آخر الأخبارأخبار دولية

أزمة نقص الأدوية في تونس… وجع إضافي للمرضى ورحلة معاناة لتوفير العلاج

نشرت في: 21/12/2022 – 18:31

يواجه التونسيون أزمة نقص وفقدان العديد من الأدوية لا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة، وتشهد الأزمة تفاقما مستمرا سواء في الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات. بعض التونسيين لجأوا لطرق بديلة لتوفير العلاج.

يواجه التونسيون أزمة نقص وفقدان العديد من الأدوية لا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة، وتشهد الأزمة تفاقما مستمرا سواء في الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات. بعض التونسيون اضطروا للبحث عن طرق بديلة للعثور على الدواء. 

“نلاحظ بسهولة (كما في الصور أدناه)، أن هناك فراغات في رفوف الصيدلية، الكثير من الأدوية غير متوفرة، من بينها الأنسولين، أدوية الصرع والسرطان، حتى دواء “الإيفرالغون” لخفض الحرارة لدى لأطفال غير متوفر، وأغلب الأدوية المفقودة ليس لها بديل من الأدوية المصنعة في تونس”، هكذا وصف لفرانس24 نبيل قن صاحب صيدلية في محافظة المنستير في تونس أزمة نقص الأدوية في البلاد. 

صيدلية في ولاية المنستير التونسية © فرانس24

حوالي 690 دواء مفقود في تونس

ويواجه التونسيون أزمة نقص كبير بالأدوية في السنوات الأخيرة إذ تشهد تفاقما مستمرا سواء في الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات، ووفق بيان صادر عن جمعية الصيادلة ونشر على صفحتها على فيس بوك فإن حوالي 690 دواء مفقود في تونس، من بينها أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة. 

وقد اتصلت فرانس24 بالصيدلية المركزية من أجل فهم أسباب الأزمة لكنها لم تحصل على رد.  

ووفق تقارير إعلامية محلية واستنادا لتصريحات العاملين في قطاع الصيدلة فإن الصيدلية المركزية تعاني من عجز مالي كبير بسبب الديون المتراكمة من المستشفيات والصندوق الوطني للتأمين الصحي. هذا العجز المالي جعلها اليوم غير قادرة على استيراد الأدوية من الخارج. 

سامي (اسم مستعار) قال لفرانس24 “إنها فعلا معاناة في البحث عن الدواء، أضطر للبحث في كل صيدليات تونس العاصمة وأوصي أصدقائي في مناطق أخرى… والدتي تبلغ 74 عاما، مصابة بشلل الرعاش (الباركنسون)، أجد صعوبة في الحصول على دوائها”. 

وتابع متأسفا “أتأخر عدة مرات في العثور على دوائها في الوقت المناسب… لأسبوع أو لأسبوعين وهي فترة كافية لتتعكر صحتها…”.

يوسف حمدان وهو مدير شركة روسبينا فارما لتوزيع الأدوية والمواد الطبية أوضح لفرانس24 “أن أغلب الأدوية المفقودة هي تلك التي تقتنيها الصيدلية المركزية من الخارج، أحيانا نطلب 500 علبة من دواء ما، لا نحصل سوى على خمسين فقط”.  

وشركات التوزيع تقتني الأدوية من الصيدلية المركزية أو شركات تصنع الأدوية المحلية لتبيعها لاحقا للصيدليات الخاصة. وتحتكر الصيدلية المركزية في تونس عملية استيراد الأدوية من الخارج. 

وتابع حمدان “من واجبنا فيما بعد تقسيم الأدوية بطريقة عادلة بين الصيدليات ليتمكنوا هم بدورهم من تلبية طلبات المرضى… وهذا أمر مستحيل، أصبح الأمر معاناة يومية”. 

وزاد في تفاقم هذه الأزمة ارتفاع الطلب على شركات التصنيع المحلية لتصبح هي بدورها غير قادرة على الاستجابة لطلب السوق، وهو ما أكده حمدان قائلا “كانت شركات التصنيع التونسية تستجيب لطلبنا خلال 48 ساعة لكن اليوم أصبحنا ننتظر لأسبوعين أو أكثر”. 

مسألة حياة أو موت 

وإيجاد الأدوية في أغلب الأحيان هو مسألة حياة أو موت، ولذلك اضطر العديد من التونسيين لإيجاد طرق بديلة لمواجهة الأزمة.  

مديحة قالت لفرانس24 “نجد صعوبة كبيرة في تأمين الأدوية لأخي المصاب بالسرطان، لذلك لجأنا لجمعيات تجمع أدوية لمرضى توفوا مثلا واختار أهلهم أن يتبرعوا بأدويتهم المتبقية لمرضى آخرين… أحيانا ننشر نداءات على صفحات التواصل الاجتماعي فنجد متبرعين أو أشخاصا يبيعون أدوية لم يعودوا بحاجة إليها… أقر أن ذلك يمكن أن يوقعنا فريسة للاحتيال، لكن ليس باليد حيلة.” 

كما اضطر تونسيون آخرون للاستنجاد بأقاربهم في الخارج لتأمين الأدوية وإرسالها إليهم، فصفحة تونسيزيان أون فرانس “Tunisiens en france” تنشر فيها يوميا، تقريبا، نداءات البحث عن أشخاص قاصدين تونس ليتم إرسال الأدوية معهم.

صورة ملتقطة من إحدى صفحات فيس بوك تتضمن نداء للبحث عن أشخاص متوجهين إلى تونس من أجل إرسال الدواء معهم

صورة ملتقطة من إحدى صفحات فيس بوك تتضمن نداء للبحث عن أشخاص متوجهين إلى تونس من أجل إرسال الدواء معهم © فرانس24

حسام الحرشاني مقيم في فرنسا صرح لفرانس24 أن والداه يعانيان من مرض السكري ويرسل إليهما الأدوية باستمرار “إما عبر أصدقاء أو عبر أشخاص اتخذوا من هذه الخدمة مصدرا للربح، والفاتورة مكلفة”. 

مروان (اسم مستعار) أيضا مقيم في فرنسا قال “أرسل أدوية ضغط الدم وأمراض القلب باستمرار لأفراد من عائلتي وأصدقائي، الأمر كان أسهل بكثير في السنوات الماضية لأن الأزمة لم تكن بهذا الحجم، كان يكفي أن أنشر نداء على فيس بوك، لكن اليوم أصبح صعبا لكثرة الطلبات”. 

وتابع مروان “أصبحت أتجه مباشرة إلى المطار، لأبحث عن أشخاص متوجهين لتونس لكن هناك أيضا يمكن أن يقولوا لك إنهم يحملون دواء لشخص آخر لكن ولحسن الحظ أجد في كل مرة شخصا يقبل تقديم المساعدة”. 

وخلال تنقلي كصحافية لفرانس24 لمطار باريس من أجل التوجه لتونس، طلب مني أحدهم أن يرسل معي أدوية مفقودة في تونس لوالده المريض مرفقة بالوصفة الطبية، لكن موظفة شركة الطيران منعته وأكدت أنه لأسباب أمنية يمنع عليه إعطاء الدواء لشخص لا يعرفه.  

وتأتي هذه الأزمة كمؤشر جديد لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس بالإضافة إلى الأزمات السياسية المتتالية في البلاد. 

صبرا المنصر


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى