آخر الأخبارأخبار دولية

بعد أسبوع على الكارثة.. هاجس سكان درنة العثور على المفقودين


لا يزال سكان مدينة درنة الليبية المنكوبة يبحثون عن آلاف المفقودين بعد أسبوع على الكارثة. وانهار سدّان تحت تأثير الأمطار القوية التي تسبب بها الإعصار “دانيال” بالمدينة الواقعة في شرق ليبيا والتي كان يقطنها نحو 120 ألف نسمة، ما أطلق سيلا ضخما نحو وادي نهر موسمي جاف يمر وسطها، حمل معه البنايات بمن فيها وورمى بها في البحر، وخلّف أنقاضا يُعتقد أنها تخفي آلاف الجثامين.

نشرت في: 18/09/2023 – 18:53

6 دقائق

بعد مضي أسبوع على كارثة الفيضانات والسيول التي اجتاحت مدينة درنة شرقي ليبيا، تجثو صابرين على يديها وركبتيها وسط الحطام والأنقاض التي حلّت مكان منزل أخيها، وهي تحفر بيديها متمسكة بالأمل في العثور على العائلة المدفونة تحت الركام، وهي تناديهم وتنتحب.

تناجي صابرين وهي تبكي بحرقة: “يا الله.. يا الله.. يا ربي.. لو نقدر نشيلها.. نشيلها بيدي.. نطلع حتى جثة بس، نقول خلاص اتريحنا عليهم. يا تيم يا تيم، تيم ويزن ولقمان وسلمى وتماضر وحكيم وزوجته يا ربي.. يا ويلتي وينكم؟ يا ربي حتى جثة بس يا ربي رحمتك بينا يا ربي”.

ما مصير المفقودين؟

وكحال هذه السيدة، لا تزال عائلات أخرى في المدينة الساحلية التي جرفت الفيضانات والسيول وسطها ورمت به في البحر، تحاول استيعاب حجم الخسائر الإنسانية والمادية الفادحة للمأساة ويعتصرها الحزن على من اختفوا من أحبائهم، فيما تطاردهم الهواجس بشأن مصير المفقودين المجهول.

بعد الكارثة، تحوّل وسط المدينة إلى أرض قاحلة تنتشر فيها الكلاب الضالة بين أكوام الحطام الموحلة التي كانت يوما من الأيام بنايات ومنازل. وتقف بعض المباني الأخرى بالكاد في مشهد غريب مستندة على طوابق أرضية دمرتها المياه تقريبا.

وقبل أسبوع، انهار سدان في درنة شرق ليبيا تحت وطأة الإعصار “دانيال” الذي كان مصحوبا بأمطار غزيرة، ما أطلق سيلا ضخما من المياه صوب وادي نهر موسمي جاف يمر عبر وسط المدينة التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة. وتسببت الكارثة في مقتل وفقدان الآلاف.

تباين كبير في حصيلة الضحايا

وقدّم مسؤولون يستخدمون طرقا مختلفة لحساب الأعداد بيانات شديدة التباين بشأن حصيلة الضحايا حتى الآن. حيث يقدّر رئيس بلدية درنة أن أكثر من 20 ألفا فقدوا بينما أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 3922.

إلا أن صابرين وسكان آخرين ينتابهم الحزن على آلاف ليسوا في قوائم القتلى المؤكدة. وتتأمل العمة صورة لابن أخيها الصغير على هاتفها المحمول وهو يحمل هرة صغيرة على يديه قبل الكارثة. وقالت وهي لا تتماسك نفسها من البكاء: “المكان اللي كانوا يلعبوا فيه.. كانوا قاعدين هنا.. كانوا يطلعوا ويخشوا ويجوني ونجيهم.. معاش فيه شي باقي. السيل خد كل حاجة، كل شي، خذهم وخذ لعبهم، خذ كتبهم.. خذ أبوهم، خذ أمهم”.

اقرأ أيضافيضانات ليبيا: “سمعنا صوت انفجار السد، أطفال ورضع غرقوا”.. شهادات مؤلمة عن مشاهد مروعة

ولم تفقد السلطات بعد الأمل في العثور على أحياء. حيث قال عثمان عبد الجليل وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عبر الهاتف إن آمال العثور على ناجين تتضاءل بشدة، لكنه أكد أن جهود البحث ستتواصل للعثور على أي ناجين. مضيفا بأن الجهود تتركز حاليا على إنقاد أي ناج وانتشال الجثث من تحت الحطام ومن البحر أيضا بمشاركة العديد من الغطاسين وفرق الإنقاذ المتخصصة من دول أخرى.

وبالنسبة لأحمد عاشور (62 عاما) فإن تلاشي الأمل في العثور على ناجين يعني أن عليه أن يتقبل واقع فقده لابنته وتركها لرضيعتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر ليربيها. وهو يقول: “فقدت ابنتي. أمها مقتنعة أنها لا تزال على قيد الحياة. وأنا سلّمت أنها توفيت… تركت لنا رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر”. وفقد عاشور أيضا أكبر شقيقاته وابنتها. وقال: “عندما عرفنا ما حدث للآخرين يمكننا أن نتقبل كل ما جرى لنا”.

مخاوف من تفشي الأمراض

كما سدّت سيارات الإسعاف والشاحنات، التي تحمل الغذاء والماء والحفاضات والحشايا وغيرها من الإمدادات، الطرق المؤدية إلى درنة الاثنين. ورش رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية من المواد الخطرة مطهرات ومواد للتعقيم من مضخات مثبتة على شاحنات وأخرى محمولة على الظهر حيث تأمل السلطات أن يساهم ذلك في منع انتشار الأمراض.

وقال أكبر القطاني مدير إدارة البيئة في بنغازي إنهم يعقمون الشوارع والمساجد والملاجئ التي يقبع فيها المشردون من الكارثة وثلاجات الموتى والشوارع المنكوبة والجثث.

وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة خيرية بأن “أزمة الفيضانات تركت آلاف الأشخاص في منطقة درنة دون مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يشكل تهديدا وشيكا على صحتهم وسلامتهم”. وأضافت: “المياه الملوثة يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال، لخطر متزايد”.

اقرأ أيضاليبيا: بعد ستة أيام على كارثة درنة.. هل هناك أمل في العثور على ناجين تحت الأنقاض؟

في درنة.. نقمة على السلطات

وأرسلت دول غربية ودول من المنطقة فرق إنقاذ ومستشفيات متنقلة. ولقي خمسة من عمال الإنقاذ اليونانيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوات المسلحة، مصرعهم في حادث سيارة الأحد.

وتعرقلت جهود التعافي بسبب الفوضى في البلد الذي تحول إلى دولة فاشلة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمعمر القذافي في 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.

وتقع درنة في الشرق خارج سيطرة الحكومة المُعترف بها دوليا المتمركزة في الغرب، وحتى 2019 تعاقبت على السيطرة عليها سلسلة من الجماعات الإسلامية المتشددة من بينها جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة و”الدولة الإسلامية”.

ويقول سكان إن تهديد السدين المنهارين للمدينة كان معروفا إلى حد كبير مع توقف مشروعات لإصلاحهما لأكثر من عشر سنوات. كما يتهمون السلطات بالفشل في إجلاء السكان في الوقت المناسب.

وتضيف صابرين وسط البكاء الحار: “مين نحاسبه، مين المسؤول مين اللي نقوله أنت المسؤول؟”

فرانس24/ رويترز


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى