آخر الأخبارأخبار محلية

استنفار وعتب.. حراك جنبلاط بين تفادي الحرب وترميم الجبهة!

منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في وجه العدو الإسرائيلي، وما أعقبها من عدوان إسرائيلي متجدّد على قطاع غزة المُحاصَر، وتوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية، يبرز حضور رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط الذي وضع حدًا لما سُمّي “اعتكافًا مرحليًا” عن السياسة، وأعلن ما يشبه “الاستنفار” لمواكبة الحدث “الطارئ” بكلّ مندرجاته ومضامينه.

Advertisement

 
في البدء، تركّز “استنفار” جنبلاط على دعم عملية “طوفان الأقصى” غير المسبوقة في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الذي لطالما عُرفت عنه مواقفه العروبية، والداعمة للقضية الفلسطينية بالمُطلَق، قبل أن يتطور إلى “التحذير” من محاولات “استدراج” لبنان إلى “فخّ” الحرب، وهو ما يحرص على تكراره في كلّ المناسبات، وعلى هامش كلّ اللقاءات “المكثّفة” التي يعقدها مع مختلف المسؤولين والرؤساء.
 
وإلى جانب التركيز على ضرورة تفادي سيناريو الحرب، برز على خطّ “حراك جنبلاط” في الأيام القليلة الماضية، انتقاده الصريح لمواقف بعض القوى الداخلية، التي قال إنّها تعيش “في عالم آخر” وفق وصفه، فما الذي قصده “البيك” بهذا الكلام تحديدًا؟ وما هي الرسالة التي أراد إيصالها إلى اللبنانيين، وهو الذي اعتبر أن الأزمة كان يفترض أن تسرّع بانتخاب الرئيس؟ وهل ينجح “حراك جنبلاط” في تفادي الحرب وترميم جبهة الداخل؟!
 
جنبلاط “متوجّس” من الآتي
 
يقول العارفون إنّ الثابت في “الحراك الجنبلاطي” منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، أنّ الرجل بقدر “حماسه” لعملية المقاومة الفلسطينية وللدور “البطولي” الذي تلعبه المقاومة الفلسطينية في وجه العدو، وبقدر “استهجانه” للمجازر الإسرائيلية المروّعة بحق الفلسطينيين، والتي لا توفّر المدنيين ولا سيما من النساء والأطفال، بقدر ما يبدو “متوجّسًا” أيضًا من إمكانية انتقال كرة النار إلى الداخل اللبناني، في ظلّ الظروف الحالية.
 
انطلاقًا من ذلك، يضع العارفون الاتصالات السياسية التي يكثّف جنبلاط من وتيرتها في الأيام الأخيرة، في إطار سعيه الحثيث لتفادي سيناريو الحرب بكلّ السبل الممكنة، علمًا أنّ هذه الاتصالات التي شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغيرهما من القادة الأساسيّين، ليست “محصورة” في الشق الداخلي، بل إنها تشمل قوى إقليمية ودولية مؤثّرة، يُعتقَد أن للبيك “مَوْنة” عليها بشكل أو بآخر.
 
وفي حين برزت الرسائل الإيجابية والودّية التي وجّهها جنبلاط حتى إلى “حزب الله”، واضعًا “التمايز” معه في الملفات السياسية خلف ظهره، حتى إنّه أكّد أنّه لن يتردّد في الوقوف إلى جانبه في وجه أي اعتداءات إسرائيلية، يقول العارفون إنّ المبدأ الأساسيّ يبقى ضرورة تفادي سيناريو الحرب، الذي يعتقد جنبلاط أنّ الوقت ليس “مثاليًا” للخوض فيه، ولا سيما أنّ من شأنه أن يفاقم الأزمات التي يتخبّط فيها البلد على أكثر من مستوى.
 
“ترميم الجبهة الداخلية”
 
صحيح أنّ الدفع باتجاه تفادي سيناريو الحرب هو العنوان الأبرز الذي ينطلق منه الحراك الجنبلاطيّ، والذي يستند إليه “استنفار” الرجل الملاحَظ في الأيام الأخيرة، إلا أنّ عنوانًا آخر يحضر بقوة على خطه، وهو “ترميم الجبهة الداخلية”، وهو ما تجلّى بوضوح في اللقاءات التي عقدها الرجل مع الرئيسين بري وميقاتي، وفي المواقف التي أطلقها في الأيام الأخيرة، وشدّد فيها على ضرورة “تحصين” الساحة الداخلية بشكل أو بآخر.
 
ولعلّ ما قاله جنبلاط قبل أيام بعد لقائه الرئيس ميقاتي يختصر هذا الأمر، ولا سيما حين انتقد بعض القوى الداخلية، التي قال إنّها تعيش “في عالم آخر”، ملمّحًا بذلك إلى الأطراف التي ترفض “تفعيل” عمل الحكومة، في ظلّ الظروف الدقيقة والاستثنائية التي تشهدها البلاد هذه الأيام، حتى إنّها لا تكتفي بذلك، بل تذهب بعيدًا في تغليب “انقساماتها”، في وقت كان الأوْلى بها أن تستغلّ الظرف الراهن لتحصين الوحدة الوطنية، بل إنجاز الاستحقاقات المجمَّدة.
 
يقول العارفون إن “عتب” جنبلاط على هذه القوى الداخلية، يأتي “متناغمًا” بشكل أو بآخر، مع “الهواجس” التي ينطلق منها في حراكه، فبرأيه المطلوب “ترميم الجبهة الداخلية” لمواجهة سيناريو “الحرب” الذي قد يكون صحيحًا أنّ أحدًا لا يريده، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ المطلوب الاستعداد له، فالجهوزية العسكرية التي يقول “حزب الله” إنّها مكتملة له، لن تكون كافية إذا لم تقترن بجهوزية سياسية موازية، لا يتوافر الحدّ الأدنى منها حتى الآن.
 
ليس استنفار جنبلاط وتأهّبه، هو الذي عاد عن “تقاعده المبكر”، إن جاز التعبير، ليواكب الأحداث الاستثنائية والطارئة، ما يفترض أن يكون مستغرَبًا. على النقيض من ذلك، لعلّ مواقف الأطراف الأخرى هي التي تبدو “خارج السياق”، سواء منها التي تبدي “عدم اكتراث” بما يجري جنوبًا، أو التي تتمسّك بسردية الهجوم على “حزب الله”، أو التي تصرّ على رفض اقتناص الفرصة لتكريس “التفاهم الوطني” العابر للاستحقاقات!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى