آخر الأخبارأخبار محلية

من بيروت.. هكذا يرصدُ حزب الله التوغل الإسرائيليّ في غزّة

التوغّل البري الذي أقدمت عليه إسرائيل في قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة يكشفُ عن نية لدى تل أبيب في تصويرِ نفسها على أنها متقدمة في الميدان ضدّ حركة “حماس”. منذ مساء أمس الجمعة، يروج الجيش الإسرائيلي لإعلان توسيع عملياته البرية ضد غزة، من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. الأمر اللافت هنا هو أن تل أبيب أرفقت نيتها تصعيد عملياتها البرية مع قطع للإنترنت والإتصالات عن قطاع غزة، وهذه الخطوة يُمكن ربطها بأمرين أساسيين: الأول وهو أنّ إسرائيل تريد عزل غزة عن العالم الخارجي وبالتالي عدم السماح بنقل أي وقائع ميدانية مفاجئة قد تحصل هناك. أما الأمر الثاني فيرتبطُ بإمكانية إقدام جيش العدو على تنفيذ إعتداءات جديدة مكثفة بشكلٍ عشوائي ضمن المناطق التي يسعى للتقدم فيها، وبالتالي التمهيد لإرتكاب مجازر قد لا يدري به أحد بسهولة. 

Advertisement


“بروباغندا” 
في مقابل ذلك، وبعد مراقبة وتحليل ما ينشره جيش العدو الإسرائيلي من بياناتٍ ومعطيات عن “توغلاته”، يتبيّن أن هناكَ “بروباغندا” يعملُ على ترويجها والإيحاء عبرها إنّ “العملية البرية” التي جرى التحذير منها قد بدأت فعلياً وواقعياً رغم كل شيء. المفارقة هنا هي أنّ ما يقوم به جيش العدو ميدانياً ليس مؤثراً حتى الآن، فالتقدم لم يصل إلى عمق غزة ولا إلى الأحياء العمرانية، بل بقيَ بشكلٍ محوري ضمن مناطق فارغة. كذلك، لم يكن هناك أي إعلانٍ عن تحقيق أهدافٍ كبيرة من عمليات التوغل القائمة، فبنية “حماس” العسكرية ما زالت على حالها ولم تتأثر بكل الضربات خصوصاً الجوية. النقاط هذه تترافقُ مع اعترافٍ أقر به الجيش الإسرائيلي مؤخراً حينما قال المتحدث بإسمه جوناثان كورنيوس إن “الجنود لم يخرجوا من دباباتهم العسكرية” خلال عمليات التوغل التي لم تتجاوز الميل الواحد داخل غزة، بحسب قوله، مشيراً إلى أنّ تقدم الدبابات جاءَ تحت حماية غطاء جوي من الطائرات الحربية والمسيّرات. 
إستناداً إلى ما تقدم، يتضح أنّ التوغل ما زالَ شكلياً ومحدوداً ولم يُحقق أي أثر ميداني طالما أن الجنود ما زالوا متحصنين داخل آليتهم خوفاً من مواجهة “حماس”. الأمر الأكثر بروزاً هنا هو أن الولايات المتحدة حثت تل أبيب على تنفيذ “عملية جراحية” وعدم إتمام إجتياح بري كامل للقطاع، وبالتالي فإنه من الممكن أن تكون وقائع ما يجري ميدانياً مرتبطة بدعوة واشنطن التي لا يمكن لإسرائيل تجاوزها باعتبار أن “المقتل” سيكون كبيراً إن حصلت المواجهة الحقيقية ميدانياً ضد “حماس”.    
هنا، يجب التوقف عند تصريحٍ للمتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كورنيوس الذي قال إنّ أهداف التوغلات الأخيرة للجيش الإسرائيلي هي “تجهيز الميدان لأنشطة قتالية مستقبلية”، فيما يقولُ متحدثٌ آخر بإسم جيش العدو ويُدعى بيتر ليرنر إنّ “هدف التوغلات هو عملية واضحة وشاملة تهدف إلى إيجاد شروط أفضل للعمليات البرية”، أي تجهيز الأرضية لمواجهة “حماس” عبر قتال مباشر سيكون بتكلفة عالية.  
وخلاصة ما يتبين هو أنّ التوغل الحالي هو مقدمة لـ”غزو بري” قد لا يحصل الآن، والأمور هنا مرتبطة بما سيكشفه الميدان خلال الساعات المقبلة، وطبعاً وفق ما يفرضه الميدان من شروطٍ قاسية جداً على الجيش الإسرائيليّ.  
مشهدية التوغل.. ماذا تعني بالنسبة لـ”حزب الله” في لبنان؟ 
في غرفة العمليات المُشتركة بين “حزب الله” و “حماس” في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، يجري تحليل كلّ ما يرتبط بالعملية البرية المزعومة للعدو الإسرائيلي في غزّة. معلومات “لبنان24” تقولُ إنَّ خبراء من الحزب و “حماس” يعمدون إلى تحليل كلّ البيانات والمعلومات الواردة عن التوغلات خلال الـ24 ساعة الماضية، كما تبين أن هناك معطيات وردت إلى بيروت من غرفة عمليات “حماس” في غزة، تُفيد بكافة تفاصيل الوضع الميداني هناك، وتكشفُ بالإحداثيات عن مدى تقدّم الجيش الإسرائيلي داخل القطاع الفلسطينيّ. 
التحليل والتدقيق المستند إلى معطيات الميدان قد تدفعُ “حزب الله” لإعتبار أنَّ ما تفعلهُ تل أبيب برياً في غزة الآن ما زال ضمن الأطر المحدودة. حتماً، تعي قيادة الحزب أن أي خطوة إسرائيلية مُتقدّمة غزة ستعني معركة برية كُبرى، وبالتالي ستكون العواقب خطيرة جداً إن حصل هذا الأمر. لذلك، وبسبب “محدودية” التحرك الإسرائيلي في غزة حتى الآن، فإن التوقعات تقول إنّ “حزب الله” قد يُحافظ على نمط عملياته القائم حالياً في جنوب لبنان ضد المواقع الإسرائيلية من دون الذهاب إلى تصعيدٍ أكبر. إلا أنه وفي الوقت نفسه، فإنّ المشهدية القائمة حالياً يُمكن أن تتبدّل فوراً وبسرعة في حال قررت إسرائيل التوغل أكثر داخل غزة وزيادة وتيرة عملياتها البريّة لتُصبح إجتياحاً فعلياً. عندها، من الممكن أن يرى “حزب الله” نفسه أمام معركة كبرى يجدر البدء بها، والأمر هذا يقترن بتصريحٍ لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي قال إنّ المقاتلين اللبنانيين والفلسطينيين الموالين لطهران يضعون “أصابعهم على الزناد” إذا بدأ الجيش الإسرائيلي عملية برية في قطاع غزة.  
التوغل في غزة.. هل سيُقابله آخر من لبنان؟ 
معظمُ التحليلات المرتبطة بجبهة جنوب لبنان تشير إلى أنها ستبقى تحت سقف التصعيد الحربي الشامل في هذه المرحلة. وتقولُ مصادر معنية بالشؤون العسكرية إنّ فُرص إقدام “حزب الله” على توغلٍ مُضاد من جنوب لبنان باتجاه الأراضي المحتلة ضئيلة جداً الآن لكنها واردة في الوقت نفسه. الخطوة هذه، إن حصلت، ستكونُ محدودة من حيث الناحية العملياتية، ولن تكون مماثلة لما حصل يوم 7 تشرين الأول الجاري حينما بادر مقاتلو “حماس” لإقتحام المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزّة عبر مئات المُقاتلين.  
في المقابل، فإنّ “حزب الله” قد يتجهُ إلى زيادة منسوب عملياته وحجم إستهدافاته للمواقع الإسرائيلية إن وجدَ أن هناك تطبيقاً إسرائيلياً حقيقياً للحملة البرية الإسرائيلية ضدّ قطاع غزة. عندها، الأمورُ قد تختلف وبالتالي ستكونُ خطة عمل “حزب الله” هذه المرة مُوجعة جداً للإسرائيليين، وما يمكن إستنتاجه هو أن الحزب أسّس لقواعد إشتباك جديدة حالياً مفادها إن كل ما يجري في جنوب لبنان سيكونُ مرتبطاً بمجريات المعركة الميدانية في غزة، فإن صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، فإن “حزب الله” في لبنان سيُزيد من وتيرة عملياته أكثر ضد المواقع الإسرائيلية وعلى هذا الأساس سيتمّ تقييم الوضع وإتجاهاته. 
في خلاصة القول، يمكن اعتبار أن الأمور حتى الآن ما زالت مضبوطة، وما يتبين هو أنّ إسرائيل غير قادرة على حسم قدرتها للتوغل ميدانياً في غزة… ما يُنتظر هنا هو ما ستفعله “حماس” إن تحقق التوغل حقاً، وعندها يمكن القول إن المفاجآت ستكون كثيرة، وستعيد الذاكرة إلى حرب تموز 2006 في لبنان حينما باتت أرض الجنوب مقبرة للدبابات الإسرائيلية، والصور لذلك دخلت التاريخ ولن تُحذف من الذاكرة الجماعيّة. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى