آخر الأخبارأخبار محلية

لا حوارَ مجديًا إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية

من حيث المبدأ لا يمكن لأحد أن يكون ضد الحوار في المطلق، خصوصًا إذا كان هدفه التوصّل إلى تفاهمات حول بعض المواضيع الخلافية، التي لا يمكن حلّها إلاّ إذا طرح كل فريق هواجسه وطروحاته على طاولة البحث بكل شفافية وصراحة. ومن دون هذه المصارحة لا يمكن إتمام المصالحة الحقيقية. 

 

أمّا إذا كان هدف الحوار غير محدّد الأهداف وغير واضح المعالم فإنه لن يؤدّي سوى إلى مزيد من تضييع الوقت، وإلى مزيد من المزايدات، وإلى مزيد من المساومات، التي لن توصل إلى أبعد مما نحن فيه الآن. 

 

فالحوار، الذي لا ينفكّ يدعو إليه “حزب الله” وفق مواصفات معينة، لن يؤدّي إلى أي مكان، خصوصًا إذا كان الهدف، كما هو واضح، إقناع الآخرين بصوابية ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية. فمثل هكذا حوارات جُرّبت في الماضي ولم تنجح. 

 

جُرّبت في جنيف ولوزان.  
جُرّبت ما بين العامين 2002 و2003، بين “حزب الله” والرئيس الشهيد رفيق الحريري.  
جُرّبت في العام 2006 عندما دعا الرئيس نبيه بري جميع الأفرقاء إلى طاولة حوار في مجلس النواب. 
جُرّب هكذا نوع من الحوارات سنة 2008 في الدوحة. 
جُرّب الحوار بين الرئيس سعد الحريري و”حزب الله” بين عامي 2008 و2010. 
في العام 2012 تلاقى الجميع إلى طاولة الحوار في قصر بعبدا بناء على دعوة من الرئيس ميشال سليمان. 

 

في كل هذه الحوارات، وفق ما تقول مصادر في 14 آذار، كان “حزب الله” الطرف الأقوى في المعادلات السياسية، وحاول في كل هذه المحاولات فرض معادلته الاستراتيجية، والتي كانت قائمة على ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”، ونجح في تمريرها في كل البيانات الوزارية، ولكن كل هذه الحوارات لم تؤدّ إلى أي نتيجة عملية، وكانت طاولات الحوار تنتهي بأجواء أسوأ مما كانت عليه قبل بدء مثل هكذا حوارات. 
واستنادًا إلى ما تقوله هذه المصادر فإن اتفاق الطائف هو الوحيد، الذي أدّى إلى نتيجة عملية، فتوقفت الحرب، التي شلّعت لبنان، وانتهى بتوافق لبناني – لبناني، وبرعاية عربية ودولية، على رغم عدم تطبيق ما تمّ الاتفاق عليه في مدينة الطائف من بنود كان يمكن أن توصل إلى غير ما وصل إليه اللبنانيون لو طُبّقت كامل بنوده، وأهمها بند اللامركزية الإدارية وإلغاء الطائفية السياسية وبسط سلطة الدولة بجيشها الشرعي على كامل التراب اللبناني. 

 

ففي اتفاق الطائف لم يكن، كما تقول المصادر نفسها، أي ممن يفرضون اليوم الشروط، ممثلين في الندوة البرلمانية. ولو كانوا موجودين كما هم اليوم لما تمّ التوصّل إلى ما توصّل إليه اللبنانيون لجهة انهاء بعضٍ من أشكال الحرب، التي استمرّت، وإن بأشكال غير دموية. 
أمّا”الثنائي الشيعي”، الذي لا يزال يدعو إلى الحوار، وإن طلب الأمين العام لـ” حزب الله” السيد حسن نصرالله في آخر إطلالة له من قياديي “الحزب” التقليل من الدعوات المفتوحة إليه، فتؤكد مصادره أن الحوار المطلوب غير مشروط وغير مقيّد، إذ أن المطلوب من جميع الأفرقاء اللبنانيين الذهاب إليه من دون أفكار مسبقة، ومن دون محاسبة الآخرين على النوايا. 

 

أمّا القول بأن نصرالله وضع شرطًا للحوار من خلال تمسّكه بترشيح فرنجية حتى الآخر فهو ينطبق على الفريق الآخر، الذي لديه مرشح، وهو الوزير جهاد ازعور. 
في المقابل فإن مصادر سياسية تعتبر نفسها محايدة تدعو إلى حسم هذا الجدال عبر صندوقة الاقتراع، وفي دورات متتالية لمجلس النواب، وليفز من يستطيع أن يؤّمن في الدورة الثانية والثالثة وحتى الرابعة عشرة مثلًا نصف الأصوات زائد واحدًا، تمامًا كما حصل مع الرئيس سليمان فرنجية الجدّ، الذي فاز بالرئاسة بفارق صوت واحد، على أن تكون أولى مهام الرئيس المنتخب ديمقراطيًا ودستوريًا ووفق الأصول، الدعوة إلى طاولة حوار في قصر بعبدا وليس في أي مكان آخر، ولتطرح على هذه الطاولة كل الأمور الخلافية وكل الهواجس والخروج بخلاصة واحدة، يُعاد على أساسها تكوين السلطة العتيدة، التي ستوكل إليها مهمة انتشال البلاد من فوضاها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. أمّا كل ما عدا ذلك فتضييع للوقت. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى