آخر الأخبارأخبار محلية

استدارة فرنسا وإشارة عبد اللهيان ودعوة بري لحوار الأسبوع ..تنتج رئيسًا في أيلول؟

تداخلت إشارات محليّة مع أخرى دوليّة وإقليميّة، عززت إمكان تحريك الجمود في الملف الرئاسي في أيلول الحالي. محليّا يواجه لبنان استحقاقات داهمة، لا يمكن معالجتها عبر استنساخ ما حصل في حاكمية مصرف لبنان، لجهة انتقال الصلاحيات إلى نائب الحاكم. أبرزها موقع قيادة المؤسسة العسكرية، الذي سيشغر مع انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون في الأول من كانون الثاني، في حال لم يتم انتخاب رئيس وتأليف حكومة في الفترة الفاصلة. يدرك الجميع دقّة الإستحقاق العسكري الذي لا يحتمل أيّ تأجيل، ما قد يشكّل نافذة لزعزعة الإستقرار الأمني. في المعطيات المحليّة أيضًا بدت لافتة دعوة الرئيس نبيه بري الأفرقاء إلى حوار في أيلول، محدّد بسبعة أيام فقط “وبعدها نذهب لجلسات انتخاب متتالية”، كلام بري قبل عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وبالتزامن مع نشاط دبلوماسي أميركي وإيراني في بيروت، شكّل إشارة لجهة حسم مصير الاستحقاق الرئاسي في شهر أيلول، إما انتخابًا أو الدخول في فراغ طويل الأمد.

انعطافة فرنسية وردّ إيراني
في التطورات على خط الدول المعنية بالملف اللبناني، استبق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الزيارة الثالثة لموفده إلى بيروت، بتوجيه إتهام علني لإيران باعاقة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. هذا التطور في الموقف الفرنسي، من التماهي مع ايران في بداية المسعى الفرنسي، وصل لحدّ تبنّي مرشح حزب الله سليمان فرنجية، ومن ثمّ الوقوف في منطقة الوسط، وصولًا إلى اتهام ايران بتعطيل انتخاب رئيس، مثّل انعطافة فرنسية وإعادة تموضع خلف المجموعة الخماسية وفق توصيف مصادر مواكبة. لم تتأخر ايران في الرد على استدارة ماكرون، وختمت بالشمع الأحمر”المعهد الفرنسي للأبحاث حول إيران” في طهران، وعلى رغم امتتال فرنسا لقرار إقفال المعهد في كانون الثاني الماضي، عمدت إيران إلى تشميعه، في توقيت لافت غداة كلمة ماكرون أمام الدبلوماسيين الفرنسيين، الأمر الذي اعتبرته فرنسا تصعيدًا دفعها إلى استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية في باريس.

الردّ الإيراني المباشر على الإتهام الفرنسي، تولاه وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان من مطار بيروت “طهران لا تريد للبنان إلا الخير والاستقرار والتنمية والسلام. ندعو جميع الأطراف اللبنانية لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن من خلال الحوار والتفاهم. وبطبيعة الحال، فإن شعب وقادة لبنان الواعين هم من يجب أن يقرروا”. واللافت أنّ المسؤول الإيراني الذي كان قد زار السعودية، أشار إلى ارتباط بين مسار التهدئة بين طهران والرياض والملف اللبناني بقوله “وقد سمعنا تصريحات إيجابية بشأن لبنان خلال المباحثات التي أجريناها مع السعودية”. هي المرّة الأولى التي يتمّ فيها ذكر لبنان في معرض المباحثات بين الرياض وطهران منذ الإتفاق بينهما، وفي ذلك إشارة إيجابية في حال صدقت النوايا، وتقاطعت الرؤى الإقليمية لمساعدة لبنان على تخطّي أزمته.  

بين أيلول 2022 و2023: تسعير معركة حزب الله وخصومه
عامٌ مضى على الأول من أيلول 2022، في حينه بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفق المادة 73 من الدستور. انقضت المهل الدستورية، وبعدها العديد من المهل الوطنية، ورغم عدم امتلاك القوى السياسية ترف الوقت، بفعل اتساع حلقة الانهيار التي طالت مجمل القطاعات، ورغم ما تتطلّبه المعالجات من وجود مؤسسات دستورية بدءًا برأس الهرم، بقي موقع الرئاسة شاغرًا، وازدات الأزمة السياسية تعقيدًا مع أخذ المعركة طابع  الصراع بين حزب الله وحلفائه من جهة، والقوى المناهضة لبسط نفوذه من جهة ثانية. تمظهر ذلك في التطور بالمواجهة السياسيّة من قبل المعارضة، ومجاهرة كتل معارضة ومستقلون بعدم جدوى أيّ حوار مع حزب الله، والمطالبة بتنفيذ القرار 1559 وحصر السلاح بيد الدولة، وذهب بعضهم إلى التلويح بمواجهة غير تقليدية مع الحزب.

المسعى الفرنسي من دوريل إلى لودريان: فرنسا بدّلت موقفها
في محاولة لمساعدة اللبنانيين على إنهاء الأزمة الرئاسية، بادرت فرنسا وانفردت دون غيرها من الدول بتقديم مبادرة تقوم على انتخاب رئيس من فريق الثامن من آذار، مقابل أن تكون رئاسة الحكومة لصالح الدبلوماسي نواف سلام القريب من المجتمع الدولي. تبنّت ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وذهبت بعيدًا في تسويق طرحها، من خلال خطّين الأول تمثل بالعمل على اقناع السعودية بهذا الخيار، وبالفعل عمل المستشار الرئاسي باتريك دوريل على إقناع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بالسير بهذه التسوية، ثمّ حمل دوريل إلى الرياض ضمانات قدّمها فرنجية خلال زيارته إلى باريس، وفي اللقاء مع العلولا حاول دوريل مجدداً إقناع الرياض بخيار المقايضة، لكن موقف المملكة بقي على حاله، لجهة رفض الخوض في الأسماء، والتأكيد على مواصفات الرئيس بما لا يشكّل غلبة لطرف على آخر. في الوقت نفسه عملت باريس على خطّ موازٍ على الساحة اللبنانية، في محاولة لإقناع حلفاء الرياض بالموافقة على فرنجية مقابل تحقيق مكاسب سياسية، فقوبل طرحها بالرفض التام، لا بل ذهبت القوى المسيحية إلى حملة عنيفة اتهمت خلالها باريس بالانحياز، وذهب البعض إلى حدّ اتهامها بالتماهي مع إيران وتقديم مصالحها الإقتصادية على الدور المسيحي في لبنان. وهو ما دفع بباريس للتراجع خطوة إلى الوراء، من خلال الإشارة إلى أنّه ليس لديها مرشح للرئاسة، وعلى اللبنانيين الإتفاق في ما بينهم.

مهمة لودريان إلى خواتيمها؟
المرحلة الثانية من المسعى الفرنسي، انطلقت فعليًا بعد تقاطع القوى المسيحية واللقاء الديمقراطي ومستقلين حول جهاد أزعور، في حينه أعلنت فرنسا عن تعيين وزير خارجيتها السابق جان إيف لودريان، مبعوثاً خاصاً إلى لبنان في السابع من حزيران. حط ّالأخير في بيروت بعد أيام على جلسة الرابع عشر من حزيران، و”لأنّ الوقت لا يعمل لصالح لبنان سوف أعمل على تسهيل حوار بنّاء وجامع بين اللبنانيين من أجل التوصّل إلى حلّ”. لودريان فشل إلى اليوم بجمع المتخاصمين حوار طاولة حوار أو table de travail ، ووصلت المبادرة إلى طريق مسدود، بتوقيع كتل برلمانية ورقة تعلن خلالها رفضها لأيّ حوار مع حزب الله، فضلًا عن الجدل الذي أثارته رسالته إلى الكتل البرلمانية.

يفترض أن يزور لودريان بيروت في الأيام او الأسابيع القليلة المقبلة للمرة الأخيرة في إطار مهمته، قبل أن ينتقل إلى السعودية ليشغل منصب رئيس وكالة التنمية الفرنسية في العلا. فهل يشكّل التبدّل في الموقف الفرنسي، وإشارات عبد اللهيان من بيروت، ودعوة بري لحوار الأسبوع الواحد، مدخلًا يقود إلى مرشح ثالث توافقي ينهي الفراغ عشية إطفاء شمعته الأولى؟  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى