آخر الأخبارأخبار محلية

الذهب يحلّق على وقع التصعيد.. وخبير: هذه نصيحتي للراغبين بشرائه

على وقع تصاعد التوترات الجيوسياسيّة في الخريطة العالميّة، لاسيّما في الشرق الأوسط، يصنع المعدن الأصفر مشهديّته التاريخيّة، محلّقًا في فضاءاتِ عالمٍ فيه ما يكفي من النزاعات الملتهبة منها والباردة، يجذب أنظار المستثمرين إلى وهجه، فترتفع شعبيته ومعها قيمته الدولارية إلى مستويات قياسيّة، تخطّت الـ 2400 دولار للأونصة في البورصة العالمية، في تعاملات الجمعة الماضي.

 

 

 في فلك المعدن النفيس، تكثر الأسئلة حول مساره المستقبلي، وما إذا كان سيكمل زخمه التصاعدي، أم يتواضع، ليبدي عقلنة تفرضها مؤشّرات عدّة،يمتزج فيها الحابل الإقتصادي بالنابل السياسي والأمني. كثيرة هي العوامل التي تفعل فعلها في تحديد أسعار الذهب في الأسواق العالمية، تبدأ بقرار الفيدرالي الأميركي حيال معدّلات الفائدة، ولا تنتهي بالصراعات على المسرح الدولي، فضلًا عن الاتجاه اللافت لدى البنوك المركزيّة العالميّة لحيازة الذهب.

 

بورصة الذهب وضربة ايران المحتملة
في قراءة للتفسيرات المنطقيّة لارتفاع أسعار الذهب منذ بداية العام بنسبةكبيرة بلغت 15%، يلفت الخبير المالي والاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الدكتور أنيس أبو دياب، إلى جملة عوامل متداخلة اقتصاديّة وسياسيّة أمنيّة، خلف المسار التصاعدي الذي سجّله المعدن الأصفر، منذ بداية آذار الماضي.
في حديثه لـ “لبنان 24” يشير أبو دياب إلى أنّ الأسباب المباشرة للارتفاع “تكمن في حالة عدم اليقين كما نسميّها في علم الاقتصاد، بمعنى عدم الوضوح في المسار المستقبلي للاقتصاد الأميركي من جهة والعالمي من جهة ثانية، معطوفًا على الحرب في أوكرانيا وفي منطقة الشرق الأوسط. أبرز مؤشر على ذلك، تحليق سعر الذهب إلى ما يقارب 2365دولارًا للأونصة بعد ساعات قليلة على الاستهداف الإسرائيلي للقنصليّة الإيرانيّة في دمشق في بداية الشهر الحالي، ليعود ويصحّح مساره التصاعدي. كلّ هذه العوامل المضطربة تدفع المستثمرين للطلب المتزايد على أصول الملاذ الآمن، أي الذهب، على رغم أنّه يفتقد للعوائد، على خلاف السندات والأسهم، ولكنّه يحقّق مكاسب من تبدّل سعره”.

 

هل تواصل أسعار الذهب ارتفاعها؟
آفاق أسعار المعدن النفيس، واستمرار صعوده في الأسابيع والأشهر المقبلة، يتوقّف على تطور الصورة الاقتصاديّة والسياسيّة، لاسيّما وأنّه استثمار جذّاب خلال فترات التضخم والصراع العالمي. “وإذا كان السعر الذي نشهده حاليَّا يتغذّى من الفوضى التي تنعكس حالة من عدم اليقين، لكن ما لا يعلمه كثيرون، أنّ حالة عدم اليقين قد تنتج ارتفاعًا شديدًا أو هبوطًا حادًّا” يقول أبو دياب “من هنا لا أستبعد هبوطًا مفاجئًا في الذهب إذا استقر الوضع الأمني قليلًا، ففي حال تمّ تحقيق هدنة موقّتة في غزة، من شأن ذلك أن ينعكس استقرارًا وانخفاضًا في أسعار الذهب بمعدل 200 أو 300 دولار، لاسيّما وأنّ مجمل المؤشّرات الاقتصاديّة الأميركيّة لا تصب لصالح ارتفاع أسعار الذهب، بل لصالح الدولار، والفدرالي الأميركي لن يذهب باتجاه خفض سعر الفائدة، وهو العنصر الأساسي المؤثّر على أسعار الذهب بشكل مباشر، فكلما انخفضت الفائدة يقابلها ارتفاعٌ في سعر الذهب”.

 

دور مشتريات البنوك المركزيّة
كثّفت معظم البنوك المركزيّة على مستوى العالم حيازتها من الذهب، ولاسيّما في الصين وألمانيا وتركيا، حيث بلغت إجمالي مشتريات البنوك المركزيّة من المعدن الأصفر خلال عام 2023، نحو 1037 طنًّا. تصدَّر بنك الشعبي الصيني قائمة أكثر البنوك المركزيّة شراءً للذهب عام 2023، بحجم بلغ224.88 طنًّا، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، وواصل حيازته للذهب خلال الربع الأول من العام الحالي، ليصل إجمالي احتياطي بنك الشعب الصيني من الذهب إلى 2257 طنًّا، وفق “بلومبرغ”. فهل تحوّط البنوك المركزية بشراء الذهب يقف خلف ارتفاع سعره؟
يجيب أبو دياب بالنفي “المفاجىء أنّ سعر الذهب لا يرتفع في افتتاح التعاملات في الصين، بل عند افتتاح التعاملات في الولايات المتحدة، والفارق بينهما حوالي 12 ساعة، ما يؤكّد أنّ مشتريات المركزي الصيني لا تقف بشكل مباشر خلف ارتفاع أسعار الذهب، بقدر ما تلعب التوترات الجيوسياسيّة دورًا أساسيًّا في اتجاهات الذهب، لاسيّما وأنّها تقود إلى عدم يقين اقتصادي”.
عن أسباب إقبال البنوك المركزية نحو تعزيز موجداتها بالذهب، يشير أبو دياب إلى سعي السياسات النقدية للبنوك المركزيّة للحفاظ على سعر صرف عمولاتها المحليّة، من خلال التحوّط بالذهب كثروة لها قيمة ذاتيّة، بصرف النظر عن التوترات الجيوسياسيّة، أو تلك القائمة على صعيد التجارة الخارجيّة.

 

لا أنصح اللبنانيين بشراء الذهب باستثناء هؤلاء فقط
في لبنان، وبظلّ حالة اللا ثقة في القطاع المصرفي للسنة الخامسة على التوالي، يتساءل اللبنانيون ما إذا كان الاستثمار بالذهب يمثّل الخيار الأنسب لحاملي الكاش منهم. النصيحة المباشرة الذي يقدّمها أبو دياب لأيّ مستثمر هي تنويع محفظته الاستثماريّة، وهذا هو التحوّط الأنسب “من أجل الاستثمار الطويل الأمد، لا أنصح أحد بشراء الذهب في الوقت الراهن، على رغم استمرار مساره التصاعدي ربطًا بتسعير الصراع. فإذا استعرضنا المسار التاريخي للمعدن الأصفر منذ السبعينات إلى يومنا، نرى أنّ العوائد السنويّة من جرّاء ارتفاع سعر الذهب تتراوح بين 7.5 و 8%، بينما سجّل الذهب ارتفاعًا بلغ حوالي 15% في الأشهر الثلاثة الأولى منذ بداية العام، على وقع الحرب الدائرة في المنطقة، وهذا المسار غير طبيعي، وأعتقد أنّه سيعود إلى تصحيح نفسه. كما أنّه استثمار يفتقر إلى إمكانات الربح التي تتمتّع بها الأسهم التقليديّة. لكن بالمقابل من يتحوّط بأمواله، ولا خيارات ثانية أمامه للاستثمار،أنصحه في هذه الحالة بالاستثمار بالذهب على الأمد الطويل، لأنّه يحقق له عائدًا بنسبة 7.5% على الأقل سنويًا، بالتالي من لا يملك عوائد سنويّة تؤّمن له أكثر من هذه النسبة، فليتّجه حتمًا نحو الذهب”.
بالمحصلّة، عوامل عدّة تتحكّم بأداء الذهب، كالمضاربة واتجاه المستثمرين إلى التحوّط من الانكماش الاقتصادي الناجم عن تشديد السياسة النقدية، والمراهنة على خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، ليبقى العامل الأكثر تأثيرًا تصاعد حدّة التوترات الجيوسياسية لاسيّما بين إيران وإسرائيل، والتي من شأنها أن تدفع بالمعدن الأصفر إلى بلوغ قمّة جديدة، خصوصًا إذا ما جنحت إسرائيل نحو الردّ على الرد.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى