النساء يمتطين الدراجات النارية في استفزاز جديد للنظام
كانت النساء في مقدمة موجة الاحتجاجات التي انطلقت في إيران منذ أيلول/ سبتمبر 2022 وقمن بنزع الحجاب وها هن اليوم يقدن الدراجات النارية. حيث ما انفك عدد الإيرانيات اللاتي يتحدين منع السلطات قيادة الدراجات النارية من الزيادة، وذلك في تحد جديد للنظام. وينشرن صورهن على وسائل التواصل الاجتماعي ليجعلن من هذه الخطوة “نضالا من أجل الحقوق المدنية” حسب تأكيد مراقبتنا.
نشرت في: 31/05/2023 – 13:02
قبل الثورة الإسلامية في سنة 1979، كان للإيرانيات الحق في قيادة الدراجات النارية ولكن ذلك تحول إلى نقطة غير واضحة في القانون الجزائي بعد ذلك. حيث لا ينص القانون الإيراني على أي منع صريح للنساء من الحصول على رخصة قيادة الدراجات النارية ولكن لا يوجد أي نص يضمن هذا الحق للنساء. في واقع الحال، دائما ما ترفض السلطات الإيرانية منح رخصة قيادة الدراجات للنساء.
وفي خضم هذه المفارقة يؤكد محامون وناشطون في إيران أن للنساء الحق في قيادة كل أنواع العربات في إيران ولهن الحق في ركوب الدراجات النارية كمرافقات.
كان من النادر رؤية نساء يقدن دراجات نارية في شوارع إيران قبل عام، لكن الظاهرة بدأت تتمدد في المدن الكبرى وخصوصا منها العاصمة طهران. وهو ما تؤكده صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأخرى أرسلها لنا مراقبونا في إيران.
تندرج هذه الحركة بوضوح في سياق موجة الاحتجاجات التي اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني في 13 أيلول/ سبتمبر 2022 لدى احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، وكانت هذه المظاهرات الأكبر من نوعها منذ قيام الجمهورية الإسلامية والتي شاهدنا فيها النساء يفرضن حريتهن خصوصا عدم الالتزام بإجبارية ارتداء الحجاب.
“لدي انطباع بأننا حققنا حضورا عاديا في الشارع”
نازنين (اسم مستعار) هي شابة إيرانية تذهب إلى مقر عملها كل يوم عبر دراجتها النارية وتروي قائلة:
بدأت رغبتي في قيادة دراجة نارية منذ 15 عاما عندما كنت مراهقة. في تلك الفترة، لم يكن ذلك ممكنا. ولكن منذ خمس سنوات قرأت مقالا عن إيرانية قامت بجولة حول العالم على دراجة نارية وبالصدفة، في نفس تلك الفترة، رأيت امرأة في حينا تقود دراجة نارية جميلة. كانت المرة الوحيدة في حياتي التي رأيت فيها امرأة تقود دراجة نارية في إيران وقلت في نفسي: لم لا أقود دراجة مثلها؟
استلفت دراجة نارية من صديق وبدأت في التدرب على قيادتها في شارع بيتي. وبعد مرور خمسة أشهر، اشتريت دراجة نارية.
لم يعجب الأمر عائلتي وكان أبي وزوجي متخوفين من أن توقفني الشرطة بما أنني لا أملك رخصة سياقتها. في البداية، كانوا يعتقدون أنني سأستخدمها في نهاية الأسبوع من أجل الاستمتاع، لكنهم رأوني أستخدمها كل يوم. انتهى بهم الأمر لتقبل الوضع بأنني امرأة بالغة تعي جيدا المخاطر. من حقي أن استخدم وسيلة النقل التي يحق لكل نساء العالم استخدامها حتى وإن كان ذلك غير مرخص به في بلدي.
دائما ما أتلقى الكثير من ردود الفعل عندما أتجول بدراجتي النارية وسأقول إنها إيجابية ومشجعة بنسبة 80 بالمئة. ولكن منذ بداية المظاهرات بعد وفاة مهسا أميني، أعتقد أنني فرضت “وجودا عاديا” في الشارع. أتلقى عددا أقل من ردود الفعل إيجابية كانت أو سلبية. تقبل الناس الأمر على أنه عادي، إنه أمر مذهل. والدليل على ذلك كانت مع بداية المظاهرات في البلاد وكثيرا ما أسمع “امرأة، حياة، حرية” لدى عبوري الشارع عبر دراجتي، والآن قليلا ما يتردد هذا الشعار عندما أكون أمام مقودها.
“على الدارجة، أرتدي لباسا يشبه أزياء الرجال حتى لا أثير الشكوك”
لكن الخوف ما يزال يراودني بشأن إمكانية تعرضي للتوقيف عندما أمر في شوارع كثيرا ما يوجد فيها رجال الشرطة. في خمسة أعوام، لم يتم إيقافي سوى مرتين. وبشكل غريب، طلب مني رجال الشرطة مدهم برخصة السياقة، كما لو أن للنساء الحق في الحصول عليها. في المرة الأولى، طلب مني الشرطي أوراق الدراجة ووثيقة التأمين التي كانت معي واكتفى بفرض غرامة على مرافقي الذي لم يكن يرتدي خوذة سلامة. في المرة الثانية، أعتقد أن الشرطي أعجب به وتركني أمضي في حال سبيلي بعد دقائق.
طالما ارتديت ثيابا تشبه لباس الأولاد حتى لا أثير الشكوك. من جهة، كان الأمر جيدا لأنني كنت أشعر بأنني حرة. ولكن من جهة أخرى، كنت أشعر أن ذلك يمثل خطرا علي، إذ حالما يعرف باقي سائقي العربات الأخرى أن فتاة تقود الدراجة النارية يتصرفون بشكل أفضل. ولكن عندما يعتقدون أنني رجل، يقودون عرباتهم كالمجانين.
بناء على ما عاينته، فإن النساء لا ينظرن إلى الدراجات النارية كطريقة للهو. أرى عددا كبيرا من النساء يستخدمنها كوسيلة نقل للذهاب إلى العمل أو قضاء الشؤون. عدد النسوة اللاتي يقدن الدراجات النارية يرتفع تدريجيا خلال السنوات الأخيرة. ولكن منذ بداية الاحتجاجات، أرى عددا أكبر من النساء على متن دراجات نارية في الشوارع وذلك يعد رمزا للشجاعة.
أعتقد أن الأمر أصبح يشبه الحجاب. كثير من النساء لا يردن ارتداءه، ولكن لم تكن لهن الجرأة لنزعه. ولكن بعد مظاهرات العام الماضي، استجمع عدد كبير من النساء الشجاعة لنزع الحجاب الإسلامي. والأمر ذاته ينطبق على الدراجة النارية، فكثير من النساء كن يردن قيادة دراجة نارية والآن أصبحت لهن الشجاعة للقيام بذلك. الأمران يندرجان في إطار الحقوق المدنية.
منذ العام الماضي، أحاول أن يراني الناس في الشارع، وألتقط صورة لنفسي وأنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصر على أن أذهب إلى عملي كل يوم. يدخل ذلك في إطار كفاحي اليومي من أجل حقوقي.
حسب القانون الإيراني، يمكن أن تصل عقوبة قيادة دراجة نارية دون رخصة إلى السجن لمدة تصل إلى شهرين وإلى ثمانية أشهر في حال العود. ولكن يوجد عدد نادر من النساء اللواتي تعرضن للملاحقة القضائية بسبب قيادة دراجة نارية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook