آخر الأخبارأخبار محلية

هل تعيد القوات حساباتها السياسية بعد لقاء معراب؟

لم تكن الانتكاسة التي تلقتها “القوات اللبنانية” في لقاء معراب بسبب المقاطعة الشيعية والدرزية والسنية لها، بهذا السوء، اذ ان كتلة القوات النيابية وحجمها الشعبي يمكنها من التعايش والتعامل بليونة كبرى مع التطورات ويجعلها قادرة على تعديل سياساتها من دون التعرض للاستنزاف الشعبي، كما ان معراب ستبقى حاجة سياسية لقوى كثيرة حليفة لها في الداخل اللبناني وفي المنطقة ايضاً، كل ذلك يخفف من حجم السلبية التي طالتها بسبب مقاطعة اللقاء الاخير.


لكن بالرغم من ذلك، ظهرت أمام “القوات اللبنانية” حقيقة ساطعة يمكن إختصارها بما قاله النائب السابق فارس سعيد من ان السياسة التي أتبعت في المرحلة الماضية من قبل معراب أدت الى هذه النتيجة، اذ لا يمكن تبني خطاب يهاجم القوى السياسية غير المسيحية بشكل حاد وإنتظار نتيجة أفضل من التي ظهرت في اللقاء، وعليه فإن تصحيح هذا الخطاب او تعديله ليصبح خطاباً سياسياً بحتاً هو الحل الانسب للمشكلة القواتية التي ستتجذر وتؤثر على قدرتها التفاوضية في المرحلة المقبلة.

اذا كان التباعد الشيعي عن القوات مرتبطا بالواقع السياسي، وتأثير الخطاب الثقافي عليه، على شاكلة “ما بيشبهونا” محدوداً، فإن هذا الخطاب الذي توجهه معراب بشكل مكثف ضدّ البيئة الشيعية يصيب أيضاً بيئات سنية ودرزية تتشابه ثقافية إلى حدّ كبير مع الشيعة، وهذا الامر يعزز التباعد مع الساحة السياسية السنيّة، التي في الاصل تعرضت علاقتها بالقوات للشرخ بسبب موقف الاخير من الرئيس سعد الحريري ورئاسة الحكومة وغيرها من القضايا التي تطال الوجدان السنّي.

وعلى الصعيد الدرزي، يصبح الخلاف السياسي في اللحظة الحالية هو المحرك الاساسي للتباعد خصوصا في ظل رغبة إشتراكية بالعمل على تأمين نوع من الحاضنة للمقاومة في حال إلتزمت بعدم توسع الحرب، كما ان النظرة الإشتراكية للقضية الفلسطينية مختلفة بشكل كامل عن نظرة “القوات اللبنانية”. وهذا الخلاف شمل ايضاً قضايا داخلية في ظل التقارب المستمر والدائم بين النائب السابق وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري الذي بات يُهاجم بإستمرار من القوات ونوابها.

حتى على المستوى المسيحي لا يمكن للقوات الاستمرار بهذه الحالة، ولا يمكنها الاعتماد على فكرة تكتيل المسيحيين خلفها لتعويض التباعد مع الاحزاب المسلمة، لان هذه القوى هي المنافس المباشرة للقوات في الشارع المسيحي، ومن الطبيعي ان تعمل على تحسين شروطها على حساب القوات، مما يجعل معراب غير قادرة على السيطرة وضبط الحلفاء المسيحيين وضمان الولاء السياسي لهم، خصوصا في ظل اقتراب التسوية التي سيسعى كل طرف الى تحسين شروطه فيها.

في المقابل، فان قرار معراب بضرورة كسر “التيار الوطني الحرّ” وعدم الانفتاح عليه بالرغم من تمايزه عن “حزب الله” أثبت أنه خيار خاطئ، فبعيداً عن عدم امكانية إلغاء اي طرف من خلال مقاطعته، الا ان تنويع الخيارات التحالفية للقوات امر لا بدّ منه وتحديداً في الشارع المسيحي..
إذا لا بد من قيام القوات بمراجعة سياسية حقيقية في المرحلة المقبلة تمهيداً للتسوية المقبلة وحفاظاً على دورها السياسي وقدرتها على التأثير داخل الساحة السياسية اللبنانية.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى