آخر الأخبارأخبار محلية

باسيل كسر الجرّة.. هل إنتقل حزب الله إلى مرحلة المواجهة؟

بصراحةٍ مُعلنة، أكد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “توافقه مع المعارضة على مرشح لرئاسة الجمهورية”، ولكن من دون أن يُسمّ الشخصية التي وقع الخيارُ عليها.  

كلامُ باسيل هذا جاء في حديثٍ نشرته صحيفة “القبس” الكويتية، أمس الإثنين، ومن خلاله جرى خلط أوراقٍ كثيرة. فرئيس “التيَّار” وبتصريحه الأخير يشيرُ علناً إلى أنه بات في “صف المعارضة” بعيداً عن “حزب الله” الذي “كسر الجرّة معه”. أما على صعيد ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي تتبناه قوى المُعارضة، فقد بقيَ باسيل مُتحفظاً بشأنه، فلم يؤكد حسم اختياره للأخير من عدمه، وقال: “من ناحية الأسماء فالموضوع قد اكتمل. التيار لم يسمّ أي مرشح وكنا نوافق على أسماء يتم طرحها وأخرى نرفضها، وتقاطعنا على أسماء لديها قابلية للتوافق. لا أتفرد وأعلن عن هذه الأسماء فليس في ذلك أي سبق صحافي او سياسي، وكل ما يقال عن موعد إعلان المرشح وعن انتظار التيار كلام إعلامي”. وأضاف: “كان  أزعور من بين الأسماء التي وافقت عليها، وهناك آخرون غيره أوافق عليهم”. 

في الواقع، يظهرُ أمران أساسيان من كلام باسيل هذا، فالأول يؤكد أنّ الأخير بات في “الضفة” البعيدة عن “حزب الله”. أما الأمر الثاني فيوحي بأنّ نقاش “التيار” مع المعارضة بشأن الأسماء لم ينتهِ بعد، وبالتالي البحثُ ما زالَ مستمراً سواءً بأزعور أم بغيره، ولهذا السبب لم يُعلن باسيل الموقف الحاسم بشأن المرشح المذكور. وعليه، فإن ما يتبيّن من كلام رئيس “التيار” هو أن هناك “سلة أسماء” تمّ الإتفاق عليها مع المعارضة وبالتالي يمكن البحث و”الغربلة” ضمنها من دون تثبيت إسم واحدٍ حالياً. حقاً، هذا ما يُظهره كلام باسيل الحرفي، أما الممارسة فقد تختلف ومن المُمكن أن يتجه باسيل لحسم خياراته نهائياً، إما بشأن أزعور أو بغيره من الأسماء التي يتحدث عنها. 

أمام هذا الواقع، يمكن القول أنّ المعركة “إشتدت” بقوّة بين “حزب الله” و “التيار الوطني الحر” في الملف الرئاسي، ومن الممكن أن يأخذ الخطاب منحى تصعيدياً أكبر خلال الساعات المُقبلة. ضُمنياً، وفي الأيام القليلة الماضية، بدا جلياً وواضحاً رفعُ “حزب الله” سقف نبرته الخطابية السياسية تجاه معظم الأطراف لاسيما “التيار الوطني الحر”، والسؤال الأساس الذي يُطرح هنا هو التالي: هل انتقلَ الحزبُ إلى “المواجهة الفعليّة” في الملف الرئاسي؟ وماذا عن العلاقة مع التيار؟ 

يوم أمس، أكّد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أنَّ “معيار الرئيس المسيحي الوطني الجامع أفضل للبنان من رئيسٍ للمواجهة بخلفيّة طائفية”، وأضاف: “حررِّوا انتخاب الرئيس من لعبة المصالح الضيِّقة وتعالوا ننتخب رئيساً حُرَّاَ ينقذُ البلد ولا يكون أسيرَ من انتخبه”.  

في هذا الكلام، تأتي رسالة قاسم باتجاهِ أطراف المعارضة التي وجدت نفسها في خطّ واحد تجاه ترشيح أزعور، فبالنسبة لـ”حزب الله” يُمكن أن يمثل هذا الترشيح تحدّياً جديداً له أسوة بما حصل حينما تم ترشيح النائب ميشال معوّض للرئاسة. هنا، بات الحزب يستشعرُ أن هناك إنقضاضاً عليه مُجدداً في الترشيحات، فيما لا وجود لأي بوادر للحوار للإتفاق على مُرشّح، سواء أكان فرنجية أم غيره. من هذا المنطلق، قرّر الحزبُ تصعيد خطابه، إذ تقولُ مصادر أوساطٌ مقربة منه إنه “لا يمكن السكوت فيما الآخرون يلجأون إلى زيادة التحدّي والذهاب نحو مُبارزة واضحة تضربُ أساس عملية الإنتخاب”، وتضيف: “لو كانت هناك مبادرات حوارية من أطرافٍ أخرى، لكان سقف التعاطي مقبولاً ولكان التلاقي تحقّق ولو بالحدّ الأدنى. لو كان البعض يريد الحوار وانتخاب رئيس، لكانوا أبلغونا بمناقشة الأسماء الموجودة لديهم. حتماً، هذا الأمر لم يحصل، وما يتبين هو أن الإتفاق الذي حصل بين أطراف المعارضة هدفه الذهاب بالمرشح فوراً إلى المجلس النيابي من دون اتخاذ خطوة توافقية بالحد الأدنى سواء عليه أو على أسماء أخرى، وهنا يكمن بيت القصيد المُرتبط بالتحدي”.  

أمام هذه المشهدية، بات واضحاً أن الحزبَ يعملُ الآن وفق معيارين: الأول وهو زيادة منسوب الخطاب تدريجياً كلما استدعت الحاجة وتحديداً عندما يرى أنّ التحدي يزداد في المقابل. أما المعيار الثاني فهو العملُ على “تحصين” مرشحه رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية بالمزيد من الأصوات وذلك لـ”كسر” مرشح المعارضة . حتماً، هذا ما يصبو إليه الحزب ضمنياً، لكن هذا الأمر لم يتحقّق حتى الساعة، في وقتٍ ترى الأوساط المقربة منه أن المعارضة لم تتمكن أيضاً من جمعِ 65 صوتاً لمرشحها، وبالتالي “المبارزة” ستكون خاسرة للطرفين. إلا أنه ورغم ذلك، فإن الحزب يعمل على زيادة دعم فرنجية وهذا ما ألمحَ إليه الشيخ نعيم قاسم يوم أمس، حينما قال: “منذ البداية، إنطلق ترشيح فرنجية من عددٍ وازن وهو إلى زيادة”.

 

في هذا السياق، تكشف المعلومات أنّ الحزب يسعى إلى تكثيف إتصالاته مع مختلف الكتل والمُستقلين لمُضاعفة عدد المؤيدين لفرنجية، وحينما يصلُ إلى عددٍ وازن للأخير، سيكون هذا الأمر مقدّمة للوصول إلى إنتخاب فعلي. بالنسبة للمصادر، فإن الحزب قد لا يُمانع الذهاب إلى جلسة إنتخابيّة حتى لو لم تكن هناك أعدادٌ مؤمنة وكافية لمرشحه، وتضيف: “الحزب لا يمانع ذلك أصلاً ولم يرفض حصول جلسة إنتخابية سينكشف خلالها وزن المرشحين الآخرين. وفعلياً، فإن الرهان لا يرتبط بالجلسة الأولى بل بالتي ستأتي بعدها، وبالتالي لا رئيس في 15 حزيران كما يروج البعض”.  وتُكمل المصادر: “في الوقت نفسها، قد يكون الحزب أمام سيناريو آخر يتصل بإقصاء الجلسة ريثما يُحصن مرشحه تجنباً لحرقه، وهذا الأمر قد تفعلهُ الكتل الأخرى لمرشحها، ومن الممكن أن تكون المبارزة قاسية جداً وقد ترتبط بها مفاجآت يمكن أن تقلب الموازين”.  

ماذا عن العلاقة مع “الوطني الحر”؟ 

وسط كل ذلك، يمكن القول إن “العين باتت حمراء” من “حزب الله” تجاه “التيار”، فـ”الإرتماء” في أحضان المعارضة بهذا الشكل سيزيدُ من التباعد أكثر فأكثر. أما المعضلة الأكبر فتتصلُ باعتبار باسيل أنّ أداء “الثنائي الشيعي” يساهم بـ”الإحتقان”. هذا الكلام قد يدفعُ الحزب إلى تصعيد خطابه أكثر ضدّ “التيار”، ومن الممكن أن تزيدَ الشروط المضادة بين الطرفين. فعلى صعيد الحزب، فإن أوساطهُ تقول إن “الأمور باتت الآن أصعب بكثير من السابق، ومن الصعب جداً منح باسيل الآن ما عُرِض عليه سابقاً”، وتضيف: “حينما عُرض على باسيل البحث بخيار فرنجية، كانت هناك خيارات عديدة لكنه رفضها. والأساس اليوم هو أن أي لقاء يريده باسيل يجب أن يكون مقترناً بتغيير التوجه، وإن لم يكن هذا الأمرُ قائماً فبالتالي لا إجتماع مع الحزب”.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى