آخر الأخبارأخبار محلية

مجزرة النبطية تفضحه.. بنك الأهداف الإسرائيلي برسم المجتمع الدولي!

ليس جديدًا القول إنّ “بنك الأهداف” الإسرائيلي من الحروب التي يشنّها بصورة عامة، وآخرها على قطاع غزة الفلسطيني، أو على جنوب لبنان بالتوازي، ليس سوى المدنيّين، وفي مقدّمهم الأطفال والنساء، بعيدًا عن الأهداف الكبيرة التي يعلنها، والتي تبدو في الغالب غير واقعيّة، إذ إنّ سجلّه الحافل من “المجازر” يؤكد هذه الحقيقة، ولو أنّه يجد دائمًا من يعطيه الأعذار والتبريرات، ولو أدرك سلفًا أنّها واهية ولا تمتّ إلى الحقيقة بصلة.

 
لعلّ الحرب على غزة تشكّل الدليل الساطع على صحّة هذه النظرية، إذ إنّ من يراقب مسار هذه الحرب منذ البداية يدرك أنّ إخفاق العدو في تحقيق هدفه المُعلَن، وهو “القضاء على حركة حماس”، كما يقول، عوّضه بتحقيق “هدفٍ آخر”، يتمثّل في تحويل القطاع إلى مكانٍ غير صالح للسكن، ولم يكن ذلك ليتحقّق إلا “بفضل” المجازر المتنقّلة بين المربعات السكنية والمنازل الآمنة، وصولاً إلى المدارس والمستشفيات، وحتى المخيّمات التي يفرّ الشعب إليها.
 
ولا يقف الأمر عند حدود غزة، فقد وصل الأمر إلى لبنان، حيث حاول الإسرائيلي الحديث عن عمليات “محدّدة”، يحصر من خلالها الاستهداف بشخصيّاتٍ بعينها، محسوبة على “حزب الله” أو “حماس”، إلا أنّ الوقائع كذّبت هذه الفرضية، وآخرها مجزرة النبطية، وقبلها الصوانة وغيرها، حيث كانت دماء الشهداء التي سالت خير معبّر عن “بنك أهداف” قوامه الأطفال، فإلى متى يبقى المجتمع الدولي متفرّجًا على كلّ ذلك؟ وماذا بعد مجزرة النبطية؟!
 
“لغة” المجازر
 
يقول العارفون إنّ “لغة” المجازر لطالما طبعت الحروب الإسرائيلية في كلّ مكان، إذ إنّ العدو “المتفوّق” خصوصًا بسلاح الجو، يتعمّد استهداف المدنيّين دائمًا لأكثر من سبب، على رأسها رغبته في “إلحاق الأذيّة” بالبيئة الحاضنة للمقاومة، ومحاولته بذلك الضغط عليها، لدفعها للانقلاب عليها، لكن ليس من بينها في المقابل ما يدّعيه سواء عن الأنفاق كما هو الحال في غزة، أو حتى حول وجود المقاتلين في مربعات سكنية.
 
بهذا المعنى فقط تُقرَأ “الرسائل” من المجازر التي ينفّذها العدو منذ قيام ما سُمّيت بـ”دولة إسرائيل”، حيث لا يكترث الإسرائيلي للقواعد والقوانين الدولية، فيستهدف المستشفيات مثلاً، بحججٍ تفتقد إلى الأدلة والبراهين، كما يستهدف المدارس وحتى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، والتي يكون المدنيون أساسًا قد لجأوا إليها هربًا من القصف الإسرائيلي، وهو ما تشهد عليه الحروب المتكرّرة على لبنان، كما على غزة.
 
لكنّ المشكلة وفقًا للعارفين، في المنطق الدوليّ، تكمن في أنّ هذه المجازر على وحشيّتها، لا تقترن سوى بـ”قلق” يعبّر عنه المجتمع الدولي في أحسن الأحوال، من دون أيّ محاسبة فعليّة لإسرائيل، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حدّ تبنّي سرديتها وروايتها من دون حدّ أدنى من التدقيق، كما حصل مثلاً في مجزرة المستشفى المعمداني في غزة، قبل أن يصبح استهداف المستشفيات من “بديهيات” الحرب على غزة، وسط صمت العالم.
 
موقف “حزب الله”
 
بعيدًا عن العموميات، يقول العارفون إنّ الجرائم الإسرائيلية الأخيرة في جنوب لبنان، وتحديدًا مجزرة النبطية، من شأنها أن تشكّل خطًا فاصلاً بين مرحلة وأخرى، بل إنّها تعطي المواجهات الدائرة في الجنوب منذ الثامن من تشرين الأول منحىً جديدًا، ولو أنّها لا تُعَدّ الأولى من نوعها، باعتبار أنّ خرق قواعد الاشتباك حصل منذ فترة طويلة، حيث يذكر الجميع مجزرة الطفلات الثلاث التي وقعت عند استهداف سيارة مدنية بين عيترون وعيناتا.
 
وبمعزل عن صحّة معادلة “ما بعد مجزرة النبطية ليس كما قبلها” من عدمها، يشدّد العارفون على أنّ موقف “حزب الله” لا يمكن أن يكون إلا أكثر حزمًا وصلابة وتشدّدًا، فاستهداف المدنيين وقتلهم بهذا الشكل لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، ولو أنّه يسجّل “مآخذ” على المجتمع الدولي، الذي جاء موفدون في الآونة الأخيرة لا يشغلهم سوى “حماية إسرائيل”، من دون أن تستثيرهم، ولو بالقدر نفسه، صور الأطفال الشهداء الذين سقطوا في الأيام الأخيرة.
 
صحيح أنّ العارفين بأدبيّات الحزب يقولون إنّ المواجهة تبقى “مضبوطة”، ما يعني أنّ ردود الحزب وإن استندت إلى معادلة “العين بالعين والسنّ بالسنّ والبادئ أظلم”، إلا أنّها لن تصل لحدّ “فتح الحرب الشاملة”، لكنّهم يؤكدون في الوقت نفسه، أنّ الحزب سيتعاطى مع المتغيّرات بحجمها، ما يعني أنّه سيتحرّر شيئًا فشيئًا من الكثير من “الضوابط” التي لا تزال تقيّده، لقناعة لديه بأنّ العدو يجب أن “يدفع ثمنًا” مقابل استمراره باعتداءاته.
 
يقول البعض إنّ توسّع الحرب بات أقرب من أيّ وقتٍ مضى، فنهج المجازر الذي يعتمده الإسرائيلي يمكن أن يُفهَم على أنّه “ضوء أخضر” لمثل هذا التوسيع. لكن هناك من لا يزال مقتنًعا بأنّ هذا التكتيك ليس سوى “هروب” من الواقع، على عادة إسرائيل، التي تعوّض إخفاقها العسكري بالمجازر ضدّ المدنيّين، وهي استراتيجية تفتقد للحدّ الأدنى من أخلاقيات الحرب، لكنّها تبقى صالحة، طالما أنّ لا حسيب ولا رقيب عليها!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى