ميقاتي يصدم الجميع .. ماذا يحصل؟!
الكل بالطبع لاحظ كيف انهالت التعليقات المعارضة للدعوة للقاء الوزاري الذي اعلن عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الديمان. ولكن المراقب لمصادر تلك التعليقات او المواقف او القراءات يجد انها من نفس النسيج او نفس الرائحة او من نفس المحرك أو لديها ذات الاهداف. وقد يكون الامر بات طبيعياً ومتوقعاً خاصة وان حالة “السبات” العميقة لدى بعض القوى السياسية ، وبروز الحاجة لـ”صدمات كهربائية” – لعل الحس الوطني يعود لسريانه الطبيعي من جديد – دفع وما زال يدفع ميقاتي الى القيام بهذه الصدمات منذ توليه رئاسة الحكومة، وما دعوته من الديمان- مهما كان شكلها- الا موقفا وطنيا جامعا اعتادت الزعامات السنية على اتخاذ خطوات شبيهة له في محطات عدة من باب التأكيد والتطمين والحرص على الشراكة الوطنية في ظرف مصيري، وهو على ذلك يستلزم جرأة كبيرة وثقة عالية بدور رئاسة الحكومة الذي لا يختصر بكرسي في سراي حكومي بل يتعداه الى كل المواقع اللبنانية مهما كان شكلها وانتماؤها وطبيعتها، وكلما دعت الضرورة ، طالما ان الهدف منه رسالة وطنية صرفة تعزز الوحدة واللحمة وتسهم في ازالة الهواجس.
المضحك المبكي في كل ذلك ان “النخوة الوطنية والحس الوطني” لا يجد تجلياته الا في الهجوم على رئيس الحكومة ميقاتي مع العلم – وانعاشاً للذاكرة – ليس وحده الدولة وليس من حكم البلاد والعباد ثلاثين عاماً ، وليس ايضا من حاصص على الوزارات في الحكومات السابقة، ولم يشارك في صنع سياسياتها، ولم يكن لديه اكبر الكتل النيابية عبر مر السنين، ولم يشارك في مناقصات ولا صفقات ولا “ليالي ملاح”ولم يجالس رموز النضال في الصفوف الامامية من زعماء التيارات والاحزاب السياسية ،ولم يفاوض ويقاسم على مركز في ادارات رسمية ومؤسسات رسمية ولم يحتكر وظائف قيادية عليا في الدولة، ولم يعطل انتخابات رئاسة الجمهورية ولم يعطل تشكيل حكومات، ولم يأخذ البلاد في مغامرات غير محسوبة، كما انه لم يعاصر الترويكا ولم يشارك في معادلة الستة وستة مكرر ولم يكن طرف مع فريق ضد آخر ولم يدخل في لعبة الانقسام بين 8 و14 آذار وغيرها الكثير والكثير. ربما خطأه الوحيد انه قبل مهمة رئاسة الحكومة في اصعب مراحل لبنان السياسية ،الاولى كانت لمدة 4 اشهر بُعيد اغتيال الشهيد رفيق الحريري والثانية في العام 2011 ولم تتجاوز مدتها السنتين ونصف السنة تقريبا حيث اتت في ظل انقسام عمودي مذهبي مخيف بين السنة والشيعة وفي ظل تفجر الازمة السورية، ومن ثم مؤخرا ترؤسه حكومة في ظل انهيار البلد على كل المستويات اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بدون عتاد وبعتيد يعمل على القطعة ومعارضة المعارضين والدخلاء على خط المعارضة.
الحقيقة ان كل المعارضات لسياسة رئيس الحكومة بكافة مسمياتها وانتماءاتها لا سيما الكتل النيابية منها لم تلاق معظمها الحكومة ورئيسها الى منتصف الطريق بأي حل معقول، فهي عاجزة عن انتخاب رئيس للجمهورية ، وعاجزة عن اخراج مشاريع القوانين الاصلاحية الى حيز الاقرار وحتى رافضة لتعديلها في حال كانت بنظرها غير مقبولة، ورافضة لاي طريق من طرق المساعدة لتوفير مستلزمات الحياة الاساسية اقله المعيشية الصحية والتربوية منها . فاي دور لنواب البرلمان اذاً، اذا كان على حكومة تصريف الاعمال تحمل المسؤولية وحدها تشريعاً وتنفيذاً وتعييناَ واستخراج الحلول وايضا مسؤولية البت في الملفات الوطنية والاقتصادية والحياتية الحساسة، وفي نفس الوقت عليها الاعتراف والقبول بأنها حكومة غير ميثاقية وغير شرعية وقراراتها غير دستورية ؟!. هي اذا حالة من الانفصام او ربما تذاكي عبر الاختباء خلف اكتاف نجيب ميقاتي عند كل منعطف ،الا ان صمود البلاد منذ تاريخ توليه رئاسة الحكومة وحتى تاريخه رغم ثقل الغلال المعلقة به قد يكون خير رد على الاصوات الشاكية الرافضة والنادبة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook