مخاوف وانتقادات للقانون الانتخابي الجديد مع اقتراب بدء تقديم الترشحات
نشرت في: 11/10/2022 – 19:26
بعد نحو شهر من إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد مرسوم تعديل القانون الانتخابي في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، وقبل أيام من بدء تلقي الترشحات للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 17 ديسمبر/ كانون الثاني المقبل، تسجل الساحة السياسية انتقادات لهذا القانون “الأحادي”، فما هي أبرزها؟
تبدأ الهيئة العليا للانتخابات في تونس يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي وعلى مدى أسبوع تسجيل الترشحات للانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، بناء على المرسوم المتعلق بالقانون الانتخابي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في 15 سبتمبر/ أيلول 2022.
ففي 15 سبتمبر/ أيلول أصدر سعيّد، الذي تولى صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ 25 تموز/يوليو 2021 المرسوم عدد 55 لتعديل القانون الانتخابي الذي أثار لاحقا انتقادات في الساحة السياسية.
وسيتألف البرلمان الجديد من 161 نائبا، وستكون صلاحياته محدودة للغاية بموجب الدستور الجديد الذي أقر في استفتاء نظمه سعيّد في تموز/يوليو شهد مقاطعة كبيرة.
فتجدر الإشارة إلى أنه على خلاف الدستور السابق لعام 2014 الذي كرس دورا رئيسيا للبرلمان، مانحا إياه المسؤولية الرئيسية عن تشكيل الحكومات، وضع الدستور التونسي الجديد الحكومة تحت سلطة الرئيس مباشرة، وحد من نفوذ البرلمان الجديد المؤلف من غرفتين.
وبموجب القانون الجديد، سيختار الناخبون مرشحيهم على أساس فردي بدلا من اختيار قائمة حزبية واحدة، وهو تحول من شأنه إضعاف نفوذ الأحزاب، والتي رفضت بمختلف أطيافها القانون، قائلة إنها ستقاطع أي انتخابات تجرى بموجب الدستور الجديد الذي وسع سلطات سعيّد بشكل كبير، وألغى معظم القيود على أفعاله.
فهذه التغييرات الأحادية الجانب التي أقرها الرئيس قيس سعيّد، تنصب في رغبته بإعادة تشكيل النظام السياسي التونسي منذ سيطرته على معظم السلطات الصيف الماضي، في حملة وصفها خصومه بأنها “انقلاب” على الديمقراطية يهدف إلى ترسيخ حكم الرجل الواحد.
“المحطة الأخيرة في الأجندة السياسية”
انتقدت الأحزاب السياسية المرسوم عدد 55 واعتبرته إقصاء لها. وبعد أيام من الإعلان عنه قال ائتلاف يضم خمسة أحزاب معارضة بينها حزبا “العمال” و”الجمهوري” مقاطعة الاستحقاق.
قال الجمهوري الوسطي عصام الشابي في مؤتمر صحفي يوم 19 سبتمبر/ أيلول إن “هذه الانتخابات هي المحطة الأخيرة في الأجندة السياسية” التي فرضها سعيّد.
وقال الأمين العام لحزب العمّال حمة الهمامي، المعارض الشرس إبان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إن “سعيّد دكتاتور”.
من جهته أكد سعيّد خلال اجتماع لمجلس الوزراء، إن القانون الجديد لا يقصي الأحزاب السياسية، وأن هذه الاتهامات “غير صحيحة ومحض افتراءات”، مضيفا: “نمر بمرحلة جديدة في تاريخ تونس لسيادة الشعب بعد أن كانت الانتخابات صورية”.
“لن نقبل أن نكون مجرد مزكيات”
من أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نظمت الديناميكية النسوية المستقلة وهي تكتل للجمعيات النسوية أبرزها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني تحركا احتجاجيا الجمعة 7 أكتوبر/ تشرين الأول تحت شعار “نحن مواطنات كاملات لن نقبل أن نكون مجرد مزكيات” للتنديد بالقانون الانتخابي الذي اعتبرنه “استمرارا للتمييز والعنف ونسف حق النساء في المشاركة في الحياة السياسية”.
ومن بين شروط الترشح لهذا الاستحقاق يتعين على الأفراد المرشحين جمع 400 تزكية نصفها من النساء وربعها من الشباب دون 35 عاما.
وشكل جمع التزكيات صعوبة كبيرة لدى المرشحين، فإلى جانب صعوبة الحصول على هذا العدد من المزكين يجب أن يتم التعريف بإمضاء المزكي لدى البلدية، شرط اعتبر تعجيزيا.
وتضمن بيان للتكتل النسوي الذي تأسس إثر 25 يوليو/ تموز 2021 عندما جمد سعيّد البرلمان بناء على الفصل 80 من الدستور، أن المرسوم 55 تعزيز لتمشي قائم على إقصاء “النساء ونسف حقهن في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة الشأن العام ولطريقة الاقتراع عن الأفراد التي تفتح المجال أصحاب النفوذ من الفاسدين وتساهم في تفجير النعرات العروشية والجهوية كما أنها أحسن طريقة لاستبعاد النساء والشباب”.
وأشار البيان إلى أنه في نفس الوقت يفرض القانون مبدأ التناصف فقط في التزكيات ما يرسي “نظرة تحقيريه للنساء واختزال مواطنتهن كديكور للتزكيات وليس كمواطنات كاملات، فاعلات ومتساويات”.
سعيّد يتراجع عن قانونه؟
أما اليوم، فقد أعرب سعيّد عن رغبته في وضع نسخة جديدة من القانون الانتخابي، حيث أعلن الجمعة 7 أكتوبر/تشرين الأول عزمه تعديل القانون.
ووفق بيان صادر عن الرئاسة التونسية، نقل عن سعيّد قوله إن التعديل يأتي بسبب ما وصفه بالتلاعب بمسألة التزكيات لانتخاب أعضاء مجلس النواب وتفشي “المال الفاسد”.
وأشار سعيد، بحسب البيان، إلى أن ما أسماه “الواجب الوطني” يقتضي الحد من هذه الظاهرة إذا كان التشريع الحالي لم يحقق أهدافه.
وتعقيبا على إعلان سعيّد عزمه تعديل القانون، قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر الإثنين إنه من الأفضل عدم المساس بالقانون الانتخابي في هذه الفترة.
وأوضح في تصريح إعلامي أنه إن “اقتضت الضرورة أن يتم تعديل وإدخال تنقيح تقني فني لمجابهة ظاهرة ما فلن يكون له تأثير على حسن سير العملية لكن يجب أن يكون مدروسا وبعد أخذ رأي هيئة الانتخابات”.
من جانبه اعتبر الحزب الجمهوري، أحد أبرز الأحزاب المعارضة في بيان صدر على صفحته على فيس بوك في 9 أكتوبر/ تشرين الأول، أن تعديل القانون في هذا التوقيت إقرار من قبل السلطة “بفشل خياراتها وعنوان لتخبطها السياسي”.
حزب العمال وفق تقديره، قال إن تعديل القانون الانتخابي يمثل، مؤشرا “على حجم العبث والانحراف في ممارسة السلطة”.
وذكر الحزب في بيانه أن هذا القرار هو “دليل إضافي على عقم ترسانة القوانين التي بدأ الرئيس سعيّد في إصدارها، وعلى رأسها القانون الانتخابي”.
صبرا المنصر
مصدر الخبر
للمزيد Facebook
