آخر الأخبارأخبار محلية

من هجوم الضاحية إلى اغتيال هنية.. نقطة تحوّل في مسار المواجهة!

لعلّها الليلة “الأخطر” على الإطلاق منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي، بدأت مع الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت الذي لا يصحّ وصفه بـ”المحدود” كما تمّ التمهيد له، ولا سيما أنّه لم يستهدف أحد أهمّ المسؤولين العسكريّين في “حزب الله” فحسب، وإنما وقع في مبنى سكنيّ، وفي منطقة مكتظّة، وقد أدّى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، في صفوف المدنيّين.

Advertisement










 
وقبل أن يُعرَف مصير شكر قبل اعلان ايتشهاده، جاء الخبر “الصادم” من العاصمة الإيرانية طهران، مع إعلان حركة حماس استشهاد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بعد استهداف إسرائيلي لمقرّ إقامته في طهران، وذلك بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
 
باختصار، هي ضربة “مزدوجة” قاسية في توقيت مفصليّ من الصراع، تفتح الباب أمام سلسلة طويلة من علامات الاستفهام، فكيف سيتعامل “حزب الله” مع ضربة الضاحية، وكيف يُقرَأ تزامنها “غير البريء” مع ضربة إيران؟ هل انتهى الأمر إسرائيليًا مع انتهاء العمليتين، أم أنّ الردود المنتظرة عليهما ستفضي إلى الدخول في الحرب الشاملة، التي قيل إنّ أحدًا لا يريدها، لكنّ أسهمها باتت الأعلى منذ عام؟!
 
عدوان على لبنان
 
بالحديث عن الضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، يقول العارفون إنّه لا يمكن التعامل معها سوى باعتبارها عدوانًا كاملاً متكاملاً ليس على الضاحية فحسب، ولكن على لبنان بأسره، خصوصًا أنّها لم تأتِ “محدودة” كما قيل سابقًا، وإنّها ضربت “عمق” العاصمة اللبنانية، وسقط بنتيجتها مدنيون لبنانيون، بينهم أطفال، وهنا المفارقة العجيبة، إذ إنّ إسرائيل “تزعم” الردّ على قتل أطفال أبرياء، بقتل أطفال أبرياء آخرين.
 
وهنا أساس التعاطي اللبناني، وتحديدًا تعاطي “حزب الله” مع الجريمة الإسرائيلية، بمعزَل عن هوية الشخص المستهدَف، إذ إنّ العدو الإسرائيلي شرّع لنفسه الحقّ بضرب الضاحية بذريعة الردّ على هجوم مجدل شمس، الذي نفى الحزب منذ اللحظة الأولى نفيًا قاطعًا مسؤوليته عنه، وقال إنّ لا علاقة له به بالمُطلَق، ما يعني أنّ هذه الضربة بنيت على باطل، وعلى ذريعة وهمية، وبالتالي لا يمكن السكوت عنها بأيّ شكل من الأشكال.
 
أما بالنسبة للشخص المستهدَف بالانفجار، فهو دليل آخر في قاموس الحزب، على أنّ إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء، فاستهدافه لا يوازي استهداف القادة الميدانيين الآخرين الذين تغتالهم إسرائيل في سياق تكتيك الاغتيالات الذي تعتمده منذ فتح جبهة الجنوب اللبناني، وهو قد يرقى لمستوى “إعلان الحرب” بصورة أو بأخرى، ولو من طرف واحد، ولو زعمت أنّ “العملية انتهت”، وأنّها لا تسعى للتصعيد أكثر، وكأنها ترمي الكرة في ملعب الكرة.
 
تجاوز للخطوط الحمراء
 
هو تجاوز للخطوط الحمراء إذاً، تكرّس بعد ساعات قليلة مع اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية، ولو لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنه بصورة مباشرة، وطلب رئيس حكومتها من وزرائه عدم التعليق عليه، لكنّه يوجّه رسالة واضحة للقاصي والداني بأنّ قواعد اللعبة تغيّرت، بل يُفهَم في بعض الأوساط على أنّه إما رهان على أنّ المحور الآخر لا يريد الأمر، وإما استدراج له إلى الحرب، مع تحمّل مسؤوليتها بشكل أو بآخر.
 
حتى الآن، قد يكون من الصعب التكهّن بتبعات الجنون الإسرائيلي المستجدّ، وما يكن أن يرتّبه من ردود أفعال على أكثر من مستوى، لكنّ الثابت وفق ما يقول العارفون أنّ “الردّ حتميّ” على أكثر من جبهة، وتحديدًا على الجبهة اللبنانية، حيث لا يمكن لـ”حزب الله” إلا أن يردّ على الجريمة، أولاً من باب أنّها عدوان على لبنان، وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وثانيًا من باب استهداف قائده العسكري الكبير، لمنع إسرائيل من تسجيل أيّ نقاط جديدة.
 
أما طبيعة الردّ، فقد يكون من المبكر تحديدها بحسب ما يقول العارفون بأدبيّات الحزب، الذين يشيرون إلى أنّه سيدرس كلّ الخيارات والاحتمالات، ولو أنّ الثابت لديه أنّ أيّ ردّ يجب أن يكون تحت سقف الحرب، التي لن يلبّي رغبة العدو بالانجرار إليها، لكنه مع ذلك، لن يقبل بأيّ رد متسامح أو متسامح، يجعل استهداف كبار مسؤوليه أمرًا عاديًا وعابرًا، ما يعني أنّ ردّه يجب أن يكون مغايرًا عن كلّ ما سبق، منذ فتح الجبهة اللبنانية وحتى اليوم.
 
هي نقطة تحوّل في مسار المواجهة. لعلّ هذا التوصيف في مكانه. صحيح أنّ هناك من يعتبر أنّ هذه النقطة يمكن أن تفتح الباب على حراك سياسي يمكن أن يفضي إلى تسوية ما، باعتبار أنّ العدو سيعتبر أنّه “أنجز” شيئًا ما، وبات بإمكانه إنهاء الحرب، لكن ثمّة من يعتبر في المقابل، أنّ ما حصل من “لعب بالنار” يعقّد الأمور أكثر، ويأخذ المنطقة إلى “مجهول” قد لا يكون من السهل القفز فوقه، تحت أيّ ظرف من الظروف. وتلقى الانظار موجهة الى ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى