تفاصيل رحلة نزوح معاكس من لبنان إلى سوريا.. هربٌ من حرب إلى حرب!

رحب لبنان بأعداد هائلة من السوريين الذين طلبوا اللجوء هربا من ويلات الحرب في بلادهم، لكن مع القصف الإسرائيلي العنيف على مناطق عدة في لبنان منذ 23 أيلول الماضي، قرر عشرات الآلاف العودة إلى سوريا.
السوريون عادوا إلى بلادهم، في قصة درامية قاتمة بمشاركة الكثير من اللبنانيين رحلتهم، حيث بات على الأراضي السورية مشكلة إيواء النازحين السوريين واللبنانيين.
وتزامنت رحلة العودة لبعض النازحين مع الضربة الإسرائيلية التي وقعت صباح الجمعة 4 تشرين الأول الجاري قرب معبر المصنع الحدودي مع سوريا، مما أدى إلى قطع طريق يسلكه مئات الآلاف من الأشخاص للفرار من القصف الإسرائيلي.
وقد شهد معبر جوسيه الحدودي في ريف مدينة القصير السورية اكتظاظا بالنازحين من لبنان، فكيف سارت رحلة النزوح في اتجاهين للسوريين؟
من حرب إلى حرب
وعند معبر جوسيه الحدودي في ريف مدينة القصير السورية، يقول مصطفى البالغ 46 عاما في حزن بالغ: “هربنا من الحرب وعدنا إلى الحرب، خرجنا من الصفر وعدنا إلى تحت الصفر”.
مصطفى انتظر مع عائلته وأطفاله الثلاثة حافلة تقلّه إلى الرقة شمالي شرق سوريا بعدما دخل داعش إلى مدينته، مضيفا: “قبل 10 سنوات خرجنا فقط بالملابس التي كنا نرتديها ولم نأخذ معنا شيئا”.
وظل مصطفى لسنوات في منطقة الوزاني بجنوب لبنان، قبل أن يضطر إلى النزوح مجددا، ليعلق: “تكرر المشهد نفسه في لبنان، خرجنا من بين القذائف”.
وسيتوجه أحمد على متن حافلة تبرّع بها أحد رجال الأعمال المتحدّرين من الرقة حيث يعتزم العيش مع أحد أقاربه في منزل من الطين.
ودفع التصعيد الإسرائيلي على لبنان منذ 23 أيلول أكثر من 310 آلاف شخص إلى العبور من لبنان إلى سوريا، وفق السلطات اللبنانية، معظمهم سوريون.
وهي المرة الثانية خلال أقل من 20 عاما، يضطر سكان في لبنان للجوء إلى سوريا هربا من نزاع عسكري يفتك بأرواح المدنيين.
ابن النزوح
ومثل أحمد مصطفى، ينتظر جعفر العلي عند الجانب السوري من معبر جوسيه الحدودي مع لبنان، حافلة ستعيده وعائلته إلى الرقة حيث لا ينتظره شيء سوى طريق وترقّب وقلق.
ويقول العلي الذي فرّ أيضا من الوزاني: “من نزوح إلى نزوح، رحلة لا تنتهي، واليوم سنتوجه إلى شارع مفتوح في الرقة، لم يعد لديّ شيء هناك، لا أهل ولا أقارب ولا منزل”.
استخدم العلي علبا من الكرتون كانت توزع ضمن مساعدات غذائية منظمات تابعة للأمم المتحدة، ليحمي زوجته وأولادهما الثلاثة من الشمس.
ومن بين هؤلاء الأولاد، مؤيد، 13 عاما، الذي كان يُحضر مياه شرب لأمه وإخوته ويعتني بهم مثل والده، لينظر إليه الأب بحسرة قائلا: “عمر ابني من عمر نزوحنا، لم يرَ في حياته إلا الحرب والنزوح، لم يتعلّم ولا يعرف القراءة والكتابة، حاله حال باقي أخوته”.
يوم لا ينسى
وشهدت سوريا في السنوات الأخيرة تراجعا في وتيرة المعارك بين القوات الحكومية ومجموعات معارضة، لكنّها غارقة في أزمات اقتصادية ومعيشية، ما ينقل خطر الحرب إلى خطر الظروف المعيشية القاسية.
وتعتبر شريحة واسعة من اللبنانيين أن النازحين السوريين يشكلون عبئا على الاقتصاد وتطالب بعودتهم إلى بلادهم.
ويقول السوري بشار حميدي، الذي غادر الرقة عام 2016 إنه دفع مبالغ طائلة بحثا عن مستقبل آمن وحياة مستقرة بعيدا عن الحرب، لكن الحرب عادت لمطاردته داخل منزله بلبنان.
حميدي يقول إنه اضطر للنزوح مع زوجته وأطفاله الثلاثة في رحلة طويلة من جنوب لبنان إلى الحدود السورية، مضيفا: “كنا نسمع أصوات القصف، وشاهدنا جثثا على جانبي الطريق أثناء فرارنا بحافلة إلى بيروت”.
منزل حميدي هُدم بالكامل في جنوب بيروت، وكذلك منازل جيرانه التي تحولت إلى ركام من شدة قصف الغارات الإسرائيلية في منطقة الوزاني تحديدا.
وينهي حديثه من دون أن ينهي رحلته القاسية: “شعرت أن الموت يطاردني كالوحش، التفت للوراء خشية أن يصيبني أو يصيب أحد أفراد العائلة، لا أنسى صراخ الأطفال وقتها، إنه يوم آخر من الرعب لن أنساه ما حييت”. (بلينكس – blinx)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook