته الاقتصادية والمالية وغيرها.
وقد شكّل إقرار قانون السرّية المصرفية الخطوة الإصلاحية الأولى في هذا الاتجاه. وأكّدت اوساط مواكبة لمخاض ولادة قانون تعديل السّرية المصرفية لـ”الجمهورية”، أنّ إقرار مجلس النواب لهذا القانون أمس أعطى دفعاً قوياً لمسار الإصلاحات المالية المنتظرة بعدما تعثر طويلاً. واعتبرت أنّ إقرار القانون بالتزامن مع مشاركة الوفد الرسمي اللبناني في “اجتماعات الربيع” مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة في واشنطن، إنما “رسمل” الوفد بورقة رابحة عززت رصيده في المفاوضات مع الصندوق والبنك.
ولفتت هذه الأوساط إلى انّ صدور قانون تعديل السرّية المصرفية في صيغته النهائية بعد انتظار طويل، رمّم نسبياً بعض الفجوات في جدار صدقية الدولة الذي كانت قد صدّعته سياسة المماطلة والتشاطر وما رتبته من انعدام الثقة بلبنان.
وأملت الأوساط نفسها في أن تشكّل خطوة مجلس النواب انعطافة نحو مسار مختلف، يُفترض استكماله لاحقاً مع إقرار قانوني تنظيم أوضاع المصارف والفجوة المالية اللذين يشكّلان مع قانون السرّية المصرفية كلاً لا يتجزأ. وشدّدت على ضرورة ترجمة قانون تعديل السرّية المصرفية إلى ملاحقة ومحاسبة للفاسدين، ولأولئك الذين استفادوا من الهندسات المالية وسياسة الدعم وهرّبوا أموالاً بعد انهيار 2019 وغيرها من الارتكابات، خصوصاً انّه أصبح في الإمكان الآن كشف حساباتهم بالأرقام والأسماء، منبّهة إلى خطورة أن ينضمّ هذا القانون إلى لائحة القوانين الصادرة إنما الممنوعة من التنفيذ.
وقد وقّع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مساء أمس قانون السرّية المصرفية وطلب نشره وفقاً للدستور.
أوراق نقدية وإعمار
وكان من بين القوانين التي أقرّها المجلس في الجلسة أيضاً، الإجازة لمصرف لبنان التداول بورقتين ماليتين جديدتين من المليون ليرة والخمسمئة الف ليرة. وسقط خلال الجلسة اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى إعادة إعمار الأبنية المتضررة بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان، كذلك سقط اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى إعفاء المدن والبلدات والقرى في محافظتي النبطية والجنوب من رسوم المياه والكهرباء والضرائب المتوجبة عليهم، والذي قدّمه النائب قاسم هاشم، بعد التصويت عليهما. ما دفع بعضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قبلان قبلان إلى القول: “ما حدا فارقة معو الجنوب، مبروك على الجنوب هيك حكومة وهيك تشريع”.
الإنتخابات البلدية
من جهة ثانية، تلقف مجلس النواب في جلسته أمس كرة النار التي تدحرجت مع السجال الطائفي حول تعديل قانون الانتخابات البلدية في الشق المتعلق ببلدية بيروت. وكشفت النقاشات التي دارت في الجلسة التشريعية أمس عند طرح الموضوع، حجم الإصطفافات بين الكتل النيابية والقوى السياسية، آخذة بعداً طائفياً استدركه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رافضاً أن يمرّر المجلس النيابي أي قرار او موضوع طائفي قائلاً: “مش نبيه بري ولا انتو بتمرقو هيك شي، ونحن شغلتنا نمتص هكذا أمور” .
وواضح أنّ المقايضة بين صلاحيات محافظة بيروت وتكريس المناصفة في القانون داخل بلدية بيروت على وجه التحديد، أثارت مخاوف من أن تمتد شرارة الطرح إلى بقية المناطق، فكان المخرج الذي طرحه بري بإعادة اقتراحات القوانين إلى لجنة الدفاع والداخلية والبلديات لدرسها أهون الشرور.
وعليه، أكّدت مصادر نيابية لـ”الجمهورية”، انّ الانتخابات البلدية ستُجرى وفق القانون الساري المفعول، وطار اقتراح التوافق على أي تعديل لهذا القانون قبل الانتخابات او بعدها.
وقد ردّ رئيس مجلس النواب على مداخلات نيابية أخذت طابعاً طائفياً حول الانتخابات البلدية، فقال: “هذا شيء لا يجوز على الإطلاق. علينا كمجلس نواب أن نمتص كل شيء. فالنائب هو نائب عن كل الأمّة وهذا منصوص عنه في الدستور”.
الحوار حول السلاح
وعلى صعيد الحوار المرتقب بين رئيس الجمهورية وحزب الله في موضوع حصر السلاح بيد الدولة، فإنّ هذا الحوار، وحسب مصادر رسمية لـ”الجمهورية”، لن ينطلق ما لم يحصل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وما لم تتوقف إسرائيل عن خرق اتفاق ووقف إطلاق النار والقرار الدولي الرقم 1701.
وفي هذا الإطار التقى الرئيس عون قائد قوات “اليونيفيل” الجنرال ارولدو لازارو، وأبلغ اليه انّ “الجيش اللبناني يواصل انتشاره في القرى والبلدات الجنوبية التي اخلتها إسرائيل، ويتولّى تنظيفها من الألغام وإزالة كل المظاهر المسلحة فيها، على رغم اتساع مساحة الأراضي الجنوبية وطبيعتها، الامر الذي يأخذ وقتاً”. وأشار إلى انّ “استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس يجب أن ينتهي في اسرع وقت ممكن، لتأمين الاستقرار والأمن على طول الحدود الجنوبية، تمهيداً لاستكمال عودة الأهالي إلى قراهم”، وأكّد عون انّ “عملية تطويع العسكريين تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء مستمرة لتأمين 4500 عسكري سوف يتولون مع القوات الموجودة حالياً، بسط الأمن في الجنوب وتطبيق القرار 1701 بالتعاون مع “اليونيفيل” التي نقدّر الجهود التي تبذلها بالتنسيق مع الجيش”.
التفاهمات الخارجية
وفي سياق متصل، قالت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية” إنّ المسار الذي سيسلكه ملف السلاح مرتبط مباشرة بمسار المفاوضات الأميركية – الإيرانية. فمن الواضح أنّ إسرائيل تراهن على أنّ أي اتفاق سيتمّ التوصل إليه نتيجة هذه المفاوضات ستنجح في تعطيل أذرع إيران في الإقليم، بما في ذلك “حزب الله”. وفي المقابل، يراهن “حزب الله” على أنّ هذه المفاوضات ستنجح في إبرام تسوية تحفظ لإيران كثيراً من القدرات وأوراق القوة في الإقليم، ما ينعكس إيجاباً على وضعية “الحزب”. وبذلك، سيحظى المخرج المنتظر في مسألة السلاح بتغطية إقليمية ودولية، ما يسمح بإنجازه بعيداً من أجواء التحدّي والتشنج.
وأضافت المصادر: “في هذا الخضم، ينتظر أركان الحكم أن تتبلور صورة التفاهمات الخارجية، بحيث تولد أجواء مناسبة للحوار حول السلاح. وفي أي حال، هم يحرصون على أن لا يتخذ الحوار المرتقب مساراً متوتراً، لاقتناعهم بأنّ أي إقحام للمنازعات الخارجية في هذا الملف، سواء من جهة الغرب أو من جهة طهران، سيثير المخاوف من توترات داخلية. وهذا ما يسعى الجميع إلى تجنّبه”.
الذكرى الـ110 للإبادة الأرمنية
أحيَت الجالية الأرمنية في لبنان الذكرى الـ110 للإبادة الجماعية الأرمنية في ساحة الشهداء تحت شعار “لا للإبادة المستمرة”. وطالب المشاركون السلطات اللبنانية بالاعتراف الرسمي والتأكيد على حفظ الذاكرة القومية الأرمنية.
واعتبر رئيس الجمهورية جوزاف عون، أنّ الذكرى تأكيد على الالتزام بالعدالة وحقوق الإنسان ومواجهة العنف والتطرّف والإقصاء.
وأعلن “أرمن لبنان” في بيان، عن رفضهم لاستمرار الإبادة الجماعية ومواصلة النضال من أجل الحق والعدالة، مجددين التزامهم بحراسة الذاكرة الجماعية.
كما أصدرت الأحزاب الأرمنية الثلاثة (الطاشناق، الهنشاك، والرامكافار) بياناً مشتركاً جدّدوا فيه رفضهم لاستمرار ما وصفوه “الإبادة الجماعية المتحققة ضدّ أجدادنا”، داعين المجتمع الدولي إلى الاعتراف الرسمي بهذه الجريمة وتقديم الاعتذار لشعبنا. وشدّد البيان على “المسؤولية الأخلاقية والإنسانية في عدم نسيان الدروس التاريخية ومنع تكرارها”.
=====
مصدر الخبر
للمزيد Facebook