جلسة الغد: أربعة تحديات لمجلس لا يشبه ما سبقه

أولاً، سيكون من الوهم والجنون توقّع انقلاب في الإدارة الدستورية للبلاد مع المجلس الجديد. وسيُصدم كثيرون بنوع التحالفات التي ستواكب عملية انتخاب رؤساء اللجان النيابية ومقرّريها وأعضائها، الى جانب هيئة مكتب المجلس. الأمر لا يتعلق بالمواقف المبدئية، بل بضرورات الإدارة اليومية لهذا البيت الذي سيعيش فيه هؤلاء لأربع سنوات. حتى من يرفض ويرفع الصوت ويجادل سيكون مضطرّاً إلى تحمّل بديهيات العمل في هذه المؤسسة، لأن جوهر الأمر ليس في هذا الجانب الشكلي.
ثانياً، ستكون أمام القوى السياسية كافةً بنود واضحة لجدول أعمال حقيقي متّصل بالانهيار القائم. ماذا يمكنهم أن يفعلوا في مواجهة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية؟ وكيف يمكنهم إقناع الناس بأنّ التغيير ممكن من خلال مجلس النواب؟ وبما أنّ معظم المعارضين للتسوية التي ستعيد بري الى رئاسة المجلس، سيستمرون في الحملة السياسية التي بدأوها في الانتخابات النيابية، فإنّ علينا عدم توقّع عمل تشريعي حقيقي ونوعي. وبالتالي، يجب أن ينتبه النواب الجدد الى أنهم تحت الأنظار أكثر من الآخرين، وخصوصاً من يملكون مؤهّلات تسمح لهم بطروحات تتصل بأصل المشكلة التي تعيق بناء دولة عادلة.
ثالثاً، سيكون من الصعب على ثائرين التخلّي عن القبضة المرفوعة والصوت الهادر، وسيتصرّفون لوقت طويل على أن الجموع تقف خارج المجلس تستمع إليهم بمعزل عما يحققونه من إنجازات، لكن مشكلة هؤلاء هي في عدم قدرتهم – أقلّه حتى اليوم – على إظهار برنامج مرحلي فيه قدر عالٍ من التوافق في ما بينهم للتصرف إزاء أولويات تهمّ الناس في عيشهم اليومي. رابعاً، سنكون أمام مجلس نيابي يتصرّف على أنه في مواجهة استحقاقات كبيرة. تتّصل بالحكومة الجديدة، وبالاستعداد للانتخابات الرئاسية بعد بضعة أشهر، وبالموقف من التجاذب السياسي حول موقع لبنان في الصراعات القائمة في الإقليم. وليس مستغرباً أن يستمر السجال أو أن يحتدّ. لكنّ المشكلة ستكون قائمة في ما لو فكر بعض هذه القوى أن المجلس النيابي يصلح لإحداث تغييرات جوهرية في مسار الاتصالات اللبنانية والإقليمية والدولية الخاصة بتأليف الحكومة وانتخاب الرئيس الجديد، وما بينهما من مشاريع لاستجلاب أموال تنعش اقتصاد البلاد، ما يقودنا إلى استنتاج بأن المجلس قد يكون معطلاً من الناحية التشريعية، أو أن يتحوّل إلى منبر لخطب لا تفيد في شيء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook