آخر الأخبارأخبار محلية

هل تستطيع مصر وإيران طي صفحة عقود من التوتر؟ Middle East Eye تُجيب


وسط خلاف استمر لأكثر من أربعة عقود، بدأت المساعي الدبلوماسية الأخيرة لإصلاح العلاقات بين مصر وإيران بالظهور.

 
وبحسب موقع “Middle East Eye” البريطاني، “خلال العام الماضي، أشار العديد من التقارير الإعلامية إلى جهود الدولتين لتحقيق التقارب، إنما لم تحقق هذه الجهود أي نتائج ملموسة حتى الآن. وفي تموز 2022، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن “مصر دولة مهمة في العالم الإسلامي، ونحن نعتبر أن العلاقات الطبيعية والمتطورة بين طهران والقاهرة تصب في صالح البلدين والشعبين والمنطقة”. لكنه قال إنه لم تكن هناك مفاوضات مباشرة مع مصر. إلا أنه في الأشهر القليلة الماضية، يبدو أنه كان هناك المزيد من الزخم في هذا الشأن. في أيار، قال نائب إيراني لوكالة تسنيم للأنباء إن المفاوضات الإيرانية المصرية جارية في العراق، مع وعد باستئناف العلاقات الثنائية في المستقبل القريب. وبعد شهرين، أشار دبلوماسي إيراني إلى أن طهران والقاهرة تعملان للارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى السفراء”.

وتابع الموقع، “إلا أن أقوى رسالة حتى الآن جاءت في أيار الماضي من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي أعلن انفتاح طهران على تحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وأثناء لقاءه مع سلطان عمان، خلق بيانه انطباعًا بأن مسقط يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في المحادثات. إن كل هذه التطورات تشير إلى تقدم كبير في جهود تطبيع العلاقات بين إيران ومصر. ومع ذلك، نفت الأخيرة أي مناقشات بشأن التطبيع مع إيران”.

ورأى الموقع أن “هذا التناقض قد يشير إلى أن القاهرة تختبر الوضع مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. عوضاً عن ذلك، يمكن لمصر أن تضع نفسها كلاعب مهم لن يتأثر بسهولة بمجرد الحديث عن التطبيع، إنما تطالب بتنازلات أكثر أهمية. بغض النظر، ورد أن الطرفين التقيا في العراق في وقت سابق من هذا العام، تلتها رحلة قام بها رئيس الوزراء العراقي إلى مصر في حزيران لمناقشة إمكانية المصالحة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”.

الدور الإقليمي
بحسب الموقع، “قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، وتبدو المناقشات الحالية حول التطبيع المحتمل منطقية في سياق خفض التصعيد غير المسبوق في كل أنحاء الشرق الأوسط. فقد قام العديد من اللاعبين الإقليميين بتطبيع العلاقات على مدار العامين الماضيين، بما في ذلك مصر مع كل من قطر وتركيا، وإيران مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يجب النظر إلى محادثات التطبيع بين مصر وإيران في سياق الديناميكيات الخليجية والعلاقات المصرية الخليجية”.

وتابع الموقع، “تقليديا، استفادت القاهرة من التوترات الإيرانية الخليجية للارتقاء بدورها الإقليمي، حيث قدمت نفسها كحارس إقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي. وبالتالي، امتنعت القاهرة باستمرار عن تطبيع علاقاتها مع طهران، متوقعة مكاسب في المقابل، بما في ذلك الدعم المالي. ورداً على ذلك، استغل الإيرانيون هذا الموقف للعب دور أكبر في القضية الفلسطينية وكسب التأييد في أوساط الجمهور العربي. لكن الديناميكيات الإقليمية تغيرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة”.
وأضاف الموقع، “فقد أظهرت حرب اليمن للأنظمة الخليجية أن الدعم المصري ضد إيران كان خطابيًا أكثر منه جوهريًا. فكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا ترغبان في مواصلة تقديم الدعم المالي للنظام المصري كما فعلتا على مدار العقد الماضي، ما شكل ضغطاً على الحكومة المصرية والذي دفعها إلى إيجاد بدائل منها التطبيع مع دول مثل تركيا، وربما إيران. وبالمثل، أدى تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية والإمارات إلى تعطيل استراتيجية القاهرة التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، تتوقع العديد من الدول الإقليمية أن تقوم الولايات المتحدة في نهاية المطاف بإبرام صفقة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مما قد يضع جانباً مصالح اللاعبين الإقليميين”.

التعاون الجيوسياسي
وبحسب الموقع، “في غضون ذلك، تهدف طهران إلى استخدام التقدم الذي أحرزته في العلاقات مع المملكة العربية السعودية لكسب مزايا إقليمية. فهذا التقارب يزيل حاجزًا كبيرًا، مما يسمح لطهران باستهداف مصر باعتبارها الشريك المحتمل التالي للتطبيع، وربما الأردن أيضًا. ويوفر تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا دافعًا إضافيًا لطهران لتسريع تواصلها مع القاهرة، فلطالما خشيت إيران من أن يؤدي المحور التركي المصري الخليجي إلى تقليص نفوذها الإقليمي. علاوة على ذلك، يمكن لعلاقة أوثق مع مصر أن تساعد طهران في مواجهة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وإسرائيل لعزل إيران وتصويرها على أنها لاعب “فاسد”.”
وتابع الموقع، “يمكن للتطبيع أن يعزز سمعة إيران في العالم العربي ويفتح الباب أمام زيادة التعاون الجيوسياسي. وتسعى إيران إلى حماية نفسها من تداعيات هجوم إسرائيلي محتمل على برنامجها النووي من خلال توسيع نفوذها في العالم العربي والإسلامي وعزل إسرائيل، ومن شأن هذا التواصل مع الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية ومصر، أن يخدم هذه الاستراتيجية. إلى جانب الشق الجيوسياسي، تواجه القاهرة وطهران تحديات مالية شديدة، مما يدفع إلى رغبتهما في إعادة تقييم العلاقات. فوسط المصاعب الاقتصادية الهائلة والتضخم القياسي، وافقت مصر على القروض والدعم الدوليين، بشرط تطبيق الإصلاحات الإلزامية. من جانبها، لا تزال إيران ترزح تحت وطأة العقوبات الأميركية، وبالتالي يمكن أن يفتح التطبيع بين هاتين الدولتين طرقًا للتعاون الاقتصادي الحاسم”.
وأضاف الموقع، “بالنظر إلى أن إيران يمكن أن تجني فوائد اقتصادية وجيوسياسية أكبر من التطبيع، فمن المرجح أن تطلب القاهرة سعرًا مرتفعًا. العملية ليست خالية من التحديات ولا يمكن تجاهل العبء التاريخي والعداوة العميقة الجذور بين مصر وإيران، كما وقد تؤثر الديناميكيات الإقليمية المعقدة على مسار العملية. في الوقت نفسه، تقدم التطورات الأخيرة والديناميكيات الإقليمية المتغيرة بصيص أمل، في ظل بيئة مواتية للحوار والمصالحة. ويُعد تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي حافزًا مقنعًا لكل من مصر وإيران للسعي إلى علاقة أوثق”.
وختم الموقع، “ستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان بإمكانهما التغلب على العقبات وبدء فصل جديد”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى