آخر الأخبارأخبار محلية

أمنيات العام الجديد لبنانيًا.. من يمكن أن يحقّقها؟!

 
على الأمنيات المعهودة بسنة تكون بالحدّ الأدنى “أفضل” من سابقاتها، ولو ورثت كلّ “أثقال” المرحلة الماضية، من فراغ سياسي، وانهيار اقتصادي، وتخبّط اجتماعي، وقد أضيف إليها جميعها “شبح” حرب يبقى احتمالها قائمًا في أيّ لحظة، يمكن أن “تنزلق” معها الجبهة “المشتعلة” أصلاً على الحدود الجنوبية إلى ما لا تُحمَد عقباه، ودّع اللبنانيون العام 2023، ليستقبلوا عامًا آخر، متمسّكين بـ”الأمل” بغدٍ أفضل وأكثر إشراقًا.

Advertisement

 
في استقبال العام الجديد، اختلطت أمنيات اللبنانيين بين ما هو عام وما هو شخصيّ، في ظلّ “ترابط” بين الإثنين لا يخفى على أحد، لتتقاطع بمجملها عند الرغبة بالوصول إلى حدّ أدنى من “الاستقرار” ليس على المستوى الأمني فحسب، ولكن قبل ذلك وبالتوازي معه ربما، على المستويين السياسي والاقتصادي، فضلاً عن الاجتماعي، بما يسمح بالمضيّ عمليًا إلى الأمام، والتطلّع بناءً عليه لخوض التحدّيات وتحقيق الذات.
 
وإذا كان هناك من استبدل تعبير “تنعاد عليكم” المعتمَد في مثل هذه المناسبات، بمصطلحات أكثر تحديدًا، تعبيرًا عن رفض أن “تنعاد” بالظروف القاسية نفسها، فإنّ السؤال الذي يطرحه كثيرون، مع بداية العام الجديد: هل تكفي الأمنيات أصلاً؟ كيف يمكن تحويلها إلى واقع عمليّ على الأرض؟ ومن الذي يستطيع فعل ذلك على أرض الواقع؟ وأبعد من ذلك، هل من “خريطة طريق” يمكن أن تؤمّن ذلك؟
 
أمنيات اللبنانيين في العام الجديد
 
في حال وضع الأمنيات الشخصيّة، على أهميتها ودقتها، جانبًا، يمكن اختصار أمنيات اللبنانيين العامة في استقبال العام 2024، بمجموعة من التعابير تكرّرت على ألسنة الكثيرين، من بينها إبعاد “شبح” الحرب عن البلد الذي قد لا يحتمل مواجهة عسكريّة كبرى في ظلّ الظروف الاستثنائية التي يعيشها على كل المستويات، وإن كان جزء لا يتجزأ منه واقعًا منذ نحو ثلاثة أشهر، في أتون حرب بأتمّ معنى الكلمة على الحدود الجنوبية.
 
في أمنيات اللبنانيين ما يرتبط أيضًا بالواقع الاقتصادي، وما ينتج عنه من استقرار مالي أو فوضى نقدية واجتماعية، فإذا كان اللبنانيون قد “طبّعوا” إن جاز التعبير، مع وضعهم الاقتصادي، في ظلّ “الدولرة الشاملة”، أو بالحدّ الأدنى “تأقلموا” معه رغم كلّ الصعوبات، فإنّ الخوف الحقيقيّ الذي ينتابهم على أعتاب العام الجديد يكمن في عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وتحديدًا إلى زمن الانهيار، وتفلّت الأسعار مع ما اصطلح على تسميته لبنانيًا بـ”جنون الدولار”.
 
ولا يغيب الواقع السياسي عن آمال اللبنانيين وانتماءاتهم، ولا سيما لجهة انتخاب رئيس للجمهورية، بعد عامل كامل من الفراغ، الذي انعكس على كلّ القطاعات، وأن تتوقف النكايات السياسية، التي لم تعرقل عملية انتخاب رئيس فحسب خلال العام الماضي، لكنّها عطّلت في طريقها الكثير من المشاريع التي تعنى بشؤون المواطنين مباشرة، بذرائع وحجج أثارت ولا تزال تثير الكثير من الجدل، مع انّها قد لا تعني الناس فعليًا.
 
الاستقرار السياسي أولاً
 
صحيح أنّ انتخاب الرئيس قد لا يكون في صدارة أمنيات اللبنانيين في استقبال العام الجديد، فهو يأتي خلف عنواني الأمن والاقتصاد، اللذين يتأثر بهما عامة الشعب بصورة مباشرة، إلا أنّ الاستقرار السياسي هو الذي يأتي في الصدارة، وفقًا للعارفين، لأنّ كل العناوين الأخرى تتفرّع منه، بل لأنّها أضحت في مكان ما “رهينة” هذا الاستقرار الغائب، والفراغ الذي يبدو أنّ هناك من يطمح لمنحه “إقامة طويلة” في قصر بعبدا، بغض النظر عن التبعات الثقيلة.
 
صحيح أنّ انتخاب الرئيس لا يمكن أن يؤمّن “حلاً سحريًا” لكلّ الأزمات، خلافًا لما يروّجه البعض، بعيدًا عن “وهم” الفرج الشامل الذي قد يحصل بمجرد إنجاز الاستحقاق المغيَّب، لكنّ الصحيح أيضًا وفق العارفين، أن من شأنه إعادة الانتظام للواقع السياسي والدستوري في البلاد، بما قد ينعكس إيجابًا على الوضعين الأمني والاقتصادي، عبر “تحصين” الساحة الداخلية أولاً، وإطلاق العنان ثانيًا للإصلاحات الاقتصادية “المعلَّقة” منذ سنوات، وهنا بيت القصيد.
 
يبقى السؤال الأكبر عمّن يفترض أن يتحمّل هذه المسؤولية، من أجل تحويل الأمنيات إلى واقع على الأرض، إلا أنّ الإجابة “أبسط” من ذلك بكثير، ولو أنّ “التعقيدات” تحيط بآليات التنفيذ، فالمسؤولية هي “جماعية”، وتتطلّب من الجميع “حسًّا وطنيًا”، مع الاستعداد لتقديم “التنازلات المتبادلة”، لأنّ الاستمرار على “نَفَس التحدّي” الذي طبع المواقف خلال العام الماضي، لن يؤدي سوى لاستمرار “الكابوس” لعام آخر، وربما أكثر.
 
المطلوب بحسب العارفين، من أجل وضع “خريطة طريق” لتحقيق الأمنيات، أن يبدي جميع الأفرقاء “مرونة” لمقاربة من نوعٍ آخر لكلّ الملفات، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي، بعيدًا عن منطق “مرشحي أو لا أحد”، لكن بعيدًا أيضًا عن منطق “لا للتفاهم”، الذي لا يزال عصيًا على الاستيعاب لكثيرين، وقد أصبح واضحًا أنّ “تحرير” الاستحقاق مستحيل، من دون المرور بمرحلة “التحاور”، أو “التشاور”، بلا شروط مسبقة أو ملحقة!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى