آخر الأخبارأخبار محلية

قائد الجيش يرفض تأجيل تسريحه ولا يعارض التمديد له بقانون من البرلمان

حسم ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، لكن البحث يدور حول الآلية التي سوف تتبع لذلك، ان من خلال اقتراح قانون يقدّمه عدد من النواب أو مشروع قانون يحال من الحكومة إلى مجلس النواب، وسط جدل سياسي يدور حول طرحين: الأول يتمثل بحصر التمديد بقائد الجيش، أما الثاني فيربط هذا التمديد بالتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وقد تظهر ذلك في الموقف الذي اعلنه وزير البيئة ناصر ياسين في جلسة مجلس الوزراء لجهة تعيين رئيس للأركان أو تأجيل تسريح قائد الجيش خاصة في ظل الأوضاع الأمنية والسيناريوهات المفتوحة على احتمالاتٍ كثيرة، منها دخول لبنان الحرب مع إسرائيل. فكان رد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأن الأمر يحتاج إلى دراسة معتبرا ان الحكومة قد تذهب إلى إعداد مشروع قانون للتمديد عاماً واحداً، لِمن يَحمل رتبة عماد ولواء معلناً تكليف الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة إعداد مشروع القانون. وفي السياق اشارت المعلومات الى أن قائد الجيش أبلغ زواره أنه يرفض التمديد له عبر تأجيل تسريحه بموجب اقتراح موقع من وزير الدفاع وانه يشدد على أن يحصل ذلك بموجب قانون في مجلس النواب أو من خلال مشروع قانون تعده الحكومة. ويأتي ذلك وسط معلومات تحدثت عن طرح حمله نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنواب أديب عبد المسيح وسجيع عطية إلى وزير الدفاع موريس سليم ويحظى بغطاء من الرئيس نبيه بري لجهة التمديد لقائد الجيش لمدة سنة واحدة على أن يتم تعيين رئيس الأركان ومدير التفتيش العسكري، الا أن الأمور لم تحسم بعد رغم أن سليم أبدى إيجابية خلال اللقاء ولم يبد رفضا لأي طرح لا يتعارض مع الدستور.

الأكيد أن لا تعيين لقائد جديد للجيش فهذا الأمر محسوم عند الكتل السياسية كافة، الا ان التمديد للعماد عون لا يزال يرفضه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي يشدد على ضرورة أن يتولى الضابط الأعلى قيادة الجيش، لكنه فشل في سحب موافقة القوى السياسية، لتكليف العضو المتفرّغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب بمهام القائد بمرسوم يصدر عن وزير الدفاع.

وسط ما تقدم تبرز مقاربة قانونية لرئيس JUSTICIA الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ الدكتور بول مرقص فيشير إلى انه في ما يتعلّق بالسنّ القانوني للتسريح الحكميّ للعسكريين، فقد نصّت عليه المادّتان /56/ و/57/ من المرسوم الاشتراعي رقم /102/ لعام 1983 (قانون الدفاع الوطني)، حيث نصّت المادة /57/ منه على أنه:
“مع مراعاة أحكام المادة 55 من هذا المرسوم الاشتراعي يتم تسريح الرتباء والافراد بموجب قرار يصدر عن قائد الجيش، في الحالات التالية:
1- حكماً: عند بلوغهم حدّ السن القانونية وهي التالية:
أ- للرتباء: 48 سنة.
ب- للأفراد: 45 سنة.
2- استنسابيا: عند اكمالهم المدة القانونية التي توليهم حق الحصول على المعاش التقاعدي وهي ثماني عشر سنة…”
ولم يتناول المرسومان الاشتراعيان (/112/ و/102/) أي أحكام تتعلّق بتمديد سنّ التقاعد، مما يشير إلى ضرورة صدور تشريع يسمح بالتمديد، وهذه ليست المرّة الأولى التي يصدر فيها تشريع للتمديد، ففي عهد رئيس الجمهورية السابق إلياس الهراوي، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 463/1995 يتعلّق “بتعديل سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش واجازة تمديد تعيين الموظفين الفنيين في ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية”.
وقد جاء في الأسباب الموجبة لهذا القانون ما حرفيّته: “نظراً لقرب إحالة العماد قائد الجيش على التقاعد عملاً بأحكام المادة 56 من قانون الدفاع الوطني. ونظرا لكون المدير العام رئيس الفرع الفني في ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية يبلغ السن القانونية بتاريخ 1996/6/30 وسيحال على التقاعد عملا بأحكام المادة 68 من نظام الموظفين اعتبارا من 1996/7/1.
وحيث أن المصلحة الوطنية العليا تقضي بالاخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة على الصعيد الاقليمي، وضرورة الاستمرار في تدعيم ركائز الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية. ونظرا لما لمؤسسة الجيش من اهمية كركيزة اساسية من تلك الركائز. وحيث ان المنهجية المتبعة على مستوى قيادة هذه المؤسسة اثبتت نجاحها بما يؤهلها للاستمرار في مواجهة اعباء المستقبل…”
ونصّت المادة الأولى منه على أنه:
“خلافاً لأحكام المادة 56 من المرسوم الاشتراعي الرقم 102 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته, لا سيما القانون الرقم 329 تاريخ 18/5/1994, يعدل ولمرة واحدة فقط سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد بحيث يصبح 63 سنة بدلا من 60 سنة.
تطبق هذه الاحكام على الضباط في الخدمة الفعلية الذين يحملون رتبة عماد بتاريخ صدور هذا القانون”.

 

ما تقدم يشير، بحسب مرقص، إلى أن التمديد لم يشمل فقط العماد قائد الجيش الذي كان سيحال على التقاعد، بلّ شمل كلّ الضباط في الخدمة الفعلية الذين يحملون رتبة عماد، وعمل بهذا القانون لمرّة واحدة فقط. كما أن في عهد الرئيس عون عام 2021، صدر قانون يحمل الرقم /242/ أخرّ فيه تسريح عقداء في الجيش لحين بلوغهم سنّ الثامنة والخمسين، حيث نصّت المادة الأولى منه على ما يلي:
“خلافاً لأي نص آخر، وبصورة استثنائية يؤخر تسريح العقداء في الجيش والقوى الأمنية كافة الذين صدرت مراسيم بوضعهم على جدول الترقية اعتباراً من تاريخ 1/1/2020 أو الذين قيدت أسماؤهم لدى قيادة الجيش اللبناني في الفترة عينها وذلك لحين بلوغهم سن الثامنة والخمسين من عمرهم، وإعادة استدعاء من سرح من السادة العقداء منذ 1/1/2020 إلى الخدمة لبلوغه سن الستة وخمسين مع حفظ جميع حقوقهم المالية والمعنوية لحين إصدار مراسيم ترقيتهم حسب الأصول.”
ووفقًا لقرار المجلس الدستوري رقم ٢/٢٠١٧ والذي جاء بمعرض نصّه ما حرفيته “يجب أن تتوافر في القانون شروط التجرّد والعمومية وأن لا يكون شخصياً، على الرغم من تناوله فئة محددة من المواطنين”.

 

اما بالنسبة لتعيين قائد جديد للجيش من قبل حكومة تصريف الاعمال فقد جاء في قرارات مختلفة لمجلس شورى الدولة ولا سيما القرار رقم 349/ 2015، عن مدى انعكاس مدة ولاية حكومة تصريف الأعمال على مفهومها وصلاحياتها، وأكّد بأن” نظرية تصريف الأعمال هي نظرية مُعَدّة للتطبيق خلال فترة زمنية محدَّدة انتقالية يجب أن لا تتعدى الأسابيع أو حتى الأيام. وإنّ تمدُّدها لفترة أطول لا بدّ أن ينعكس على مفهومها برمّته حتى يستطيع تحقيق الهدف منها وهو تأمين استمرارية الدولة ومصالحها العامة ومصالح المواطنين”.

كما أنه وفقًا للمادة 21 من قانون الدفاع الوطني والتي تنصّ على أنه ينوب رئيس الاركان عن قائد الجيش في حال غيابه ويمارس مهامه وصلاحياته طيلة فترة غيابه. وهناك سابقة في عام 1970 لذلك.
كما وتنصّ المادة 55 من قانون الدفاع الوطني على امكانية الذهاب الى تأجيل التسريح بحالتين:
الحالة الاولى: في وضع اعتلال لم يبت به.
الحالة الثانية: بناء على قرار وزير الدفاع الوطني المبني على اقتراح قائد الجيش, في حالات الحرب أو اعلان حالة الطوارىء أو اثناء عمليات حفظ الامن.
وبما أن البلاد على مشارف الحرب فإنه يمكن تفعيل هذه المادة،
يقول مرقص، وهناك سوابق حصلت مع العماد جان قهوجي في العام 2013 حين مدد له وزير الدفاع وقتذاك فايز غصن لغاية العام 2015، ثم مدد له وزير الدفاع سمير مقبل من 2015 حتى نهاية ايلول 2016،.

بالتالي، فإن الحلّ الأول يكمن بقانون يصدر عن مجلس النواب يعدّل السن القانوني لتسريح قائد الجيش والحل الثاني يكمن بلجوء وزير الدفاع إلى التمديد لقائد الجيش طالما أن البلاد في حالة “من الحرب” مع اسرائيل. وهذان الحلان، وفق مرقص، لا يستقيمان طبعاً الا في حال موافقة قائد الجيش الرضائية حتى لا يمس هذا القانون بحقوقه المكتسبة الكامنة في ترك السلك العسكري والالتحاق بالحياة المدنية وربما السياسية مع بلوغه سن التقاعد كما هو محدد راهناً، وخصوصاً أنه يظهر من سلوكياته أنه لا يطلب، هو، شيئاً لنفسه، كالتمديد أو خلافه.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى