رواتب متآكلة وفرص شبه معدومة.. الصحافيون اللبنانيون تحت ضغط الأزمة الاقتصادية

كما أن المنصات الرقمية في لبنان تواجه صعوبة في المنافسة مع وسائل التواصل الاجتماعي، التي استحوذت على الجزء الأكبر من الإنفاق الإعلاني. في هذا السياق، يقول أحد اصحاب شركات الإعلان لـ”لبنان24″ إن الشركات باتت تفضّل الإعلان عبر “فيسبوك” و”إنستغرام” و”تيك توك”، حيث تصل إلى جمهور أوسع بكلفة أقل، بينما تظل المواقع الإخبارية الإلكترونية تعاني من ضعف العائدات الإعلانية، خاصة مع غياب سياسات تسويقية فعالة تستهدف الجمهور المحلي والإقليمي بشكل مبتكر.
من جهة أخرى، يعتمد نجاح الصحف الإلكترونية عالمياً على نماذج الاشتراكات المدفوعة، حيث يدفع القراء في مقابل الوصول إلى محتوى حصري وعالي الجودة. لكن في لبنان، يبدو هذا النموذج غير قابل للتطبيق في ظل التدهور الاقتصادي، إذ بالكاد يتمكن المواطنون من تأمين احتياجاتهم الأساسية، مما يجعل الاشتراك في المحتوى الصحفي مسألة ثانوية أو حتى معدومة. ومع غياب هذا المصدر الحيوي للدخل، تجد المؤسسات الإعلامية نفسها في حلقة مفرغة من الضغوط المالية، حيث تقل الموارد المتاحة للاستثمار في تطوير المحتوى، مما يؤدي إلى انخفاض جودته وبالتالي عزوف الجمهور عن متابعته. يضاف إلى ذلك أن العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية لا تزال تعتمد على نماذج عمل تقليدية، ولم تتمكن من تطوير استراتيجيات رقمية حديثة تعزز تفاعل الجمهور وتحقق عائدات إضافية، مثل الاستفادة من البيانات الضخمة، أو تقديم خدمات مدفوعة ذات قيمة مضافة، أو حتى تنظيم فعاليات ومؤتمرات تدرّ دخلاً. هذا التخبط في الرؤية الاقتصادية يجعلها أكثر عرضة للانهيار مع استمرار الأزمة.
أما الصحافيون العاملون في هذه المؤسسات ، فيجدون أنفسهم أمام تحديات مضاعفة، إذ لم تعد الأزمة تقتصر على غياب الاستقرار الوظيفي، بل باتت تشمل ضغط العمل المتزايد، وانعدام الضمانات المهنية، وتآكل قيمة الرواتب بفعل التضخم المستمر. فمع تقلّص ميزانيات المؤسسات الإعلامية، أصبح عدد الموظفين أقل، ما أجبر الصحافيين على القيام بمهام متعددة تتجاوز أدوارهم التقليدية، حيث يُطلب منهم الكتابة، والتحرير، والتصوير، وإنتاج الفيديوهات، وإدارة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، كل ذلك برواتب بالكاد تكفي لسد الاحتياجات الأساسية.
كل ذلك يطرح مستقبل الصحافة في لبنان، التي باتت تريد نفضة اقتصادية مهمة على صعيد عدد من المؤسسات والمواقع التي كافحت خلال الازمة ولا تزال صامدة حتّى اليوم، علمًا أنّ المؤسسات العربية تجد في ذلك الفرصة الأنسب لاستقطاب نخبة الإعلاميين اللبنانيين من جهة، بالاضافة إلى جذب الطلاب الذين حجزوا لأنفسهم مكانا في المواقع العربية التي تقدم لهم فرص عمل من لبنان في مقابل رواتب جيّدة للاستفادة من الخبرات اللبنانية وبنية الإعلام الأكاديمية التي تعتبر متميزة بين دول المنطقة العربية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook