مشهد في لبنان تكرّر في سوريا.. شيح السيولة يخلق الطوابير

من بين هؤلاء رجل يدعى أبو فراس، الذي جلس على قارعة الرصيف ليستريح بعدما انتظر ساعات في طابور أمام مصرف حكومي في دمشق دون الحصول على جزء ولو يسير من راتبه، حاله كحال سوريين كثر يختبرون المشقة ذاتها يوميا بسبب نقص في السيولة تعانيه البلاد.
في حديث لوكالة “فرانس برس”، يقول الموظف المتقاعد: “أنا هنا منذ نحو أربع ساعات، ولم أستطع استلام راتبي بعد”.
وهنا، يوضح أبو فارس أن “هناك مرضى وكباراً في السن، ولا نستطيع أن نبقى على هذه الحالة”.
أوضاع صعبة تضغط على السوريين
وعمّم البنك المركزي على المصارف الحكومية والخاصة الالتزام بسقف يومي بسحب 200 ألف ليرة (نحو 20 دولاراً) للفرد، يمكن رفعها حين تتوفر السيولة، بحسب موظفة في مصرف خاص.
وتضيف الموظفة في متحدثة لفرانس برس، طالبة عدم كشف هويتها: “هناك نقص واضح في السيولة، وليس لدينا تحكم بكامل إيداعات مصرفنا في البنك المركزي، وبالتالي نتحرك يوميا مع عملائنا ضمن ميزانية محددة لا يمكن تجاوزها، ولهذا السبب أيضا نغلق الصرافات مع انتهاء الدوام الرسمي”.
وأمام كوة المصرف التجاري الحكومي، وقف نحو ثلاثمائة شخص في طوابير متداخلة تتقدم ببطء، ومنهم من جلس على الأرض بعدما أتعبه طول الوقوف.
وتؤكد الموظفة الحكومية عفراء جمعة (43 عاما)، أنها تنفق الأموال التي تتمكن من سحبها لدفع أجرة الطريق، وتقول: “الأوضاع صعبة ونحن بحاجة لقبض رواتبنا وسحب ودائعنا بأسرع وقت ممكن، وليس مقبولا أن ننتظر أياما كي نسحب مبالغ زهيدة”. وتُضيف: “نضطر لتأخير التزاماتنا حتى نحصل على أموالنا، وهذا الأمر ليس متاحا دائما، والناس يطالبوننا بالايجارات وبسداد الديون المتراكمة علينا”.
تجفيف السيولة في الاقتصاد السوري
ويعزو الخبير الاقتصادي جورج خزام نقص الكتلة النقدية المتداولة الى تعمّد الصرافين “تجفيف السيولة بالليرة السورية بهدف إحداث تقلبات سريعة في السوق وتحقيق أرباح سريعة”، ويوضح لفرانس برس أنه “كلما كانت كمية الأموال المتداولة بالليرة السورية بالأسواق قليلة، كلما زادت قدرة الصرافين على إحداث التقلب المطلوب في سعر صرف الدولار” عبر خفض العملة المحلية في سوق القطع، وتاليا رفع قيمتها إزاء العملة الخضراء.
من بين الواقفين خارج المصرف التجاري الموظفة الحكومية منتهى عباس (37 عاما)، التي تتقاضى راتبا قدره 500 ألف ليرة، وهو ما يعادل نحو 50 دولاراً.
ووفق قيود السحب، تحتاج عباس الى ثلاث محاولات لأخذ راتبها الشهري كاملاً. وبعدما انتظرت السيدة التي تضع حجابا أبيض اللون خمس ساعات، تمكنت من الحصول على 200 ألف ليرة، على أن تكرر محاولة أخذ ما تبقى في اليوم التالي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook