آخر الأخبارأخبار محلية

رهان على الحرب لإضعاف الثنائي.. كيف يُفهَم موقف بري؟

 
فيما يغيب الاستحقاق الرئاسي عن جدول الاهتمامات بالمُطلَق، على وقع حبس الأنفاس المستمرّ بانتظار ردّي إيران و”حزب الله” على جريمتي اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية، والقائد العسكري في الحزب فؤاد شكر، وما يمكن أن يترتّب عليهما من سيناريوهات واحتمالات، برز كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري حول “فصله” بين الملفّين، مكرّرًا المعادلة “الذهبية” لإنجاز الاستحقاق وفق قاعدة “حوار، فرئاسة”.

Advertisement










 
ففي حديث ثحاغي اليوم، جدّد بري “استعداده التام” للدعوة إلى الحوار والتشاور “فورًا” تمهيدًا لانتخاب رئيس الجمهورية، إذا كان المعنيّون جاهزين للتجاوب مع هذه الدعوة، معتبرًا أنّ دخان العدوان الإسرائيلي المتصاعد لا يجب أن يغطي على الملف الرئاسي، “بل هو حافز إضافي للتعجيل في عقد الحوار أو التشاور”، وذلك لأنّ الحوار والانتخاب “يساهمان في تحصين جبهتنا الداخلية وتعزيز المناعة الوطنية في مواجهة التحديات”.
 
لكنّ بري لم يكتفِ بعدم الربط بين الرئاسة والحرب، إذ أعرب عن خشيته من أن يكون هناك من “يضمر مثل هذا الربط”، ملمّحًا إلى أنّ هناك من يعوّل على أن تفضي المعركة الحالية إلى إضعاف ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، في سبيل تعديل موازين القوى وانتزاع مكاسب سياسية، فكيف يُفهَم هذا الموقف من جانب رئيس البرلمان، وهل ثمّة انطباع لدى هذا الفريق، بأن من يريد استثمار الحرب رئاسيًا، بمعزل عن فاتورتها؟!
 
كيف يُفهَم “التصلّب”؟!
 
بالنسبة إلى المحسوبين على رئيس مجلس النواب والمؤيدين لوجهة نظره، فإنّ السؤال الذي يجب أن يُطرَح، لا يتعلّق بموقفه، وجوهره دعوة متجدّدة إلى الحوار والتشاور من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، بل حول موقف الطرف الآخر، الذي لا يزال حتى اليوم يرفض الجلوس على طاولة واحدة مع من يفترض أنهم شركاؤه في صنع القرار، ويتصلّب في تكرار الشعارات نفسها، وهم يدركون أنّها لا يمكن أن تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
 
من هنا، يعتبر المؤيدون لموقف بري أنّ التفسير الوحيد لهذا “التصلّب” في رفض المبادرة الوحيدة التي يمكن أن تفضي إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي ثبُت أنّه لا يمكن أن يحصل إلا بالحوار والتفاهم، في ظلّ موازين القوى المعروفة للجميع، والتي لا تسمح لأيّ فريق بفرض مرشحه على الآخر، أنّ هذا الفريق يراهن على أنّ هذه الموازين ستتغيّر في المدى المنظور، وهذا التغيّر قد يكون نتيجة المعركة الدائرة حاليًا، والمرشحة للتصاعد في أيّ لحظة.
 
لكنّ المحسوبين على الرئيس بري يحذّرون من هذا الرهان، باعتباره يشكّل مضيعة للوقت في الدرجة الأولى، فضلاً عن كونه يشكّل في مكانٍ ما “استقواء بالعدو” من أجل تغيير الموازين الداخلية، بما لا ينسجم مع طبيعة التركيبة اللبنانية أساسًا، والتي يدرك القاصي والداني أنّ منطق “الغالب والمغلوب” لا يستقيم فيها، علمًا أنّ “الثنائي” نفسه رفض في كلّ المحطات السابقة، وخصوصًا عامي 2000 و2006، استغلال “الانتصار” في الاستحقاقات السياسية.
 
خريطة الطريق “واضحة”
 
لعلّ المُستغرَب بالنسبة إلى المؤيدين لوجهة نظر “الثنائي”، في تصلّب الطرف الآخر، سواء كان يحمل بين طيّاته رهانًا على الحرب لتعديل موازين القوى أم لا، هو أنه يبدو خارج سياق “المنطق الوطني”، الذي يفترض الذهاب تلقائيًا إلى الحوار، حتى لو كان هناك رئيس للجمهورية، من أجل تحصين الساحة الداخلية استعدادًا للحرب، ومن أجل التصدّي لها، بدل إطلاق المواقف التي لا تخدم سوى العدو، في هذا التوقيت “الحَرِج والحسّاس” تحديدًا.
 
إلا أنّ الطرف الآخر لا يوافق على هذه المقاربة، حيث تقول أوساط المعارضة إنّه إذا كان صحيحًا أنّ تحصين الساحة الداخلية مطلوب لمواجهة الحرب، رغم اعتقادها بأنّ هناك من يفرضها على اللبنانيين “خدمة لأجندات أجنبية”، فإنّ خريطة طريق هذا التحصين تبقى واضحة، وتمرّ عبر انتخاب رئيس للجمهورية وفق ما ينصّ عليه الدستور، وبالطرق الديمقراطية، وبالاستناد إلى المبادرة التي كانت المعارضة قد طرحتها أخيرًا، وصدّها “الثنائي” نفسه.
 
وفي حين تؤكد أوساط المعارضة أنّها ترفض بالمُطلَق الاتهامات الموجّهة للمعارضة بأنها تراهن على الحرب لإضعاف “الثنائي”، في حين أنّ القاصي والداني يدرك أنّ العكس هو الصحيح، حيث إنّ “الثنائي” يراهن على حرب غزة، اعتقادًا منه بأنّ انتصار محور المقاومة سيفتح طريق بعبدا أمام مرشحه الرئاسي، تشدّد على أنّ بري يستطيع “إحراج” المعارضة إن كان مقتنعًا بوجهة نظره، عبر الدعوة لجلسة رئاسية اليوم قبل الغد، ليتأكد الرأي العام من مصدر “التعطيل”.
 
قد لا يكون جديدًا الحديث عن “رهانات” على تغيّرات إقليمية أو دولية، من أجل تغيير موازين القوى، وترجمة ذلك في الاستحقاقات الداخلية، ولو أنّ هذه الرهانات دائمًا ما تسقط عند اشتباكها بالوقائع اللبنانية. لكنّ الجديد قد يتمثّل في تمسّك الطرفين على نفي ذلك، عبر التأكيد على “الفصل” بين الحرب والرئاسة، “فصلٌ” لا تبدو معطياته ناضجة بعد، طالما أنّ لا ترجمة له، ليس فقط على مستوى الانتخاب، ولكن حتى في “مقوّماته البديهية”!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى