آخر الأخبارأخبار محلية

بيت العنكبوت

كتب مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية – الفرع الثالث البروفسور كلود عطية:

 

من المؤلم جدا أن تكتب أوجاع القلم، وهو ينزف من حبر الخيبة والألم والصمت القاتل للصوت والرأي والحرية في التعبير المطلق والمباشر عن الذات وما تحمله من أفكار وهواجس ومخاوف.

 كما قمة الاستخفاف بالقوة المرتهنة للسكوت أمام الأزمات المفتعلة المركبة المنسوجة من مجموعة ذئاب تأكل الفكرة وصاحبها، علها تسيطر على جوعها وتفترس كل حقيقة وكل خيال لكي تستثمر في قطيعها وفي ملذاتها وهواجسها وسلطتها المتربعة على عرش غنائمها …

في سياق الحديث عن القمع الروحي تشعر دائما بأن خطاب الغراب لطائر الفينيق، الموضوع في القفص، يشبه خطاب الفأر الفار من الأسد، لا خوفا على نفسه، بل خوفا على من أتى به إلى غابة الحيوانات المفترسة.. هنا تسقط كل ثقافة ومعرفة وفكرة، وتتوقف كل المحاكم الأرضية والسماوية الشرعية والمدنية والذاتية.. لأن الحاكم هو الغابة بأكملها.

أما الخيانة المقنّعة بالتحالفات والصداقات والاستراتيجيات المحلية والدولية الصهيو أميركية، فهي لوحة زيتية معلقة في كل بيت يشبه بيت العنكبوت، حيث لا غاية ولا هدف لهذا البيت، إلا استدراجك إلى المجهول، حيث تعيش الحياة بأكملها وأنت تبحث عن  طريق للخروج من بين آلاف الحواجز الحياتية والمعيشية.. هذه الحواجز المنسوجة من خيوط الغدر والقمع والجهل والاستغلال، تربّعت على عرش السلطة الفكرية الإلغائية، التي اعتمدت استراتيجية استعمار العقول لتسهل مهمتها في استعمار الأرض والبحر من كاريش الى كل شبر من هذه الأمة.

أما المصيبة الأعظم فهي الاستقواء بالذات المريضة قبل علاج المرض كاعتماد الطائفية مثلا أسلوب حياة لمحاربة الموت والحفاظ على الإنسان، أو محاربة الفساد عبر تجربته بشكل مباشر.

هنا، الشعب يدافع عن نفسه بسلاح قاتله فيكسب العيش بالذل ويخسر الحق في الحياة. 

والأمثلة على ذلك كثيرة بل هي تطال معظم المؤسسات في لبنان، حيث الفساد يسيطر على النفوس المستسلمة لملذات لم تقيدها أعراف أو قوانين اجتماعية أو إنسانية.. في مجتمع لم يعد منذ تقسيمه وفصله روحيًا عن طبيعته منسجمًا مع ذاته ومع محيطه.

في النتيجة، التغيير الذي لا يبدأ من الذات لا يحقق أي شيء، بل يزيد من المشكلات والأزمات، وقد يرفع المتخاذل من قيمته الشخصية المادية، الا أنه سيكون الخاسر الأكبر في الاستحقاقات الوطنية والأخلاقية والإنسانية، لأنه اختار أن يكون مجرد سلعة تشترى وتباع في زمن مواجهة الجوع والفقر والضياع!
يبقى أن نقاوم ولا نساوم، علنا نخرج من بيت العنكبوت الى الحرية معتنقين عقيدة الحياة لأننا أبناء الحياة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى